قيم أخلاقية أو كذب بعالم السوق التجاري .. في النهاية خسر الجميع
-
مريم مرتضى
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
في السوق التجاري يجب على الشركات دراسة المحيط الخاص بهم جيدًا قبل طرح أي منتج جديد، أو اعتناق أي مبدأ يخص منتجاتهم، وقبل التوسع والانتشار للعالمية، يجب دراسة كل البيئات التي سيتم تقديم الخدمة بها، وتقدير أن لكل مكان وبيئة نمط خاص بها، ولا يجب أبدًا فرض أفكار أو اعتناق معتقدات لن تبلي جيدًا في المناطق الجديدة، كذلك لا يجب أن يعمي الجشع العيون، وتتنازل الشركات عن القيم الأخلاقية الإنسانية، لتحقيق الربح أو الانتشار، كل تلك الأمور رغم بديهيتها، إلا أنها اوقعت بعض الشركات في مآزق كبيرة.
- شركة Block buster رفعت شعار لا للإباحية فخسرت الملايين وأغلقت من السوق الألماني
اليوم، كل ما علينا فعله لمتابعة فيلم ما أو مسلسل، هو فتح صفحات الإنترنت والبحث عنه، وتحميله أو مشاهدته بشكل مباشر، لكن الأمر لم يكن دائمًا هكذا، ففي فترة التسعينيات وحتى مطلع الألفية كانت الطريقة الأفضل لمشاهدة الأفلام هي استئجارها من متاجر تأجير أشرطة الفيديو العديدة، التي كانت تتصدرها شركة “بلوك باستر” الأمريكية، حيث كانت هي الأكبر عالميًا برصيد أكثر من عشرة آلاف متجر موزع حول العالم، ومن ضمن الأماكن التي دخلتها الشركة الأمريكية، كان السوق الألماني الذي يعد الأكبر في أوروبا، لكن بقاءها هناك لم يستمر أكثر من عامين فقط، وخرجت تجر أذيال الهزيمة، بخسارة هائلة تخطت الملايين من الدولارات، والسبب ببساطة كان رفض الشركة لتأجير الأفلام الإباحية، حيث قررت الشركة أن تكون صديقة للعائلة، لا تتضمن أي محتوى جنسي في معروضاتها، ولا تؤجر الأفلام الإباحية، وكانت هذه السياسة فعالة للغاية في السوق الأمريكي، والعديد من البلدان الأخرى، لكن في ألمانيا لم تنجح تلك السياسة، حيث كانت أكثر من ثلث عمليات استئجار الأفلام هناك تتم للأفلام الإباحية فقط!، لذا بقت بلوك باستر خلف منافسيها لمدة طويلة، وظلت في التراجع يومًا بعد يوم، حتى استسلمت تمامًا وخرجت من السوق الألماني بسبب مبادئها الأخلاقية.
- الجشع أعمى عيون مسئولي “نستله” وتسبب في موت مئات الأطفال
يرتبط اسم نستله في أذهاننا بالعديد من المنتجات الغذائية اللذيذة التي يعشقها معظمنا، سواء كنا كبار او أطفال، حيث أنها واحدة من أكبر الشركات في العالم، ولكن هناك العديد من الغموض والجدل مُثار، حول أخلاقيات الشركة وطريقة التسويق التي تتبعها، وهناك العديد من الأمثلة التي تدل على أن سوء الأخلاقيات هو المسيطر في حملات التسويق، ولكن أسوء مثال هو ما حدث في أفريقيا خلال فترتي الستينيات والسبعينيات، حيث استخدمت نستله حملة تسويق مضللة للغاية في مختلف أنحاء القارة السمراء، والتي استمرت طوال عقدين من الزمن، حيث قامت الشركة بإرسال نساء غير متخصصات، يرتدين ملابس ممرضات، وقمن بالتحدث للنساء المحليات عن خلطات الحليب المجفف للأطفال، وبدلاً من أن يكون الترويج حول كون ذلك الحليب مكمل لحليب الأم، ويجب أن يكون استخدامه في أضيق الحدود، كانت الشركة تسوق للحليب الخاص بها على أنه أفضل بكثير من حليب الأم، ويحتوي على قيم غذائية أعلى، ويضمن صحة أفضل للأطفال، ناهيك على أنهم لم يذكروا مدى أهمية إعداد الحليب بطرق نظيفة مئة بالمئة، وهو الأمر الغير متوفر في معظم دول أفريقيا، واستمعت لهم العديد من الأمهات، وأدى استخدام تلك الألبان لازدياد الأمراض وسوء التغذية بين الأطفال، وهناك العديد من الحالات انتهت بالوفاة، ورغم تلك المأساة لم تحرك نستله ساكنًا لوقف تلك المهزلة الأخلاقية، حتى عام 1974م، حيث تم نشر تقرير من إحدى الجمعيات التي تساهم في مساعدة دول إفريقيا، وبدأن حملة لمقاطعة منتجات نستله في البلاد الأفريقية، ولكن تراجعت نستله عن الكبر، وبدأت في تعديل إعلاناتها، وسنت منظمة الصحة العالمية قواعد لتنظيم حملات التسويق والإعلانات.
الكاتب
-
مريم مرتضى
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال