سمير صبري المفترى عليه

لم أشاهد البرنامج الأشهر النادي الدولي فلم أكن ولدت وقت إذاعته، ولكني كنت طفلة محبة لحركة والرقص والغناء ومشاهدة الأفلام، فكانت لدي رغبة ملحة أنني أريد أن أصبح راقصة عندما أكبر، من فضلك لا تضحك، أو تتنمر عليً وعلى شكلي الآن، فيوما ما كنت فتاة خفيفة ورشيقة أو هكذا كنت أظن.

اقرأ أيضًا 
سمير صبري .. واحد صاحبي نعرفه جميعًا

فارتبطت ببرنامج هذا المساء، فكان هو المتنفس لجيل كامل تربى على التليفزيون الحكومي وما يقدمه دون إرادة منه أو رغبة.

كنت انتظر موعد البرنامج لأستمتع بأغاني واسكتشات ممتعة، وأشاهد حوارات خفيفة، وأقف أقلد الحركات والرقصات وأقف أمام المرايا وأمسك فرشاة الشعر وأجعلها ميكروفون وأتخيل أنني أسأل الضيوف، واحكي وأقلد سمير صبري المذيع المتعدد المواهب، الذي يرقص ويغني ويمثل ويحكي مع الممثلين الذين كانوا أصدقاءه.

وتمر السنوات وأصبح صحفية وفي يوم يتصل بي صديق يخبرني في وسط الكلام أنه لديه موعد لمقابلة سمير صبري، وكان الأمر مغرِ بالنسبة لي، وطلبت منه أن أحضر معه اللقاء وخاصة أنه في الأوبرا، فوافق على شرط أن أجلس دون ولا كلمة، فوافقت على الفور وذهبت للقاء الأستاذ.

كان الأستاذ موجود قبل الموعد، له هالة وطلة، بمجرد أن تراه تشعر كما لو أنك عدت إلى زمن النبلاء والأمراء، هادئ وقور، ورغم ضعف سمعه ونظره إلا أنه حاضر الذهن لديه قدرة على الحكي والرد على الأسئلة بذكاء وخفة.

حكى عن عائلته في الإسكندرية والمبادئ والقواعد الموضوعة لهم كأسرة لأنه من أسرة عسكرية، فجده ووالده كانا من ضباط الجيش المصري، وحكي عن انفصال والده ووالدته وفصله عن أخوه الذي بقي مع أمه في الإسكندرية، ونزوله إلى القاهرة مع والده وحرمانه من حضن أمه، وتربية والده العسكرية الصارمة التي جعلته يكذب في أشياء كثيرة لأنه ممنوع منها، وحكي عن مدرسة فيكتويا كولدج فرع المعادي والتي كان يعود منها سيرا على الأقدام إلى الزمالك، في حالة غضب والده عليه كعقاب.

وحكى عن تجربة النادي الدولي وما حققه من نجاح غير مسبوق وأن المناخ كله يدعو للمنافسة والنجاح فكان لجواره عظماء مثل طارق حبيب فكان لابد وأن يجد فكرة مختلفة، ولغته يسرت له الاطلاع على ثقافات وأفكار جديدة ومختلفة عن كل ما يقدم، ولكن هذا النجاح أقلق الكثيرون وكان لابد من إيقاف هذا القطار المنطلق دون توقف، فخرجت إشاعة فيفي عبدة ومقولتها أنها من بلد الريس، فكذبها سمير صبري وأكد أنها ليس لها علاقة بإيقاف البرنامج، وماهي إلا محض افتراء ولكن البرنامج وقف بقرار من وزير الإعلام وقتها بسبب كثرة الوشايات والخوف من لمعان سمير صبري وتوهجه.

وحكى عن تقديمه لحفل إطلاق أول موسم لمهرجان القاهرة السينمائي، واستقباله للنجمة كلوديا كوردينالي ورقصه معها، ولغته التي أسعفته واستطاع أن يقف على المسرح ويجري حوارات مع النجوم الأجانب، ويطلق النكات وفي المساء بعد انتهاء الحفل ذهب للعشاء والاحتفال وسط النجوم، فخرجت وشاية أنها “شاذ جنسيًا”.

وحكى عن سؤاله للسيدة جيهان السادات في إحدى الحفلات والتي كان يقدمها ما إذا كانت ترفض إذاعة أغاني السيدة أم كلثوم في الإذاعة، وما إذا كان المنع بتعليمات منها، فأنكرت جيهان السادات ذلك تمامًا وأخذته من يده وذهبت إلى غرفة أم كلثوم وقالت لها من الذي يستطيع أن يعادي مصر، وأزال سمير صبري الجفوة مجهولة الأسباب، وبعدها اتصلت به كوكب الشرق وقالت له” إنت طلعت أرجل من ناس كتير”.

إقرأ أيضا

“دعمًا لمعاهدة السلام 1979م” عندما نشطت الكباريهات في رمضان بالخلايجة

حكى أيضا عن زوجته الانجليزية التي تزوجها في السر خوفًا من والده كيف أثرت تجربة طلاق والده ووالدته عليه وكيف أنها تسببت في عدم توفيقه وخوفه من الحياة العائلية والزوجية، وظلمه لزوجته بسبب طموحه الزائد ورغبته في ان يكون له اسم فكان يجري من ستوديو إذاعة يقدم برنامج حيث كان يقدم برنامج مع لبنى عبد العزيز، ثم يعود إلى استديو سينما ليمثل مشهد، فملت زوجته وكانت حامل فطلبت الطلاق وطلقها وعادت إلى بلادها، وعبر عن ندمه وأسفه لأنه حرم نفسه من متعة الأسرة والأولاد.

حكى يومها الأستاذ سمير صبري الكثير من الحكايات وتكلم عن الظلم الذي تعرض له بسبب نجاحه، ولكن أهم ما عبر عنه هو أن جميع الصدمات والظلم الذي تعرض له والحزن الذي ملء حياته لم يوقفه، ولم يمنعه الوقوع من الوقوف مرة أخرى ليبدأ من جديد، ولم يمنعه أن يقدم يده بالخير للجميع، وأن يسامح ويعفو عن كل من ظلموه.

رحم الله الأستاذ