العمر كله .. بهاء سلطان والدوران في حلقة مفرغة
-
محمد عطية
ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
منذ إعلان انفصال بهاء سلطان عن المنتج نصر محروس وانضمامه إلى شركة روتانا والكل يتطلع إلي عودة مظفرة منه يعوض بها السنين التي كان صوته محبوسًا فيها ويعيد تقديم نفسه بشكل جديد ومختلف، أصدر سلطان العديد من الأغاني الجديد مثل “دلوقتي عجبناكم – ندرًا عليا” وصولاً إلى آخر أغنياته “العمر كله”.
في “العمر كله” يتعاون بهاء سلطان لأول مرة مع الشاعر “خالد تاج الدين” وقام بوضع اللحن المخضرم وليد سعد وقام بالتوزيع الموسيقي أحمد إبراهيم.
الكلمات:
كلمات خالد تاج الدين تعاني من قلة النضج وعدم السيطرة على وحدة فكرة الأغنية التي أحيانا تكون غير واضحة المعالم هو يرص شطرات مقفاة بمفردات مستهلكة جدًا لا تلمح فيها صورة شعرية متميزة.
الأغنية جاءت في إطار من العبث الشعري حيث بدأت بمقطع “العمر كله عشتهولك خد ايه – هو اللي قلته عليك قلته من شوية – أنت السبب في اللي جرى ووصلنا ليه – ما تسبني أجرب حد تاني جديد عليا”.
نلاحظ أن أول ثلاث شطرات يجمع بينهم فكرة واحدة تلخص أن العلاقة وصلت إلي طريق مسدود مع تحميل طرف وزرها، ثم يخرج عن الفكرة في آخر شطر “ماتسبني أجرب حد تاني جديد عليا” وهنا نطرح سؤال هل هناك ما يمنع من أن تجرب شخص آخر؟ خصوصًا وأن العلاقة انتهت إذن لماذا الإستئذان!
المقطع الثاني يكشف عن شيزوفرينيا شعرية حيث يبدأ من منطق قوة في اول شطرين “ان شا الله تفضل 100 سنة واقف كده – أنا مش هكمل يوم كمان في الظلم ده” ثم يعود إلى الخنوع والخضوع في آخر شطرين حيث يظهر ضعف المتكلم “رجعلي عمري اللي سرقته مني تاني – يا تسبني أمشي و بالسلامة خلاص كده” وكأنه يستأذن للرحيل رغم إعلانه في بداية المقطع نفسه “أنا مش هكمل يوم كمان في الظلم ده”.
في المقطع الأخير تتواصل الكوارث الشعرية حيث يبدأ بشطر مضمونه بديهي جدًا “الدنيا لسه فيها غيرك ناس كتير – وهلاقي حد يعوض اللي شفته منك” ثم ينهي المقطع بشطرين لا معنى لهما “انا بعترف مكنش فى زيك كتير” الذي يبدو وكأنه مدحًا ثم ينهيه بشطر خارج السياق “كرهتني حتى أني اسمع كلمة عنك” وهو يتنافى مع المنطق اصلًا لأن ما الدافع لأن توجه حديثك إليه أصلًا.
رغم أن أفكار أغاني خالد تاج دائمًا ما تدور في فلك الأغاني العاطفية فقط، إلا أنه دائمًا ما يقع في نفس المشكلة وهي الصياغة الغير منطقية التي تخرج الفكرة مشوهة رغم أن الموضوع بسيط لا يحتاج إلي مجهود خصوصًا وأن أفكاره تقليدية جدًا كتبت الالاف المرات ويمكن الرجوع إلي أغنية “عملتي إيه” للمطرب هشام عباس حتى تتضح الصورة أكثر.
الموسيقى:
على مقام الكرد يأتي معظم لحن وليد سعد مع ملامسة مقام البياتي على استحياء في بعض المواضع، طول الشطرات المكتوبة نسبيًا أجبرت وليد سعد على صنع جمل لحنية تتوافق مع طولها، اللحن مصبوب في فكرتين في قالب الأغنية الذي نراه حاليًا حيث تتكرر الفكرة الأولى في الكوبليه الوحيد على نمط (أ-ب-أ) بناء اللحن جيد كل جملة ترد على الأخرى وإن وقع في فخ استنساخ روحه من لحن أغنية “أنا مصمم” للملحن رامي جمال.
توزيع أحمد إبراهيم هو أفضل ما في الأغنية وهو ما احالنا إلى أغنية “أنا مصمم”، تبدأ الأغنية بصولو شجي جدًا من التشيللو تزحف خلفه الوتريات في خطين متعارضين، الوتريات والجيتار تعمل كمردات للغناء، إيقاع خافت يتناسب مع أجواء الأغنية الدرامية، جملة الفاصل من التشيللو اكثر من رائعة تشعرك بأنها استكمال لجملة المقدمة ترد عليها الوتريات التي ستسلم الغناء في الكوبليه الوحيد ثم تنهي الأغنية بسلاسة شديدة،أداء بهاء سلس دون زخارف لحنية يغني من طبقة هو يرتاح لها ويبرع فيها.
الأغنية صدرت دون دعاية صاخبة وهو أمر اعتيادي من روتانا التي لا تهتم بالدعاية الكافية لبعض المطربين وفي ظل الصورة السلبية التي ظهر عليها بهاء في أغانيه الأخيرة التي صدرت بشكل متلاحق مع شركة روتانا، والتي تؤكد على أنه يدور في حلقة مفرغة يحاول فيها اقتفاء أثر أغنياته السابقة دون ان يتحرك خطوة واحدة نحو تجديد مشروعه الغنائي.
جديد عمرو دياب .. هل حانت لحظة التغيير؟
الكاتب
-
محمد عطية
ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال