همتك نعدل الكفة
751   مشاهدة  

جاكسون إله الموسيقي المُخنثة

مايكل جاكسون
  • روائي وكاتب مقال مصري.. صدر له اربع روايات بالإضافة لمسلسل إذاعي.. عاشور نشر مقالاته بعدة جرائد ومواقع عربية منها الحياة اللندنية ورصيف٢٢.. كما حصل على عدة جوائز عربية ومنها جائزة ساويرس عن رواية كيس اسود ثقيل...

    كاتب نجم جديد



هذا الشخص مُخنث” هكذا قال أبي، وهو يعلق على استعراض مذهل أتابعه عبر الشاشة الصغيرة.

كان لوقع الكلمة أثر: “يعني إيه مُخنث؟” تساءلت وقتها، ولم أكن أبلغ حينها التسع سنوات، فأوضح أبي: “يعني عنده بتاع الراجل وبتاع الست”.

حاولت أن أتخيل هذا المنظر العجيب، وفي سري أردد: إذا كان يجمع بين الذكر والأنثى، فلا بد أنه إله.

وكان الإله يقدم معجزاته أمام ملايين المعجبين به… يميل بنصفه العلوى نحو الأرض بينما قدميه متشبثة بالأرض، إنه تحدى واضح لقانون الجاذبية، تحدى قد يدفع نيوتن لإعادة التفكير في نظرياته العلمية.

رغم امتعاض أبي من جاكسون إلا أنني وجدت نفسي مدفوعًا لمعرفته أكثر.

YouTube player

وكنا في تسعينيات القرن الماضي نتأثر بالمطربين، ولكن مايكل لم يكن أبدًا مطربًا عاديًا، كان بكل شلة شخص أو أكثر مُتأثر بجاكسون، يحاكيه في طريقة الملابس والأداء والرقص أيضًا – لعل ذلك ما جعل المخرج والسيناريست عمرو سلامة لتقديم مثل تلك النماذج بفلمه شيخ جاكسون- وكان بشليتنا صديق أطلقنا على محمد جاكسون، نظراً لهوسه بهذا المغني.

وحين سألت محمد جاكسون عنه، حكي لي عن طفولته البائسة، كيف كان يعامله والده بقسوة شديدة، وعن فريق جاكسون، الأخوة الخمسة الذين جابوا شوارع أميركا بفنهم المتفرد.

ثم عن انفصاله عنهم، وطرحه لأول ديتو مع المغني بول ماكورتني تحت عنوان The Girl Is Mine في عام 1982، وهو نفس العام الذي ولدت فيه، وكيف حققت هذه الأغنية نجاح كبير حتى أنها احتلت المرتبة الثانية بترتيب الاغاني الامريكي والمرتبة الثامنة بالمملكة المتحدة.

كل هذا لم يثر اهتمامي بقدر ما أثارتني رقصاته المدهشة ونبرة صوته، تلك النبرة الآن تتردد في أذني، خاصة أغنية  Beat It والتي كانت تدعو إلى الهروب، الهروب يا إلهي كل ما كنت – ولا أزال – أحتاج إليه.. فلماذا لم أهرب؟ ربما لأنني سيء كما يردد جاكسون.

YouTube player

هذه النبرة من وجهة نظري هي السر الكبير وراء نجاحه، وهو ما يذكرني بصوت أم كلثوم، ذلك الصوت الذي يجمع بين الأنوثة والذكورة، أنه مُخنس بالفعل، ولكن ليس مثلما قال أبي، أنه مخُنس الصوت، ذلك المزج العجيب البين بين.

هل هو السبب الوحيد لنجاحه؟ لا أعتقد ذلك، هنا أيضاً الموسيقي التي كان يؤلفها، تلك المزيكا التي لم يسمع بها العالم من قبل.. من أين أتي بها؟ والكلمات.. كنا من المحظوظين في هذا العصر، وكانت ألبومات مايكل دائماً ما تترجم كلماتها للعربية بأغلفة الألبوم.. هكذا عرفنا ما يود قوله.

لم تكن الأغاني عاطفية كما تعودنا، بل كانت تناقش قضايا إنسانية مثل العنصرية والضعف الإنساني.. كأنه إله بالفعل اختار لنفسه رُسل من نوع خاص جداً: الموسيقي بلغاتها العالمية، تلك الألحان التي حفظناها كما نحفظ النصوص المدرسية.

لا مجال للمقارنة.. الموسيقي تنساب، وتتدفق بلا وعي منا، حتى أكثرنا بلاهة تمكن من حفظ هذه الألحان، والكلمات.. وما أدراك ما الكلمات، نحفظها دون الحاجة إلى ترجمات. ثم الرقص، تلك معجزة المعجزات، خاصة السحبة، أو رقصة القمر الشهيرة.

YouTube player

أما أفلامه، خاصة فيلمه Ghosts الذي طُرح في عام 1996م كان حدثا عظيما بالنسبة لنا، أنه يتحدث عن الموتى الأحياء، والذي عارضته الكنيسة وقتها، وذلك لاعتباره ترويج للسحر وذكره لإله ياهو.. ولـ ياهو حكاية قد نذكرها في مقالة منفصلة، مما دفع جاكسون لتبرئة نفسه من تلك التهمة، ومع ذلك حقق الفيلم إيرادات خيالية كباقي أعمال مايكل.

إقرأ أيضا
الكعبة
YouTube player

مايكل أكثر شخص في العالم تعرض للإشاعات، أشهرها التحرش بالأطفال، وهي تهمة لم تثبت عليه، وإن كنت أعتقد أن تلك التهمة بعيدة عنه، وأن الأمر كله يكمن في حبه للأطفال، وربما عقدة قديمة ترسبت بداخله من معاملة والده له.

ولكن تبقي إشاعة أنه كتب في وصيته أنه يرغب في أن يُدفن بالقمر الأكثر انتشاراً.. حينها تخيلت جثمانه وهو يصعد من خلال ماكوك أو مركبة فضائية إلى هناك، حيث سيكون وحيدًا ومتفردًا كما عاش على الأرض.

يومها دار نقاش حاد حوله وحول يوم القيامة.. وعودة الجسد، والحساب والعقاب، وهل سيفلت من كل هذا ليطل علينا من عليائه مبتسمًا، وربما راقصًا كأي إله حقيقي بينما نعاني نحن من التخبط والتعرق والوقوف أمام العرش للمسائلة والحسبان..

أعلم أن هذا لم يتحقق، وأنه توفي أثر جرعة زائدة من دواء بروبوفول من طبيبه الخاص كونراد موراي والذي اتهم بالقتل الخطأ وعلى أثر تلك التهمة قضي أربع سنوات بالسجن.

أجل! كان مايكل جاكسون إنسان يعاني من قلة النوم، ومن الإحباطات، ومن الخوف الدائم من الفشل، ومن الديون كذلك. لكنه ليس كأي إنسان.. لقد كان – ولا يزال- متفرداً بفنه، خالدًا بما تركه من بصمة متميزة ستظل إلى الأبد.. وهكذا الإنسان الحقيقي القادر على كل شئ إذا أراد، إنه نموذج للإنسان الذي تحدث عنه نيتشه.

الكاتب

  • مايكل جاكسون عمرو عاشور

    روائي وكاتب مقال مصري.. صدر له اربع روايات بالإضافة لمسلسل إذاعي.. عاشور نشر مقالاته بعدة جرائد ومواقع عربية منها الحياة اللندنية ورصيف٢٢.. كما حصل على عدة جوائز عربية ومنها جائزة ساويرس عن رواية كيس اسود ثقيل...

    كاتب نجم جديد






ما هو انطباعك؟
أحببته
2
أحزنني
0
أعجبني
1
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان