همتك نعدل الكفة
470   مشاهدة  

الشيخ مصطفى إسماعيل .. عندما سمع أهل الأرض صوت أهل السماء

الشيخ مصطفى إسماعيل
  • كاتب صحفي وروائي مصري، كتب ٧ روايات وشارك في تأسيس عدة مواقع متخصصة معنية بالفن والمنوعات منها السينما وكسرة والمولد والميزان

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



طفلان شقيان يهربان يومياً من كُتاب قريتهما وشيخه عبدالرحمن النجار، صاحب العصا الغليظة والعقاب السريع الجاهز، يسيران لمسافة 7 كيلومترات من قرية ميت غزال وحتى قرية الدفرة ليلعبا سوياً بعيداً عن أعين الرقباء، وعن التزام الدرس فى «الكُتاب»، ولأن مصير أحدهما ارتبط بكتاب الله بما يشبه النذر، كان أهالي تلك القرية يعودون بالطفلين إبراهيم الشال ومصطفى إسماعيل إلى شيخهما، ليعيد تهذيبهما على «الفلكة»، مما أدى لتأخر حفظ مصطفى إسماعيل القرآن حتى أتم الثانية عشرة من عمره، ورفض شيخه أن يفرط فيه ويتركه للهو بسبب حلاوة صوته وسرعة حفظه، فقدم للتلاوة والتجويد المقرئ الملكى مصطفى إسماعيل، الذي التقى بعدها مصادفة بالشيخ محمد رفعت، وقرأ عليه القرآن، فأشاد بإمكانياته وطلب منه إتقان أحكام التجويد، وفنون التلاوة، ليكون نبوءة محمد رفعت الواجب تحقيقها، فأخذ «مصطفى» على نفسه عهداً بإتقان التجويد عن طريق أهل ذلك العلم، فلزم الشيخ محمود حشيش، وكان من قرَّاء المعهد الأحمدي، الذي تعهد الشيخ بالمتابعة والتوجيه، إلى أن تحقق المراد.

YouTube player

لم يكن اهتزاز القطار في الطريق من طنطا إلى القاهرة ذلك اليوم في منتصف القرن الماضي ناتجاً عن القضبان الحديدية، بل كان يهتز طرباً لحدث ينتظر هذا الشيخ الشاب، الذى أخذ يرتل الآيات القرآنية في سره متابعاً قطرات المطر، التي غسلت زجاج العربة ليبدو كل ما خارجها واضحاً نقياً أمام الشيخ.

وصل قبل موعد بدء الاحتفال بمسجد الإمام الحسين إلى حفل الإذاعة الذي دعاه إليه الشيخ محمد الصيفى، أحد أساتذته، واستعد ليسمع ويتعلم من قراءة الشيخ عبدالفتاح الشعشاعي، الذي غاب بعد أن أصابه الشتاء وتقلبه بالمرض، ليصر شيخه على أن يتقدم مصطفى إسماعيل ليتصدر الحفل بآيات الذكر الحكيم، ليقرأ صاحب الصوت الملائكي سورة التحريم لمدة نصف ساعة بدأت من الساعة الثامنة حتى الثامنة والنصف وسط استجابة الجمهور، وما إن انتهى من قراءته، حتى أقبل عليه الجمهور يقبله ويعانقه ويستمع الملك فاروق إلى تلاوة الشاب، التي يحسبها السامع تسابيح الملائكة، فيأمر بتعيينه قارئاً للقصر الملكي قبل أن يتم اعتماده قارئاً بالإذاعة في سابقة لم ولن تحدث في تاريخ مصر.

في هذا التوقيت نفسه، كان أحد المعتقلين السياسيين حريصاً على تقليد قراءة الشيخ مصطفى إسماعيل فى المعتقل، حيث اعتبر القراءة سلوته وحريته، التي يعبر بها جدران السجن، وبعد سنين من هذا الاعتقال كان محمد أنور السادات قد صار رئيساً لمصر، حين توفى الشيخ الجليل الذي كان صاحب نَفَس طويل في القراءة التجويدية، فكان صاحب مدرسة جديدة في أسلوب التلاوة والتجويد، وسجَّل بصوته القرآن الكريم كاملاً مرتلاً، وترك وراءه العديد من التسجيلات المجوَّدة، وكان رحيله كما أراد وقابل وجه ربه يوم الجمعة 22 ديسمبر 1978، وهو يقرأ القرآن الذي ما زال يتردد بصوته فيهز أفئدة المسلمين من شرق الدينا إلى غربها.

إقرأ أيضا
سور الصين العظيم

الكاتب

  • الشيخ مصطفى إسماعيل أسامة الشاذلي

    كاتب صحفي وروائي مصري، كتب ٧ روايات وشارك في تأسيس عدة مواقع متخصصة معنية بالفن والمنوعات منها السينما وكسرة والمولد والميزان

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
1
أحزنني
0
أعجبني
1
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (3)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان