ما بعد زلزال تركيا .. حملة اعتقالات لمقاولين بتهمة الإهمال المُفضي إلى القتل
-
إسراء أبوبكر
صحفية استقصائية وباحثة في شؤون الشرق الأوسط، نشأت تحت مظلة "روزاليوسف" وعملت في مجلة "صباح الخير" لسنوات.
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
اتفق الخبراء أن “الزلازل لا تقتل، ولكن المباني تفعل” فلم يحدث أن انشقت الأرض بفعل زلزال وقتلت من عليها، لكن انهيار المباني هو السبب الأول للخسائر البشرية التي تجاوزت 33 ألف قتيلًا، في بلدٍ يقع على حزام زلازل البحر المتوسط ويتعرض لها باستمرار- آخرهم كان زلزال إزمير بقوة 6.9 ريختر الذي أسفر عن مئات الضحايا بين قتيل وجريح-؛ من الطبيعي أن تؤخَذ الإجراءات الاحترازية بجدية أثناء البناء وللغضب الشعبي العارم تجاه قطاع المقاولات كل الحق في المطالبة بمحاسبة المهملين.
كشفت الكارثة التي حلَّت بتركيا مؤخرًا عن إهمالات جسيمة من شركات المقاولات التي تربَّحت ملايين الليرات بدعوى تشييدها مباني مقاومة للزلازل، في حين اتضح أنها مبنية بالمخالفة لقوانين البناء وبمواد أساسية أقل من المعايير العالمية؛ مما أدى إلى انهيارها فوق رؤوس ساكنيها أثناء الزلازل التي دمرت 10 ولايات جنوبية على رأسهم غازي عنتاب وكهرمان مرعش.
وزير العدل التركي “134 مشتبهًا به يجري التحفظ عليهم حاليًا”
وسط غضبٍ شعبي تجاه حجم الخسائر التي تكبَّدتها البلاد أعلنت وسائل الإعلام المحلية حملة اعتقالات طالت المقاولين المسئولين عن عدد من المباني المُنهارة في مناطق الزلازل؛ بعد المعاينة المبدئية للمباني المنهارة في مقاطعة كهرمان مرعش وأضي يامان ثَبُت وجود إهمال في عملية البناء، ومن ثَمَّ يقع على عاتق المقاول المسئول عن الإنشاء مسئولية جنائية تجاه الأرواح التي أُزهقت تحت الأنقاض.
أعلن وزير العدل التركي “بكر بوزداغ“ عن حملة اعتقالات تضمنت 134 مشتبهًا به، تم اعتقال ثلاثة- منهم اثنين حاولا الهروب خارج البلاد- والتحفظ على سبعة منهم، في حين صدرت قرارات بوضع بعض المشتبه بهم على قوائم الممنوعين من السفر وجارٍ البحث عن 114 آخرين.
أحد المقاولين بعد اعتقاله من مطار إسطنبول: “ضميري مستريح”
في تصريح بوزداغ أشار إلى اثنين من المتهمين حاولا الفرار قبل القبض عليهما بعد زلزال تركيا وهما “يافوز قراقوش” وزوجته “سفيلاي” اللَذَين اعتقلتهما الشرطة أثناء محاولة الخروج من البلاد من خلال مطار إسطنبول الدولي؛ تم القبض على المشتبه بهما عقب انهيار البنايات التي توليا إنشائها بمقاطعة “أضي يامان” مما تسبب في مقتل العشرات.
بعد التحفظ على الزوجين تبين حيازتهما لمبلغ 16 ألف دولار و20 ألف ليرة حاولا الهروب بهم إلى جورجيا، بعد انهيار أربعة مباني من أصل 40 مبنى شيدتها الشركة التابعة لهما أوضح قراقوش لمراسل صحيفة مليت الذي لاحقه بالأسئلة- أثناء نقله إلى مكان الاحتجاز= أنه شيد كل مبانيه وفقًا للقوانين المتعارف عليها ولا يعاني من عذاب الضمير.
لم يكن قاراقوش الوحيد الذي حاول الهروب عبر المطار محمد ياشار المسئول عن مجمع سكني بـ “هطاي” تم القبض عليه في المطار أيضًا قبل سفره إلى الجبل الأسود، بعد أن انهارت مباني المجمع السكني الذي بناه عام 2013 وروَّج له تحت شعار “قطعة من الجنة”.
متهم في 51 قضية ولا زال يزاول أعمال البناء
وفي مدينة “موغلا” الواقعة على ساحل بحر إيجه لاحقت قوات الأمن “عمر جيهان” أحد مقاولي مدينة أنطاكية -أحد أكثر المدن المتضررة من زلزال تركيا -، عممت الشرطة مواصفات المشتبه به والسيارة التي هرب فيها وقضت ايامًا تمشط كاميرات المداخل والمخارج التي يُحتمل مروره من خلالها، حتى تم التحفظ عليه.
من الجدير بالذكر أن جيهان مرفوع عليه 51 دعوى قضائية فيما يخص أعمال المقاولات، وتسبب انهيار البرج الخاص به في مقتل العشرات؛ الأمر الذي برره قائلًا “لقد تمت أعمال البناء كلها بالتراخيص الحكومية ولو وجدت بها أي مخالفة كان سيتم سحبها، لا يوجد خطأ واحد وقع أثناء عملية البناء”.
فيما تحفظت قوات الأمن على “حسن ألبارجون” أثناء محاولة هروبه عبر قبرص التركية وهو المسئول عن مجموعة من العقارات بمدينة “أضنة” قُتل فيها جميع السكان البالغ عددهم 80 شخصًا، بينما لم يخرج على قيد الحياة سوى مُسن نجا بأعجوبة، بعد اعتقاله كان تعليقة الوحيد الذي أدلى به للصحافة “قضاء وقدر”.
كما نجحت قوات الأمن بعد زلزال تركيا في القبض على “محمد أقاي” صاحب المجمع السكني الذي انهار في ولاية “غازي عنتاب” تاركًا تحته مئات القتلى، و”سربيل بشار” أحد الشركاء في مكتب مقاولات بمدينة “مالاطيا”، و”عثمان أركن” الذي انهارت إحدى بناياته بمدينة “شانلي أورفا” ضمن حملة الملاحقات المستمرة حتى الآن.
الكاتب
-
إسراء أبوبكر
صحفية استقصائية وباحثة في شؤون الشرق الأوسط، نشأت تحت مظلة "روزاليوسف" وعملت في مجلة "صباح الخير" لسنوات.
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال