أغلفة “ديوان” لأعمال نجيب محفوظ.. قبح واستسهال لطبيعة المحتوى
-
مي محمد المرسي
مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
غلاف أي رواية هو جزء من بنية العمل الأدبي، فالغلاف يعبر عن مضمون العمل والتعبيرات النفسية والانفعالية للشخصيات حتى الألوان التي تُرسم بها الأغلفة لها تأثيرات نفسية وانفعالية على القارئ تجبره على شراء العمل بصرف النظر عن من كتب العمل، لأن الغلاف هو العتبة الأولى للنص وباب القارئ الأول.
و أعمال نجيب محفوظ ذات طبيعة داخلية خاصة، فعميد الرواية العربية يفتش دائمًا عن الداخل الإنساني وتفاعله مع البيئة المحيطة في صورة واقعية تشوبها طبيعة فلسفية تَميّز بها” محفوظ” عن غيره من الروائين، وبعد الجدل الأخير حول التصميمات الجديدة لأغلفة “محفوظ” التي أعلنتها دار” ديوان” يمكننا أن نرى الاختلاف الكبير بين العمل من الداخل وبين التصميمات المعلنة، كما يمكننا أن نضعها في مقارنة مع التصميمات التي تبنتها” مكتبة مصر” وبينها.
غلاف رواية اللص والكلاب
رواية اللص والكلاب من الروايات الواقعية يصور فيها نجيب محفوظ واقع مصر وتحولاتها الفكرية والنفسية بعد ثورة يوليو، فعشنا مع الرواية الواقع والتخيل والصراع؛ صراع” محمود أمين سليمان” بطل الرواية مع المجتمع وزوجته والقانون، وهو ما مثله تصميم الغلاف الصادر عن مكتبة مصر حيث يحمل الرجل مسدسًا في يده ينطلق منه شرارة على شكل خط أحمر دلالة على احتدام أجواء الصراع والمعركة بين الرجل وأطراف أخرى تظهر بين ذراعية.
وتحت زراع الرجل الذي يحمل المسدس امرأة هلعة بسبب أصوات النار، ثم على يسار المرأة وضع عنوان الرواية” اللص والكلاب” باللون الأبيض ليتنافى مع مظهر الهلع المكمل للصورة والمشكل أبجدية صراع النفس البشرية بين الخير والشر ويمثله الأبيض والأسود.
وفوق ذراع الرجل يظهر سطح عمارة شاحب قريب من اللون الأسود والأخضر القاتم ويظهر من بعيد كلبين ومقبرة، ثم تتداخل على يمين اللوحة الزرقة القاتمة التي توحي بحلول المساء على المدينة، وهو ما جعل الغلاف يعبر بدقة عما في الرواية من أحداث وصراعات ورمزيات.
أما غلاف اللص والكلاب الذي أعلنته” ديوان” فعبارة عن خلفية خضراء فاتحة تدل على الحياة والنماء والخصب، وكلاب تحمل اللون البني الذي يحمل معاني نفسية منها الود والصدق الحقيقي، وبينهما امرأة، ها كل ما في الغلاف، ويمكننا أن تساءل أين مضمون الرواية في الغلاف الرواية تحمل من القتامة والصراع لا الود بين الشخصيات.
ثرثرة فوق النيل
والغلاف الثاني الذي صدر عن دار” ديوان” كان غلاف رواية” ثرثرة فوق النيل “، وكما ذكرت سابقًا الديوان عتبة النص الأولى فلابد أن بكون معبرًا عن مضمونها وصراعاتها وجاء صراع الرواية على ضفاف النيل في عوامة تجمع طبقات اجتماعية مختلفة ووظائف مختلفة، يشربون المخدرات التي تفصلهم عن الواقع وينعزلون في واقع خاص يثرثرون في السياسة والفلسفة والأدب.
الناظر في الرمزيات الداخلية للرواية يرى أن الرواية تعبر عما كان يعيشه المجتمع من تهميش بعض الطبقات، وصراع المثقف مع نفسه، إذًا الغلاف يعبر عما جاء في المضمون، فلننظر إلى ديوان الرواية الصادر عن مكتبة مصر، نرى عوامة وأسلفها ماء شوبها السواد والخلفية خضراء شاحبة تدل على القتامة الداخلية التي تعيشها الشخصيات، والعوامة تدل على المكان، بشكل أو بآخر عبر الغلاف عن مضمون الرواية وصراعاتها الداخلية النفسية.
أما الغلاف الصادر عن” ديوان” فالمساحة الأكبر فيه باللون القرمزي، وهو اللون الأحمر المشرب باللون البرتقالي، ويعبر هذا اللون نفسيًا عن الشجاعة والدفء والحرارة والفرح، ثم يتوسط الغلاف تقريبا شاب يدخن السجار ثم يتصاعد دخانها بكثافة، وترسم خطوط الدُّخَان امرأة المدقق في تفاصيلها يشعر بكونها تعيش صراع ما.
إذًا غلاف ديوان الخاص برواية ثرثرة فوق النيل يعبر عن انفعالات الداخلية لبعض الشخصيات في مواقف لحظية وليست انفعالات الدقيقة على طول خط العمل، بالإضافة إلى تجاهل المكان في الغلاف الذي عبر يعبر عنه العنوان، فتشعر حينما ترى لوحة الغلاف بالتناقض بينه وبين عنوان الرواية في تنافر واضح للمحتوى.
وبالمقارنة بين الغلافين غلاف اللص والكلاب و غلاف ثرثرة فوق النيل، نرى أن غلاف ثرثرة فوق النيل أقرب إلى طبيعة المضمون فيها، إلا أن هناك رمزيات ألوان أخرى تعبر عن الانفعالات الداخلية أكثر من اللون القرمزي، على أي حال لا تترتقِ الأغلفة الحديثة الصادرة عن دار ديوان لمضمون ما جاء أعمال نجيب محفوظ.
الكاتب
-
مي محمد المرسي
مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال