الأب الروحي لحكم الملالي في إيران.. تأثر به الخميني وحاول أن يفعلها بمصر

تشهد إيران مظاهرات احتجاجية بدأت يوم 28 ديسمبر من العام 2017 م ، ضد حكم الملالي، وذلك احتجاجًا على البطالة والفقر وارتفاع الأسعار يرافقها شعارات ومتطلبات اقتصادية، ووصل سقف المطالب إلى الهتاف بموت خامنئي وسقوط حكم النظام الإيراني الذي يسيطر على البلاد منذ وصول الخميني.
من قبل الثورة في إيران وحتى نجاحها، لم يكن الخميني مدرسةً في لعبة السياسة، وإنما كان تلميذاً نجيباً لمدرسة مجتبى ميرلوحي، المعروف بـ “مجتبى نواب صفوي”.
على الرغم من نجاح الخميني في السياسة، لكنه سار على ما رسمه “نواب صفوي” من أفكار رسمت لاحقاً مستقبل إيران سياسياً ودينياً وخارجياً.
ظهر نواب صفوي في أواخر الأربعينيات دون أي مقدمات تذكر على الساحة العربية، غير أنه أبرز الشيوخ الشيعة الشباب الذي يرفضون تقسيم المسلمين إلى سنة وشيعة.

إلا أن دراسته جعلت منه شخصية متشعبة العلاقات، فقد كانت زميلاً لشاه إيران محمد رضا بهلوي، والرئيس السوري أديب الشيشكلي، وياسر عرفات، كما كان من المتعرفين على سيد قطب.
كان مشروعه الأصلي، يتلخص في إسقاط حكم آل بهلوي في إيران، ثم عمل شبكة علاقات سياسية وثورية مع الدول المختلفة للاعتراف بثورته، وأدرك أن تحقيق مشروعه لابد له من ركائز إعلامية وهي فرصة لن يجدها إلا في مصر.

الإطلاع على مذكرات القرضاوي، تجد فيها أن نواب صفوي مع الإخوان المسلمين ثنائياً متناغماً بدأت على مستوى الشارع في 12 يناير سنة 1954 م
و قابله عمر التلمساني، وقام بإلقاء كلمة في مؤتمره مع شباب الإخوان بجامعة القاهرة، كما أنه كان المتحدث الرئيسي في لقاء جماهيري إخواني بجامعة القاهرة حيث أعلن من خلاله مسؤولية حركته عن اغتيال رئيس الوزراء الإيراني السابق علی رزم‌ آرا.

وذكر القرضاوي أن لقاء نواب بالإخوان قوبل بهجوم على المتجمعين من أعضاء هيئة التحرير الحزب الجديد، الذي أنشأته ثورة يوليو، ليستغنوا به عن المساندة الشعبية للإخوان، وليكون سندهم الشعبي في تأييد قراراتهم السياسية، وفي الانتخابات في المستقبل، وهو الذي تطور بعد ذلك إلى الاتحاد القومي، ثم انتهى إلى الاتحاد الاشتراكي.

علاقة الإخوان معه كانت علاقة قوية ومتينة لاتفاق الاثنين في الخفاء ، فكلاهما له منهج واحد وهو الحسم بالدم .
بهذا المركز المتوطد له ، دخل إلى التأثير في الشأن السوري عن طريق رجل الجماعة هناك مصطفى السباعي وهو أحد قادة الإخوان الكبار في دمشق ، حيث أرسل لنواب صفوي رسالة يؤكد له فيها أن الشباب الشيعي ينضم للعلمانيين والقوميين ، فخطب خطبة كبيرةً هناك لشباب السنة والشيعة قال فيه “من أراد أن يكون جعفريا حقيقياً فلينضم إلى صفوف الإخوان المسلمين”

على نفس السياق لعب هو دور الوسيط بين محمد نجيب المؤيد للإخوان من جهة وبين جمال عبدالناصر ذا الفكر الثوري من جهة أخرى، مع ميله إلى معسكر شيعة إيران بحكم دعمه لآل الصدر ضد الأنظمة الملكية ؛ لكن كان عبدالناصر أسبق هؤلاء جميعاً حيث ضرب الثلاثة مرة واحدة فزج بالإخوان في السجون ، وعزل نجيب نهائياً عن الحكم وحتى الحياة ، وعلى نفس السياق كان نواب صفوي في طريقه إلى الموت .

