ليونيل ميسي .. ليس سوى أن تريد أنت فارس هذا الزمان الوحيد
-
كيرلس داود
كاتب نجم جديد
ذهب يومًا قضاة بني إسرائيل إلى نبيهم المكرم صموئيل وقالوا له “ها أنت قد شخت ولم يسر ابناك في الطريق التي أنت سالك فاتخذ لنا ملكًا”، فما كان من هذا النبي المكرم إلا أن اختار لهم أحد جبابرة الشعب ويدعى شاول بن قيس وهو أول ملك في التاريخ اليهودي ولم يكن شاول يحس في داخله بكونه الملك الجديد وضل طريقه طويلا علي الرغم من أنه ممسوح من قبل نبي من أنبياء الله المكرمين، هكذا لم يصدق ميسي أنه حلم كل أرجنتيني علي الرغم من أن ممسوح بيد أعظم رمز كروي في تاريخ الأرجنتين بل ومن أعظم رموز الكرة في العالم دييجو أرماندو مارادونا.
ليونيل ميسي ولد صغيرًا وسط عماليق
بداية نحن بصدد الحديث عن النجم العالمي ميسي علي المستوى الدولي وليس علي مستوى الأندية التي لعب لها، طفلاً صغيرًا يبلغ من العمر تسعة عشر عامًا ينزل بديلاً للاعب الكبير “ماكس رودريجيز” فكان كالفتى المدلل وسط عمالقة اللعب في الأرجنتين (خوان بابلو سورين، كارلوس تيفيز، هيرنان كريسبو، خوان ريكيلمي، والتر سامويل، ستيفان كامبياسو ..وآخرين) بل ويتزعم كل هؤلاء العظيم دييجو مارادونا كمشاهد في المدرجات وهو ينظر للصبي الصغير ويقول له أنت القادم يا ولدي.
وبالفعل يصنع ليونيل ميسي هدفًا ويحرز هدفًا في أول ظهور دولي له ضد منتخب صربيا في كأس العالم 2006م وسط تلك الكوكبة العظيمة من اللاعبين وفي النهاية لم يكن للأرجنتين حظًا في الحصول على كأس العالم بل وحتى الوصول إلى المربع الذهبي لكن حلمًا ما يبقى.
للحلم شركاء آخرون
أخطأ ليونيل ميسي حينما اعتقد بسذاجة الأطفال أنه يمكن لطفل أن يفوز بكأس العالم وأن يكون رمزًا وامتدادًا لشخص بحجم دييجو أرماندو مارادونا فشارك بفريق الأرجنتين في كأس العالم 2010م والتي أقيمت في جنوب أفريقيا وكانت الخسارة الفادحة فكيف لطفل اعتاد اللعب وسط النجوم السالف ذكرهم أن يتحمل مسئولية المنتخب الأرجنتيني بما يحمل من تاريخ وسط استئساد رجالاً حقيقيين على الكأس الغالية وكانت خيبة الأمل الكبرى بخروج طفل الأرجنتين المدلل بهزيمة ثقيلة أمام الماكينات الألمانية بأربعة أهداف نظيفة.
مونديال 2014 م ريو دي جانيرو
إنها حقًا تقترب وأخطأ ميسي ثانية حينما اعتقد أن قدر العظماء أن يشاركهم آخرون فالعظيم لن يكون عظيمًا إلا وحده، تدخل الأرجنتين تلك النسخة وقد صار الأطفال رجالاً فيشارك معه (انخيل دي ماريا وهيجواين وأجويرو رفقاء دربه وورثة الحرس القديم) وتقام البطولة على أرض البرازيل فتمكن جمهور الأرجنتين من حضور كل مباريات البطولة تقريبًا ووصلت الأرجنتين بالفعل إلى الدور النهائي لكن تحقق وعد العظيم دييجو مارادونا حينما صرح قائلاً لميسي لن تكون رمزًا وأسطورة إلا عندما تنهي قصتك وتخسر الأرجنتين النهائي بهدف ماريو جوتزة وتفوز ألمانيا بالكأس.
