همتك نعدل الكفة
564   مشاهدة  

مدرسة المشاغبين .. أبلة عفت القدوة والنموذج

أبلة عفت
  • روائي وكاتب مقال مصري.. صدر له اربع روايات بالإضافة لمسلسل إذاعي.. عاشور نشر مقالاته بعدة جرائد ومواقع عربية منها الحياة اللندنية ورصيف٢٢.. كما حصل على عدة جوائز عربية ومنها جائزة ساويرس عن رواية كيس اسود ثقيل...

    كاتب نجم جديد



تقف أبلة عفت في منتصف الفصل حائرة ومنزعجة من مشاكسات التلاميذ، يتجرأ عليها مرسي الزناتي ويمزق قميصها. فتكسر ذراعه..

قبلها كان الأستاذ الملواني أضحوكة الفصل، خلعوا ملابسه وألبسه تاج الجزيرة، وعملوا عليه احتفال..

حتى الناظر لم يسلم من المشاغبين: الزناتي، الأباصيري، منصور، لطفي، وأخيرا أحمد المستثنى.

 أما عفت فقد كانت شئ آخر… الأستاذة الواثقة من نفسها الشخصية القوية الجبارة والمحبة الودودة كذلك..

YouTube player

تلك التركيبة استطاعت أن تقدمها سهير البابلي بجدارة.. أعتقد أنه أفضل أدوارها.. وهذا لا يعني قلة الأدوار العظيمة التي لعبتها سهير البابلي كـ سكينة في ريا وسكينة، وبكيزة هانم الدراملي في بكيزة وزغلول.. على سبيل المثال. غيرها أنها أدوار كوميدية صرف، وإن كانت مركبة أيضاً..

ولكن، أبلة عفت مختلفة.. دور جاد ومع ذلك فرض شخصيته حتى في وجود الكوميديا الصارخة.

ذلك المأزق لم يجد منه مفر فنان في حجم أحمد زكي.. الذي ظل طوال عمره يشتكي من دوره في مسرحية المشاغبين، معلناً أن أحمد الشاعر التلميذ اليتيم المنزوي المكسور وسط الشلة الصايعة أولاد الأغنياء ليس له مساحة.

وهذا ليس صحيح بالمرة، ولكن يبدو أن أحمد زكي كان ينظر من خلال الكوميديا وهو عكس المطلوب منه.. فقد كان بإمكان أحمد الشاعر أن يُبكي الجمهور من خلال تركيبة الشخصية تلك ويترك الضحك لهم..

وهو ما أدركته سهير البابلي جيداً، رغم أنها كوميديانة بالفطرة غير أنها لم تنزلق لإغواء إفيهات الزناتي والأباصيري.

YouTube player

أتذكر الآن رغبتها الجادة، ووجهها الصارم وهي تقول: “لسانك دا هأقطعه من لاغاليغو”. وردة فعل الأباصيري.. 

أعتقد أنها كانت مسرحية تراجيدية بنكهة كوميدية تمزج بين الجدية والهزل..

ويرجع الفضل لذلك – طبعا- لأبلة عفت.. وهي محور العمل وبطلته الرئيسية.. فالقصة، كما نعرف جميعا تدور حول مجموعة من الطلبة الفشلة حتى تظهر أبلة عفت فتحسن من سلوكهم في النهاية ليعرفوا طريق العلم والنجاح..

وهو اختيار موفق من مؤلف العمل، علي سالم.. الذي فضل أن تكون بطلته امرأة، نحيفة، حادة.. وهو ما أبرز قوية الشخصية في مقابل المدرس والمدير.

YouTube player

ثم يأتي اختياره لكونها مُدرسة فلسفة أم العلوم.. ناهيك عن أنها كانت مادة للقلش.. وإن الزناتي دمر تعريف علم المنطق بالإفيه الشهير “إن الواحد يقع ما يحدش منطق”

 لدرجة أنه أصبح التعريف الشائع والمتداول بين الناس لعلم المنطق.. وهو ما يجرنا إلى أوهام بيكون.. ووهمه عن المسرح.. وهو تأثير الأعلام على المواطن.. لدرجة إيمانك به حتى ولو خطأ..

أعتقد أن تعريف مرسي الزناتي للمنطق أبرز دليل مادي لهذا الوهم.. ويمكن هذا التأثير الذي دفع النقاد لمهاجمة مسرحية مدرسة المشاغبين.. ودائماً الحجة ثابتة: لأنها تفسد الأجيال..

إقرأ أيضا
الاكتئاب

يبدو أن النقاد أيضاً يصابون بوهم المسرح، وهو مرض خطير لو أصاب ناقد.. لأنه من المفترض أنه أحد صُناع هذا المسرح.. في المطبخ يعني.. وإن كان دوره يأتي بعد العمل لعرض مناطق القوة والضعف الفني فيه.. الفني وليس الحكم الأخلاقي.. لأنك حين تُحاكم الفن فأنت تحاكم الجهة الخاطئة..

ومع ذلك نعود للمسرحية، وقصتها، وأبلة عفت الذي تحملت الشياطين لتستخرج من داخلهم البشر.. هذه هي الرسالة الموجهة للمدرس.. عليك أن تتحلي بالصبر والقوة والتحمل والمحبة حتي تكتسب ثقة تلاميذك..

تلك الرسالة السامية لم يلتفت لها النقاد.. انشغلوا بالكوميديا والضحك والآفيهات المميتة ونسوا القيمة الفنية للعمل، قلبه ومحوره..

لم ينحدر التعليم بسبب مسرحية مدرسة المشاغبين.

لقد انحدر التعليم بسبب غياب أبلة عفت من المدارس المصرية.. تلك المُدرسة الذكية القوية صاحبة الرسالة، والتي تريد أن تُعلم تلاميذها: “الخير، الجمال، الحق”.. حتي ولو كانوا شلة مشاغبين..

الكاتب

  • أبلة عفت عمرو عاشور

    روائي وكاتب مقال مصري.. صدر له اربع روايات بالإضافة لمسلسل إذاعي.. عاشور نشر مقالاته بعدة جرائد ومواقع عربية منها الحياة اللندنية ورصيف٢٢.. كما حصل على عدة جوائز عربية ومنها جائزة ساويرس عن رواية كيس اسود ثقيل...

    كاتب نجم جديد






ما هو انطباعك؟
أحببته
1
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان