الإبحار في جزر مولانا .. عبد الرحيم كمال !
-
مريم المرشدي
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
الرحايا، شيخ العرب همام، دهشة، اهو ده اللي صار، الخواجة عبد القادر، القاهرة كابول، ونوس، جزيرة غمام، لم يفشل أبدًا الأستاذ عبد الرحيم كمال في تقديم دراما عظيمة ومختلفة، ودائمًا ما يفاجئ المشاهد بأفكاره وأبطال رواياته التي تظهر في أعمال تستشعر وكأنها تنال مباركة السماء، ودائما ما يختار كلماته وحواره ونصوصه التي تخرج من القلب بصدق فتلمس فؤادك وترفعك فوق السحاب.
عندما يكتب عبد الرحيم كمال كن يقظًا فهو “صاحب طريقة” في السيناريو والحوار، يعطي الدراما سحًرا لا مثيل له، يعرف جيدًا كيف يختار شخصياته، يُلبس كل ممثل وبطل من أبطاله رداءً غير الذي اعتاد عليه في بقية أدواره، وفي جزيرة غمام لم تكن أسماء الشخصيات أسماءً إعتباطية، فأحمد أمين يحمل اسم عرفات الذي يعرف الله بعذرية قلبه ويعرف حب الله ويعلمه للناس، ويغلفه بطابع الزاهد المتجرد، كذلك محارب الذي حمل اسمه العظيم فتحي عبد الوهاب، جسد رجل الدين الذي اتخذ الدين سلمًا يصعد عليه ليكون فوق الناس، فهو ليس ككل الناس حين ارتدى العمامة الازهرية وهو يقول : “أنا الشيخ محارب انا الدين”، وأخبر أتباعه: “احنا الزوبعة”.
يخلق العبقري عبد الرحيم كمال أستاذ الكلمة ومليكها عالما خياليًا خارجًا عن المألوف، فيقدم طرحًا صوفيًا اجتماعيًا يناقش فيه كل قضايا الدنيا والدين، يعرف جيدًا كيف ينتقي كلماته بثراء لغوي وحواري متجسد، يقنعك بدون مجهود كيف تعيد حساباتك وتتعرف على الله بقلبك وعقلك وروحك وبكل خلية في كيانك، أبدع وأذهلنا بنصوصه التي تعجز الكلمات عن وصفها، دخلت أحرفه التي جائت على لسان عرفات القلوب والمشاعر والعقول وزادتنا إيمانًا بالخالق الرحيم العادل المنتقم.
اقرأ أيضًا
سنة 1914 في مسلسل جزيرة غمام ” أخطاء في السيناريو لا ينطبق عليها جل من لا يسهو”
مسلسل جزيرة غمام به مشاهد مريحة للنفس، بها طاقة سلام نفسي نحتاجها بشدة في خضم الأخبار اليومية المرهقة للروح والقلب، به أيضًا رسائل نحتاج إليها في وقتنا الراهن، “اللي شاغل نفسه بمين قعد مع مين، ومين قال أيه، ومين لبس أيه، يبقى ناقص أدب” “الصدق يا عيال انك تقول الحقيقة ف حاجة مش حينجيك منها إلا الكدب”، “يا بخت من كان زاده قليل وحمله خفيف” ” ربنا يجعل سماحنا نور” ، به أيضًا العديد من الإسقاطات السياسية، ترسيم للحدود وتقسيم الجزيرة إلى قبليتين وبحرين وتهريب سلاح ومرتزقة، وإثاره الفتنة في إطارالصراع على السلطة ليلقي بظلاله على أحداث المسلسل ليحلق عبقري النص المبدع عبد الرحيم كمال إلى فضاءات أبعد من كون العمل حدوتة مسلية وشيقة.
سيبقى ذلك العمل العظيم “جزيرة غمام” بكادراته وإضاءته وأزيائه وتصويره وأداء أبطاله وإخراجه وحواره طويلًا في ذاكرة الدراما العربية.
الكاتب
-
مريم المرشدي
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال