من يشرب الشاي على طاولة المرسي أبو العباس؟

أبو العباس مرسي، إمام الصوفية وأستاذ الفلسفة الروحية، الفقيه العالم الذي أمضى حياته في الإسكندرية زاهدًا، خادمًا للدين، وهاديًا لنور العقيدة والإيمان .. كراماته، ومكانته في دنيا الصفاء والشفاعة لله، يعرفها كل أهل الإسكندرية، والملايين من تلاميذه ومريديه في العالم الإسلامي كله .. أما ع سيرته وحياته فقد لا يعلمها الكثيرون.

في إحدى قرى الأندلس ولد سنة 616 هجرية .. وفي الخامسو والعشرين من عمره ركب البحر مع والديه في طريقهم لأداء الحج .. غرقت السفينة، ونجا أبو العباس ليجد نفسه في تونس، وهناك التقى بأستاذه أبي الحسن الشالي، والذي اتجه بعد ذلك إلى مصر في قافلة من المريدين والتلاميذ ومن بينهم أبو العباس المرسي. ويقول الرواة أن أبا الحسن وتلاميذه نزلوا في البداية في دار بكوم الدكة .. ومن الثابت أنه كان يلقي دروسه في مسجد العطارين وفي هذا الجامع أيضًا أعلن أبو الحسن الشاذلي مبايعته لأبي العباس خليفة له في طريق الدعوة .. طريق الدرس والتأمل والفناء في ذات الله .

وأمضى أبو العباس حوالي 45 عامًا في الإسكندرية يدرس ويوجه ويقود أكبر دعوة صوفية في التاريخ الإسلامي .. ورغم أنه لم يؤلف كتابًا واحدًا، ألا أنه خلف وراءه حشدًا ضخمًا من التلاميذ والرواد والأقطاب من بينهم ياقوت العرشي، وابن عطاء السكندري والبوصيري والشاطبي والقباري .. أما عن مسجده فقد بدأ ضريحًا يضم رفاته .. وبقى هذا الضريح منذ عام 686 هجرية حتى نهاية القرن التاسع الهجري، حيث أعاد تجديده والي الإسكندرية في ذلك الوقت الأمير قجماس .. وبنى لنفسه قبرا بجوار أبي العباس.

وفي بداية القرن العاشر الهجري قام أحد الأغنياء المغاربة بتجديده مرة أخرى ودفن فيه أيضًا .. وفي عام 1863 .. حدثت كرامة من كرامات أبي العباس . فقد زار أحمد الدخاخني شيخ البنائين في الإسكندرية في منامع وطلب منه العناية بضريحه .. ومن ليلتها وجه كل جهوده لتجديد الضريح وبناء المسجد .

الزواج على طريقة المرسي أبو العباس 

يحرص أهل الإسكندرية على أن تصحبهم بركة (أبو العباس) في كل المناسبات الاجتماعية وفي مقدمتها الزواج .. وإن أغلب العرسان في الإسكندرية يحرصون على أن تبدأ حياتهم الزوجية بزيارة لأبي العباس وقراءة الفاتحة له .. وإن موكب العرسان اليومي حول المسجد لا ينقطع في أي وقت .. العروس والعريس في سيارة تطوف حول المسجد عدة مرات .. التماسًا للبركة والحظ السعيد ..  وأصبحت قاعة الاستقبال في المسجد، المكان المفضل لكثير من العرسان لعقد القرآن في جو روحي صافٍ بعيد عن زيطة السرادقات وصالات الأفراح ..

قال فضيلة الشيخ عبد الجليل العساسي في تصريح خاص لجريدة الأهرام بعام 1980 أن عقد القران في مسجد أبي العباس أصبح ظاهرة .. أقبل عليها الكثيرون .. ففي يومي الخميس والأحد يصل عدد العرسان إلى أكثر من 25 عريسًا في الليلة الواحدة، مما اضطرنا إلى إعداد قاعة أخرى في المسجد بجوار القاعة الرئيسية .. وإلى تحديد مواعيد كل قران.

ويقول يوسف كمال خبير التخليص الجمركي .. وأحد أبناء حي المساجد في بحري .. كنت أول إنسان يعقد قرانه في مسجد أبي العباس كان ذلك في نهاية عام 1944 .. يومها أشرف على عقد القران الشيخ الجزيري شيخ المسجد في ذلك الوقت .. ولكن لم تحضر الزوجة العقد .. وإنما حضر وكيلها فقط وعدد محدود من المدعوين .

إقرأ أيضا

شجيع بمسلسل جولة أخيرة .. كسب في الماتش ولا الحقيقة

مكانة القرشي عند المرأة السكندرية

ويححظى سيدي ياقوت القرشي بمكانة خاصة داخل نفوس سيدات الإسكندرية ويحرصن على النذر له ومباركة خطواتهن على طريق الزواج ويروي التاريخ أن الناصر بن قلوون سلطان مصر طلب ذات يوم من ابن العباس يد ابنته ليزوجها ابنه، ولكن أبا العباس أعرض عن هذا الطلب وفضَّل أن يزوج ابنته عبده الذي أعتقه ياقوت القرشي الذي يعتبره أخلص تلاميذه في الدعوة والإيمان .

المصدر : أعداد جريدة الأهرام بالسبعينات والثمانينات