ألبوم لطيفة أقوي واحدة .. والسقوط في فخ التقليد لا التجديد

تتلخص أزمة جيل الثمانينات والتسعينات في الغناء،  في جمود تفكيرهم وعدم استيعابهم للتطور الحادث في شكل الأغنية الحالية، تلك الأزمة تسببت في إختفاء أسماء كثيرة كانت تحظى بشعبية لا بأس بها، ولولا حالة النوستالجيا التي أصابت الميديا من خمس أو ست سنوات لما سمع بهم الجيل الجديد الذي بدأ إكتشاف تراث هؤلاء النجوم دون أن يتعاطى مع ما يقدموه الآن في حالة أن ظل منهم أحد بالأساس.

كان على هذا الجيل المجازفة واستيعاب الأفكار الجديدة سواء في الشعر أو الموسيقى، دون الإخلال بمشروعه الفني، وأن كان هناك بعض الأسماء يجب استثنائها من هذا الجيل مثل عمرو دياب ومحمد محي وسميرة سعيد، هذا الثلاثي الذي لا يخشى التجريب ويملك الجرأة في البحث عن كل ماهو  جديد يطيل به عمره الفني، اما بقية الرفاق ظلت محاولاتهم تشبه الرقص على السلالم لا استطاعوا تجديد مشروعها الغنائي ولا الرجوع إلي المناطق الآمنة التي نجحوا فيها من قبل.

أصدرت المطربة لطيفة ألبومها الجديد أقوى واحدة، والذي جاء عبارة عن استنساخ مشوه لتجارب نسائية عديدة في الفترة الحالية.

الألبوم عنوانه أقوي واحدة  وهي الفكرة التي تدور حولها أغلب أغنيات الألبوم، حيث المرأة القوية التي تنتقد وتهاجم الرجل وأن غلب عليها السذاجة في الطرح الشعري والموسيقي، تظل مشكلة لطيفة الأساسية منذ بدايتها في الغناء هي عدم قدرتها على الإحساس بالكلمة، وإن حاول بعض الملحنين تفادي إصرارها على إبراز  لمعان صوتها حتى لو لم يكن ذلك في صالح العمل الفني، فشلت كثيرًا ونجحت قليلًا وظل رصيد لطيفة من الأغاني المهمة لدى الجمهور أقل بكثير من مطربات جيلها.

في الأحلام.

تبرز في تلك الأغنية ملامح التجديد المشوه الذي اتبعته لطيفة كي تغازل جيل السوشيال بأفكاره وعاداته ومحاولة التماهي مع أسلوب حياته، الأغنية كتبها ولحنها ووزعها إسلام صبري، ووضح أنه لم يدرك طبيعة صوت لطيفة جيدًا والتي لا تنجز في الأغاني الإيقاعية السريعة والتي تشبه ومضات سريعة لا يلحظها أحد، بداية الأغنية والتي حاول فيها إسلام صبري تقريب لطيفة من الجيل الجديد لكنه يبدو أنه صنعها وهو في مخيلته مطربة أخرى وليست لطيفة، البداية المتسارعة بتقاطيع لحنية صغير ثم التمهيد لجملة لحنية طويلة نسبيًا بعدها في استنساخ لأغاني “الله يسهلك 2002 و محصلش حاجة 2016 ولم تنسى لطيفة استنساخ طريقة أداء سميرة سعيد وأن غاب عنها الكاريزما.

حب يغير ملامح.

اعتمد إسلام صبري في تلك الأغنية على صوت لطيفة في التوزيع مستخدما طريقة الأكابيلا أو التوزيع بالأصوات البشرية، لكنه سقط في فخ أنه لم ينوع في الجمل اللحنية في هارمونيات الأغنية إلا في آخرها، بدخول الصفارة لكن بقية الأغنية ظلت نفس الجمل تتكرر مما يشعرك بالملل، عاب الأغنية فشل الميكساج في الموازنة بين صوت لطيفة في خط الغناء الرئيسي وصوتها في الهارموني الخلفي،مع الوضع في الإعتبار أن توزيع الأكابيلا مرهق جدًا في تنفيذه.

دمرت اللي مايدمر.

بالغت لطيفة جدًا في تلك الأغنية باعتمادها على ألفاظ غريية وغير مألوفة على تجربتها، طريقة أدائها كانت سيئة جدًا وتغني من طبقة غير مريحة لصوتها وسط تنويعات من عزف الكيبورد  متواترة الطبقات والتي بدت مزعجة جدًا غازل بها الشاعر والملحن والموزع مونتي جمهور المهرجانات.

زيدي.