كانت الشعرة الباقية لـ نواب صفوي بعد ضربة عبدالناصر هو الأزهر ، حيث أقام نواب صفوي علاقة قوية مع الشيخ عبدالرحمن تاج شيخ الأزهر من باب نبذ العنف ، لكن دون أن يدري نواب وحتى الأزهر نفسه ، كان عبدالناصر قد أدخل الأزهر إلى عباءة الدولة ، وبهذا انتهت وقُطِعَت آخر شعرة بينه  وبين مصر بعد فترة من العلاقات استمرت أكثر من 5 سنوات .
وجد نفسه أمام ماضيه وحده ، فالخمسينيات هي نهايته والسبب في ذلك جرائم الأربعينيات التي ارتكبها من خلال جماعته “فدائيين إسلام” .

تأسست حركة فدائيين إسلام لتصفية المعارضين ومن وصفهم نواب صفوي بالكافرين ، وكان على رأس قائمة المطلوبين هو المؤرخ الإيراني أحمد كسروي أحد المؤثرين في الثقافة الإيرانية والمعارض للاستبداد البهلوي و الفاشية الدينية كذلك ، حاول نواب صفوي اغتياله مرتين دون جدوى ، فوضع نواب صفوي يده في يد نظام الشاه نفسه
عبر إخوان مصر ، وتلميذه الخميني ، فضلاً عن آل الصدر ، شُنَّت حملة ضد أحمد كسروي وصلت إلى درجة جمع توقيعات وصلت إلى 10 آلاف تطالب الحكومة الإيرانية بمحاكمة كسروي بتهمة الكفر فألقت الحكومة القبض عليه على أن تتم محاكمته قضائياً بالمحكمة الشرعية .
على نفس السياق سهلت الحكومة الطريق لـ 9 من تلاميذ نواب صفوي بالدخول لقاعة المحكمة ، فأطلقوا النار على كسروي في القفص مع اثنين من حراسه ، وخرجوا بسرعة ؛ مما يبرهن على الصفقة التي تمت بين الشاه و فدائيين إسلام .
استراح الشاه من كسروي ، لكنه لم يستريح لنواب ، فأفسح المجال لنواب صفوي في الخمسينيات خارجياً وداخلياً في تحركاته وعمليات جماعته التي اغتالت 30 سنياً في سوريا والعراق .

كانت حيلة الشاه هي إقناع نواب أنه شخصية قوية تؤثر ولا تتأثر ، ولما وقر في قلب نواب ذلك تصادم مع الشاه فبعد عودة الشاه الإيراني من إيطاليا حاول صفوي أن ينفذ عملة اغتيال لرئيس الوزراء حسين علاء عام 1955م فحكم على نواب صفوي وثلاثة آخرين من حركته بالإعدام.
الحكم على إعدام نواب صفوي كان صادماً ، فقرر الإخوان المسلمون انقاذه ولو بخطفه من سجنه عبر خطة سياسية .

إقرأ أيضا

أغنيات في الذاكرة : مريم فرقة يحيى غنام و لازالت القضية حية لم تمت

الكاتب “معن شناع العجلي” صاحب كتاب الفكر الصحيح في الكلام الصريح ، أشار إلى تفاصيل تحرك الإخوان المسلمين لاختطافه من معتقله، ولهذا الغرض حضر إلى بغداد الناشط الإخواني كامل الشريف والشيخ علي طنطاوي مع جماعة من فدائيي الإخوان المسلمين.
تمكنوا من تقوية علاقتهم بمسؤل في السجن من خلال الشيخ محمد محمود الصواف .
وفي السياق ذاته قبل تنفيذ الخطة أرادوا اللعب بورقة الدبلوماسية ، فسعوا لدى حكومة العراق والمراجع الشيعية هناك التي تؤثر على حكومة إيران .

فقام مراقب الإخوان في العراق محمد محمود الصَّواف وكامل شريف وعلي طنطاوي بزيارة رئيس الوزراء العراقي محمد فاضل الجمالي فأظهر لهم الاستعداد لإنقاذ نواب صفوي، ونصحهم أن يأتوا برسائل من مراجع النجف وبينهم: الشيخ عبد الكريم الجزائري والسيد محسن الحكيم على أن تكون موجهة إلى الملك فيصل الثاني تحثه على التوسط لدى الشاه، ورئيس الوزراء سيدخلها إلى الملك ويطلب منه الاهتمام بالأمر.
لكن رغم كل المحاولات تم إعدامه.