همتك نعدل الكفة
2٬259   مشاهدة  

الوالد الأعز.. هل خذلناك أم خذلتنا؟

الوالد
  • محمد الموجي ممثل وكاتب مصري، تخرج من كلية الإعلام جامعة القاهرة، وعمل بعدد من المؤسسات الإعلامية بينهم قناة أون تي في ووكالة أونا للأنباء وموقع إكسترا نيوز وموقع كسرة والمولد، والتحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية قسم التمثيل والإخراج.

    كاتب نجم جديد



الآباء يحلُمون بأن يكون أبناؤهم كما يتمنون لا كما يطمح الصغار قليلو الخبرة والمعرفة؛ هكذا يرونهم.

أما الأبناء منهم من يستجيب ويتوائم مع رغبة الآباء؛ ربما لأنها تتوافق مع أحلامهم، ومنهم من يتمرد على الآباء فيُتهم بالخذلان، ويُحرم من فردوسهم الأعلى.

لكن ماذا لو طُلب الآباء بتحقيق رغبات الآبناء في تغيير وظيفتهم أو اتباع دينٍ ونهجٍ نتبعه نحن في الحياة، أو طلبنا منهم أن يطيروا في السماء كأبطال الكارتون، ولم يستطيعوا أو رفضوا، هل سنتهمهم بالخذلان أيضًا!

من خذل الآخر؟

أشكُ أن البداية كانت لدى والدنا الأعز –ربما انحيازًا لأني مازلتُ ألعب دور الابن- حينما حرَم على ابنه بعض الأشياء، لكن الرغبة في اكتشاف الممنوع والفضول قادا الابن لمخالفة قواعد الأب، فغضب الأب وعاقب كل أبنائه بالطرد.

جبلاوي حينما فضل أدهم على باقي أبنائه غضب إدريس المتمرد ولما طُرد من البيت الأكبر توعد بإيذاء الابن المفضل، ونجح، لتجمع صفة “المطرودين” أدهم وإدريس في خانةٍ واحدة، رُغم اختلاف الطُرق.

ألم يكن ممارسة الأب الأكبر دور الموجه والعارف وتحريمه على ابنه بعض الأمور، ومن ثم طرده لعدم التزامه وجمعه بإدريس في خانة واحدة، سبب كافٍ لأن يشعر أدهم نجل السمراء أو أحد أبنائه –على الأقل- بالخذلان.

ألم يكن جبلاوي وهو الأب الأكبر كان يعرف أن إدريس وراء هذه المكيدة، فلماذا لم ينقذ أدهم بحمايته.. لماذا عاقبه مثل هذه العقوبة القاسية الأزلية!

رسالة كافكا!

الأباء -ليسوا جميعهم- يمارسون دائمًا دور العارف الأوحد في نطاق الأسرة الصغيرة، الأمر نادرًا ما يُترجم لحب -لا أنكره- ولكنه كثيرًا ما يُفسر بسيطرة تبنى حاجزًا يخافه الأبناء الصغار؛ ربما تكشف لنا رسالة كافكا لوالده والتي أصبحت مرجعًا صغيرًا ومهمًا في التربية كيف أثرت ممارسات والده على حياته وكتابته.

يقول كافكا: ” أبدأ الرسالة دون ثقة بالنفس، آملًا فقط أنك أيها الوالد مازلت تحبني رغم كل شيء، وأنك تقرأ بصورة أفضل مما أكتب… الوالد الاعز، سألتني مرة، مؤخراً لماذا أدعي أنني أخاف منك، ولم أعرف كالعادة أن أجيبك بشيء من طرف بسبب هذا الخوف نفسه الذي استشعره أمامك”.

يواصل “الخوف ونتائجه يعيقني تجاهك في الكتابة أيضًا، ولأن حجم الموضوع يتجاوز ذاكرتي وعقلي كثيراً، أما بالنسبة لك فإن المسألة كانت دائمًا في غاية البساطة على الأقل عندما كنت تتحدث عن ذلك أمامي وأمام آخرين كثيرين دون أن تنتقيهم”.

