الأطفال أحباب الله.. فقط

صغير الإنسان أو كما يُطلق عليه “الطفل”، في المرحلة دي الإنسان بيكون عبارة عن كائن حي بيقضي أغلب وقته في رحلة البحث عن أي مصيبة.. لنفسه قبل أي حد تاني، وكإنه بجرب قدراته على الإيذاء والتخريب.

مرحلة الرضاعة .. والإزعاج
تستمر من سنة ونُص لسنتين، يعيش صغير الإنسان خلال الفترة دي -تقريبًا- من غير أي حصيلة لغوية، وعشان كده وسيلة التعبير المتاحة له هي الإزعاج، إذا جاع.. يصرخ؛ إذا عطش.. يصرخ، إذا إتئإح.. يصرخ؛ إذا زِهِق.. يصرخ؛ لو حس بالوحدة.. بالبرد.. بالحر.. بأي نيلة.. يصرخ.

اقرأ أيضًا 
حلقات مامي جديدة

وهو طبعا معذور تمامًا، عايز ينبه اللي حواليه لاحتياجاته اللي لسه ماعندهوش القدرة ولا الخبرة لتلبيتها بنفسه، لإن كل تفصيلة منهم محتاجة مهارات لسه ما امتلكهاش ولا عرفها أصلا، كمان لسه مافيش عنده حصيلة لغوية تمكنه من إنه يطلب أحتياجاته بهدوء أو بكلمات أصلا.

لكن يصرخ عشان عايز ينام ليه.. لييه.. لييييييه.

متلازمة الاستكشاف والطفو
مع بشاير نهاية مشكلة الكلام وبداية تكوين قاموس لغوي الأزمة مابتنتهيش، ولا الطفل من دول بيقعد على جنب يحفظ ويسمع في الكام كلمة اللي اتعلمهم، ده بينطلق في الحياة بوصفه خبير لسانيات وبيركز على تعلم وتطوير مهارات جديدة.. أعلبها حركية.
يشرع صغير الإنسان فورًا في الحركة بشكل تجريبي شديد الجراءة والعشوائية.. الأمر اللي بيخلق مشاكل جديدة خطيرة جدًا طول الفترة من سن سنتين لغاية 5 سنين.. كلها بسبب “حب الاكتشاف”.

لما مثلًا يحب يكتشف سائل ما بيلجأ غالبا لوسيلتين مافيش غيرهم، إذا كان السائل مُضر أو خطر.. يبقى يشرب منه أو يدلقه على نفسه، أما إذا كان السائل صالح للشرب.. يبقى يدلقه على الفرش أو ورق مهم أو جهاز غالي أو على أقل تقدير يحط موبايلك فيه.. ولو يصعب تنضيفه يبقى لازم يكتشف تأثيره على المفروشات والأرضية أو جسمه هو شخصيًا.

المرحلة دي بالنسبة لمتوسط عمر الإنسان قصيرة.. ورغم كده خطيرة جدًا، الطفل خلالها بيبقى عنده اهتمامات كتيرة ومتنوعة وكلها كارثية. بيحاول مثلا يخترع رياضات جديدة.. زي الغطس في قاعدة الحمام أو تسلق أي حاجة عالية. ومن أهم ملامح المرحلة دي أن مكان كل حاجة في البيت بيتغير، تحديدًا كل حاجة في البيت بتطفو لماكن أعلى.. ثم أعلى… ثم أعلى… وكان البيت بيغرق ببطأ.

الحس الفني كمان بيبقى الهمصلعنبي واخد حده معاه.. فبيبقى مهتم جدًا يوصل رسالته الفنية لكل الوسط المحيط ويسيب بصمته في كل ركن من أركان البيت…. وعلى كل سكانه لو أمكن.

إقرأ أيضا

الاستعراب يختزل الهوية ويدمر آثار الأجداد

المشكلة مش بس في حماية الأشياء من صغير الإنسان اللي بيطيح تكسير وتخريب ولحوسة ودهولة في كل حاجة تقع تحت أيده، إنما في حمايته هو شخصيًا من ذاته، فلمدة 3 سنوات متواصلة يتفرغ الطفل لمحاولات الانتحار أو على الأقل إصابة نفسه بأي عاهة مستديمة ممكنة.

من المتعارف عليه أن أغلب الأطفال في السن ده بتحب تدوق الكهرباء.. وأي حاجة أصلا، وهي المرحلة اللي اتصممت لها مخصوص جملة: مش من الأرض على بؤك يا منيل.
ومن نافلة القول أن الإنسان لازم يحرص على صغيره من محاولات الطيران.

المرحلة النيتشاوية
من 6 لـ 11 سنة بيقضي صغير الإنسان الفترة دي بين السحجات والجروح السطحية والكسور و… الأسئلة العميقة، أسئلة من نوعية “جبتوني أزاي؟؟”.. “ليه النخلة أطول من الشجرة؟؟”.. “القُطة بتعرف مامتها أزاي؟؟”..”ربنا ساكن فين؟؟”.. “الملايكة بتلبس هدوم؟؟”.. “الشمس بتنام فين؟؟”.. “يعني إيه رويترز؟؟”.. “اللي بيموت بيروح فين؟”.. سيل لا نهائي من الأسئلة القاتلة، اللي الطفل معتقد أن مهمة الكبار في الحياة هي الإجابة عليها.. طبعًا ده بجانب واجبهم الوطني في تسليته آناء الليل وأطراف النهار.