بداية سمك لبن تمر هندي تشعر بانفلات موسيقي غير مسيطر عليه من الموزع مونتي، باختلاط الإيقاعات الإليكترونية مع الدفوف مع المجرونة، الكلمات رغم أن كلماتها كتبت بلهجة مصرية بحته، إلا أن لطيفة حاولت أن تلبسها ثوب مختلف باصرارها على نطق جملة ” يالا وصلي ع النبي” بلهجة تونسي, الأغنية كان من الممكن أن تكتب في تاريخها لو استعانت بموزع قادر على أن يعطيها المزاج الشعبي المصري الذي وضح من كلمات مصطفى حسن وألحان بلال سرور دون أن يفلت منه الزمام.

قلاب.

اعتمدت كلمات أيمن بهجت قمر على الإيفيه كعادته، اداء لطيفة تشعر أنها سعيدة ومبسوطة جدًا رغم أنها تهاجم حبيبها بقولها “قلاب والطبع غلاب وفي ثانية دحلاب” وأن كانت تلك  عادة لطيفة في أغانيها الإيقاعية مثل “يا غدار”، الأغنية تحيلك إلي أغاني التسعينات بالمقسوم التقليدي لكن بجودة فنية أقل .

مابكرهوش.

افضل فكرة مكتوبة في الألبوم من الشاعر حسام سعيد، اللحن جاء جيد وتماهي مع الحالة وتشعر أنها أغنية مصنوعة لها خصيصًا وأن عابها أن توزيع تيام طارق جاء ضعيفًا تمامًا ولم يحاول أن يبرز جمال لحن محمود أنور.

أقوي واحدة.

إقرأ أيضا

” المرماح”.. موروث شعبي ارتبط بالفروسية وموالد الأولياء في جنوب مصر

أحلي أغنية في الألبوم كله وتستحق أن تكون عنوان للألبوم، لعبت فكرة الأغنية على التضاد والتناقض الموجود في إنسان، صيغت بشكل جيد من الشاعر عمرو المصري، لحن سامر أبو طالب جاء جيد وأن كان ينقصه بعض الرتوش لإبراز القوة والضعف في الكلمات، توزيع عمر اسماعيل احتاج تكثيف هارموني أعمق، خصوصًا مع تغيير الحالات التي كانت تسير فيها الكلمات وأن كان جيدًا لأن طبيعة اللحن لم تعطيه الفرصة لذلك.

ماتقربليش.

تاهت فكرة الكلمات من الشاعر إبراهيم شتا، حيث التناقض في البداية “بهرب من وجعي اللى تاعبني في حضن اللي واجعني وبلاقي دموعي بتمنعني من البكى فيه واحن انا ليه” ثم التحول الدرامي في تلك الشخصية والذي لم يعرف كيف يصيغ جيدًا في الشطرات اللاحقة بقوله” مش عايزة اضعف من تانى فى حضنك وأرجع أعيش وياك أنا أصلى بقى كرهتك وأنا نفسى ماجيش على نفسى تانى” قد تبدو الفكرة منطقية لو صاغها بشكل يبرز حالة الضعف أمام المحبوب ثم محاولة الخروج من دائرة تأثيره عليه لكن الفكرة تاهت خصوصًا أن البداية تبدو وكأنها الأمر بأرادتها تمامًا، اللحن ضعيف جدًا بجمل لحنية غير متماسكة مفكك تمامًا.

انا عشت عمري.

أغنية مستهلكة تمامًا من حيث الكلمات التقليدية من محمد رفاعي، ولحن صنع على عجل واستسهال من وليد سعد، الأغنية أداء لطيفة فيها ضعيف جدًا مع إصرارها على أن تؤدي الكورال المصاحب لها، وتوزيع وليد شراقي بإصراره على الجملة الإيقاعية التي يكررها في أغلب توزيعاته.

  في الألبوم حاولت لطيفة بث دماء أكثر شبابًا في العمل، دون أن تقف لكي تنتقي بما يليق بصوتها و طريقة أدائها، التغيير ليس معناه التغريب بشكل فج، لطيفة التي تعاونت مع  أجيال عظيمة في عالم الأغنية، بدت مختطفة في هذا الألبوم بأغنياته التي حاولت في معظمها استنساخ تجربة سميرة سعيد في اللوك أو أفكار الأغاني أو السير على خطى التغيير كما نجحت فيه أصالة لكنها لم تصيب في اختياراتها الجديدة ويبدو أن هناك عطب فني حدث لها فمعظم الأغنيات دون المستوى وكان يجب أن تدرك الفارق الحقيقي بين التجديد وبين النسخ والتقليد بسذاجة.