في واقعة الطفولة حينما كان يبكي طالبًا الاهتمام بحجة العطش، لماذا تركه الأب كشيء،  تركه وحيدًا ضئيلًا ولم يحتضنه، ولماذا سخر من مشاعره عندما أبدى رغبته في الزواج وهو ابن العقد الثاني، وكان الخذلان الأكبر حينما حرم عليه أمورًا أحلها لنفسه وفرض عليه قواعد لم يلتزم هو بها! ربما ليخلق منه إنسانًا طيعًا!

يواصل كافكًا سرد واقائع الخذلان من الوالد الأعز : “واقعة من السنوات الأولى، ربما تذكرها أنت أيضًا، كنت أبكي ذات مرة في الليل استعطف جرعة ماء، ليس عطشا بالتأكيد، وإنما على الارجح كي أثير إزعاجا من طرف واتسلى من طرف آخر؛ اذ لم تنفع عدة تهديدات شديدة أخذتني من السرير… وحملتني إلى الشرفة وتركتني وحيدًا أمام الباب…

لكنني أريد أن أحدد خصائص أساليب تربيتك وتأثيرها علي، لقد أصبحت آنذاك مطيعاً بعد ذلك، لكنني اصبت بخلل داخلي..  وطبقاً لطبيعتي لم استطع أن اربط البتة ربطا صحيحا بين توسلي البدهي للحصول على الماء وبين حملي الى الخارج بتلك الطريقة المرعبة للرجل العملاق والدي الذي هو السلطة العليا، ان يأتي بلا سبب تقريبا، ويحملني من فراشي، ويضعني على الشرفة، وان اكون مثل هذا اللاشيء بالنسبة إليه”.

“كان علينا أن نحترس من عدم سقوط الطعام على الأرض، لكن تحتك كانت معظم البقايا على المائدة، ولا يجوز الانشغال بغير الطعام، لكن أنت كنت تنظف وتقطع أظافرك، تبري أقلام الرصاص… كان من شأن هذه الأمور ان تكون بحد ذاتها تفاصيل لا أهمية لها على الاطلاق، ولم تثقل على نفسي إلا لكونك أنت الإنسان القدوة بالنسبة لي، لم تكن نفسك”.

مازن ووالده

وإذا عُدنا إلى الحوار الذي جمع مازن و الوالد الأعز في نص مسرحية معين بسيسو “شمشون ودليلة” سنجد أيضًا الأب خذل ابنه عندما أخذ يحدثه عن بيارتهم المفقودة ومفتاح

إقرأ أيضا
رابعة العدوية

وأحلام العودة إلى الوطن الضائع دون أن يعلمه كيف يُرسم إصبع موز وهم يمكلون بيرة، الأمر الذي جعله محل سخرية بين أقرانه!

قد نراهم قدوة أمر مُحتمل حدوثه، لكن اليقين أننا لا نريد أن نكون نسخة مكررة!

ربما كان الوالد الأعز ينتظر شيئًا آخر من كافكا وأدهم ومازن! فشعر بالخذلان أيضًا.

اقرأ أيضًا لمحمد الموجي

الكاتب

  • الوالد الأعز محمد الموجي

    محمد الموجي ممثل وكاتب مصري، تخرج من كلية الإعلام جامعة القاهرة، وعمل بعدد من المؤسسات الإعلامية بينهم قناة أون تي في ووكالة أونا للأنباء وموقع إكسترا نيوز وموقع كسرة والمولد، والتحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية قسم التمثيل والإخراج.

    كاتب نجم جديد






ما هو انطباعك؟
أحببته
1
أحزنني
4
أعجبني
1
أغضبني
1
هاهاها
1
واااو
1


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان