محمد قطب أبو جبل علي .. صعايدة يا رسول الله

أول كلام بذكر الله .. بعدين بمدح نبينا .. الله موجود ولا غيره سواه .. هو خلقنا متكفّي بينا

“ولدي دا حبيب عمري” .. هكذا اختصرت سيدة من الصعيد علاقتها بحارس منتخب مصر الصلب محمد أبو جبل. كصخر الجبل ثابت .. كِشر بعضم  ناشف، صاحب نظرة صعيدية ثابتة، كالنازحين إلى القاهرة من بلدته أسيوط إلى محطة قطار رمسيس، يحملون على أكتافهم مشنّة بها غيارين من الملابس، حالفين ألا يعودوا إلى قريتهم إلا والمجد صاحبهم .. هؤلاء العارفين أين هم ذاهبون مهما طال الزمن أو قصر، مهما واجهو ا من حفر وعفار القاهرة الصعبة ، مهما رشقوا بالطوب أحيانًا، وبالكلمات أحيانًا قليلة .. هؤلاء الوحوش الراقدون تحت الرماد ينتظرون الفرصة ليفترسوها، الكالحون في الثبات على المبدأ .. (المتبّتين) لينتظر يوم يأتي فيه فرج الله من أوسع أبوابه ، المتسلطنين بأصوات ياسين التهامي وتترات علي الحجّار بلهجتهم .. الذين يطرقون الأبواب حتى يمل من اخترع الملل، ويخجل الحظ من نفسه فيعتذر قائلًا : أهلًا يا رجال .. هنيئًا لكم .. فقد هزمتوني ، هؤلاء الذين إذا وجدوا كارثة شمّروا أكمام الجلباب قائلين في أنفسهم : يا أهلًا بالمعارك ! .. شخصيات لا تهزها نفسيًا حشد من الجمهور يجلس من المدرجات، هم يرون ما لا يراهم غيرهم .. مولودن من أجل تحقيق الهدف، من أجل هزيمة أي منافس، وبالأخص هزيمة أنفسهم!

واقف في وش الرياح .. ماوقفش تجديفك .. لا الروح تعبت ولا .. كلّت مجاديفك

بنظرة عامة، وعندما تتبّع مسيرة جبل مصر، محمد أبو جبل، ستكتشف دون شك أن هذا الذي صدمته القاهرة بزخمها وزحامها وسخافتها وقسوتها، وما زال ثابتًا في مكانه، بل وفتح الله له الأبواب من عنده بعد جلد الصابرين، ستكتشف أنه بالتأكيد قادمًا من صعيد مصر .. ولن أحكي لك عن القادمين من الصفر فتسلقوا ووصلوا إلى قمة المجد، بل إن مسيرته توحي بلاعب عاش عمره كله في المنطقة الوسط، الرمادية المشكوك فيها، من نادي في منتصف الجدول ، إلى ناديه الزمالك ، إلى إعارة ، إلى شكوك في مستواه فالنزول مرة أخرى لمنتصف الجدول، إلى الصعود مرة أخرى للزمالك على باتفاق أنه حارث ثالث لا دور له تقريبًا، فيلعب القدر لعبته كي ينصف الذين أنّت أقدامهم من الوقوف منتظرين، ويتصدر المشهد، فيمسك في الفرصة (بإيديه وسنانه) ، متحملًا الغل والدسائس من القريب قبل الغريب ، من زميل ناديه الذي حاول التقليل من شأنه وإبعاده بشكل أو بآخر عن الوقوف للمنتخب، ليغلق الصعيدي أذنيه ويؤمن أن العمل قادر على درئ الأحقاد إلى أصحابها، وأن بلدينا في الصعيد ينتظر الفرحة التي ستأتيه من ابن أسيوط .. تلك المنطقة الوسط القادرة على سحب صاحبها في دوامة الثبات هي أكثر خطورة من المنطقة الصفر الذي يظل صاحبها مشحونًا بطاقة الإنجاز، وهي أصعب المناطق التي تغلب عليها الصعيدي،  ليلعب القدر لعبته مرة ثانية ويصعد بالجبل في مشهد صعب بعد إصابة حارس كبير، الشكوك تحاوط جبل طوال مسيرته، فيطمئن نفسه أولًا قبل الجميع ويحمل مسؤولية الـ 120 مليون، ويقول لنا : لا تقلقوا .. نحن صعايدة .. صعايدة يا رسول الله !

إقرأ أيضا

مدارس تعليم تصميم الأزياء في مصر “قصة النجاح الأول الذي وصل للعالمية”