2018م اليأس خيانة يا صغيري
مرت السنوات وأصبح حلم المونديال بعيدًا عن جماهير الأرجنتين، في ذلك الوقت فقط أدرك ليونيل ميسي أنه ينبغي أن يتخلى عن هذا الطفل المدلل الذي بداخله ولأول مرة بحق أشعر أنه قائد حقيقي لمنتخب الأرجنتين وأن قدر الرجال ليس هو التخاذل والتراخي وأن من أراد المجد ليصنعه بنفسه أيًا كانت المعوقات ويدخل تلك النسخة من البطولة بمجموعة من صغار اللاعبين ويبدأ العظيم دييجو مارادونا في رحلة النهاية، ويبدأ ميسي يرى جمهور الأرجنتين كما لم يراهم من قبل، شاخصين يحملون صوره ورقم الزي الخاص به ويضعون صورته علي فانلاتهم رجالاً ونساءًا يومئذ عرف ليو انه أصبح حلمًا لخمسين مليون أرجنتيني يعانون من صعوبة الظروف الإقتصادية والتهميش ولم يبق لديهم سوى البحث عن رمز وأمل جديد يساعدهم علي قسوة الحياة ، يومئذ عرف ليونيل ميسي انه أصبح رمزاً لم يسعى يوماً بأن يكونه.
يلعب ميسي المونديال لكن الحظ العثر يوقعه أمام جيل من أفضل أجيال الكرة الفرنسية ويخسر أمامهم في مباراة ملحمية ينظر بعدها دييجو مارادونا حزينا للحال التي وصلت إليه بلاده لكن لم يخب أمله في الطفل الصغير الذي قال عنه أفضل لاعبي العالم.
ليس سوى أن تريد أنت فارس هذا الزمان الوحيد
من المعروف لدى صناع الذهب في العالم أن معدن الذهب النفيس لن يلمع سوى بالنار وليست نار أعظم من حسرة خسارة كل الألقاب الدولية علي مدار أربعة عشر عامًا قضاها ميسي في منتخب الأرجنتين وتوقع أن يدخل كأس أمم أمريكا الجنوبية وهو وحيد أصبح مجرد لاعب مهاري لم يحقق شيئًا لبلاده ومصيره طي النسيان لكنه وجد أن الأمر أصبح أكبر منه فقد تحول ليونيل ميسي بالفعل إلى حلم كل الأرجنتينيين ولم يفقدوا الثقة فيه بل وجددوا عهدهم معه فلم يكن أمامه سوى أن يكون فارس هذا الزمان الوحيد ويفوز بكأس أمريكا الجنوبية لأول مرة في تاريخه ولكن تقدرون وتضحك الأقدار فلم تمر شهور على تلك النسخة من البطولة إلا ورحل بعدها رمز الأرجنتين العظيم دييجو مارادونا فيدخل ميسي نسخة كأس العالم 2022م فيجد جمهور الأرجنتين يلصق صورته بصورة الراحل العظيم وأدرك وقنتها أن أمل الأرجنتينيين ليس في الحصول علي كأس العالم بل في حصول ميسي على كأس العالم ولأول مرة أراه أرجنتيتنيًا بحق فتلك الفاجومية وهذا الإصرار والعناد والقتال من أجل الحصول على البطولة لم يكن متوفراً في هذا الطفل المدلل الذي عرف أن برحيل مارادونا أصبح مكانه خاوياً ولا يملأ مكان مارادونا طفل مدلل يظهر في الإعلانات ويقوم بحركات استعراضية في الكرة فكان على قدر المكان الذي اختاره له القدر وحصل على كأس العالم والبطولة الأغلي لأي لاعب وسط بعض الأطفال الذين تربوا عليى يديه فكان مثل سيده الذي حصل على كأس العالم 1986م وحده وتحققت نبؤة مارادونا حينما صرح قائلاً لن تكون رمزًا إلا في نهاية رحلتك يا صغيري.
الكاتب
-
كيرلس داود
كاتب نجم جديد