مسلسل “رشيد” قصة خيانة وانتقام عن رواية فرنسية من القرن الـ19

ريهام عبد الغفور ومحمد ممدوح يخوضان موسم رمضان 2023 بمسلسل “رشيد”، يقدم البطلان لونًا جديدًا من الإثارة والتشويق؛ مع مشاركة مميزة لأِشرف عبد الغفور تجمعه بابنته لأول مرة. 15 حلقة تعرض قصة خيانة وانتقام ، في إطار من المنعطفات الحادة خلال تطور الشخصيات، والتي نجحت بشكل كبير في لفت نظر الجمهور بمجرد صدور الإعلان التشويقي.

يعرض مسلسل رشيد يوميًا في التاسعة مساءً على قناة MBC مصر وعلى موقع شاهد مجانًا، حصد المسلسل ردود فعل إيجابية عبر مواقع التواصل الاجتماعي بمجرد صدور الإعلان التشويقي، والذي اكتنفه غموض أوضحته الحلقة الأولى. المسلسل بطولة ريهام عبد الغفور ومحمد ممدوح، مع باقة من الفنانين المميزين “صلاح عبد الله، سيد رجب، خالد كمال، تامر نبيل، حسن العدل، أحمد محارب، هالة صدقي، محسن منصور، وحسن مالك”. 

مسلسل رشيد من تأليف وسام صبري وإخراج مي ممدوح، في أول تجربة إخراجية لها بعد مشاركتها كمخرج منفذ في الكثير من الأعمال، أهمها مسلسل “واحة الغروب” وفيلم “بيبو وبشير”- أحد محطات انطلاق محمد ممدوح-. 

رؤية معاصرة لرواية فرنسية من القرن الـ19

القصة في الأصل رواية للكاتب الفرنسي “ألكسندر دوماس” بعنوان “كونت دي مونت كريستو” التي تحولت لفيلم، والمسلسل يعرض رؤية معاصرة مأخوذة منها. الرواية تنتمي لنوعية المغامرات مع مسحة رومانسية دون الخوض في تفاصيل نفسية، بطلها إدمون دانتيس شخص أخلاقي حوله الظلم إلى منتقم. يشي أحد أصدقاء دانتيس به إلى السلطة الفرنسية، ليسجن بتهمة معاداة السلطة ويلتقي براهب في السجن يساعده على اكتشاف من أوقع به، ثم يهرب عن طريق نفق حفره بعد 14 عامًا جعلت معارفه يعتقدون موته، ليبدأ رحلة الانتقام بشخصية جديدة ومختلفة.

نشرت الرواية في منتصف القرن الـ 19 ، وتدور أحداثها بعد سقوط نابليون في السنوات من 1815م حتى 1844م ، لكاتب بدأ حياته في إحدى قرى فرنسا ومنها انتقل إلى باريس حيث تدور معظم أحداث روايته، اشتهر دوماس خلال حياته بإسرافه الشديد وحس فكاهة دائم. رواية كونت دي مونت توماس أحد أشهر أعماله وأوسعها انتشارًا، وهي واحدة من مؤلفاته الغزيرة التي ألهمت أكثر من 200 فيلم. دوماس أحد أشهر أباء فرنسا وأكثرهم احترامًا؛ فقد سميت محطة مترو  باريس باسمه ونقل رفاته إلى مقبرة البانثيون- مقبرة العظماء-.

• تحذير حرق أحداث المسلسل

القصة تدور حول رشيد (محمد ممدوح) الذراع الأيمن للحاج فهمي (صلاح عبد الله) صاحب مجموعة استثمارية، أب أعزب يعيش مع والده وطفله سيف بعد وفاة زوجته، بناءً على رغبة والده يخطب أسماء (ريهام عبدالغفور) والتي ترعاه وتحسن معاملة والده وابنه. تنقلب الأحداث الهادئة بعد تعرض رشيد للخيانة من صديقه أمير (تامر نبيل)، والذي كان يحاول مساعدته لأيجاد عمل عقب خروجه من السجن.

تتطور الأحداث ليصبح رشيد متهمًا بالقتل ويسجن زورًا، ثم يخرج من السجن ليبدأ رحلة البحث عن الانتقام مستخدمًا هوية جديدة باسم حسن، في الوقت نفسه يبحث عن ابنه سيف (حسن مالك). يظهر صلاح (خالد كمال) صديق رشيد منذ الحلقة الأولى والذي تتسم شخصيته بقدر من الأخلاق؛ يحاول تحذير صديقه من الوثوق في أمير الذي يبيت في البار الذي يعمل به.

تلفت الحلقة الأولى نظر المشاهد لقرب رشيد المميز لدى رب عمله، وغيرة وحقد الموظفين الآخرين من مكانته تلك، والتي يرون أنه حصل عليها بالرياء والتسلق، حيث وصفوه في أحد المشاهد بـ “مساح الجوخ” و”الشماشرجي”- كلمة تركية الأصل تستخدم في العامية المصرية بمعنى انتهازي-.

ديكورات مميزة ومشاهد مصورة في أحد بارات وسط البلد

صناع العمل بذلوا مجهودًا ناجحًا في اختيار الملابس التي ناسبت طبيعة الشخصيات، سواءً في مرحلة معيشتهم البسيطة قبل تسارع الأحداث، أو بعد أن أصبح رشيد وصلاح رجلا أعمال ناجحين. المكياج يمكن أن يكون إلى حد ما غير مناسب، لكنه على مستوى جيد مقارنة بغيره من الأعمال التي تقع في خطأ المبالغة. 

الديكورات والمواقع كانت مناسبة أيضًا، مواقع التصوير التي ظهرت في الحلقة الأولى “المنزل، الشركة والبار” متوافقة في شكلها ونظامها مع الحالة العامة للتوقيت الزمني؛ حيث استخدموا تاكسي قديم الطراز بألوانه الأبيض والأسود، وظهر رشيد يشاهد مباراة الأهلي والإسماعيلي من خلال تلفاز ضخم قبل انتشار الشاشات الرفيعة.

أمَّا مشاهد البار فقد صورت في بار حقيقي بوسط البلد، حيث ظهر الديكور الداخلي للمكان كما هو حتى يومنا هذا مع إخفاء اسمه، حتَّى المشهد الذي تم تصويره أمام الباب الخلفي للبار لم يكن موقع داخل مدينة الإنتاج بل هو في الحقيقة شارع جواد حسني.

إقرأ أيضا

ماذا ترك الاحتلال البريطاني في مصر؟

قصة متداخلة بين الماضي والحاضر ومشهد واحد ضعيف

أسلوب سرد القصة متداخل الأزمنة بين الحاضر والماضي، بدأ في الحاضر مع حسن- شخصية رشيد في المستقبل- وهو يحتفل مع صلاح على ظهر يخت يملكه، رجل أعمال ثري يبحث عن ابنه وصديقه الخائن ليرجع الزمن فجأة إلى الماضي، ويعرض خط زمني أقدم للشخصيات نفسها. أسلوب عرض قصصي قديم انتهجته العديد من الأعمال العالمية والمحلية، لكنه قد يشوش المشاهد أحيانًا ويرغمه على بذل مجهود أكبر لتجميع الأحداث.

عرضت الحلقة الأولى من مسلسل رشيد مشاهد احتفال جماهير الأهلي في الشوارع بدرع الدوري، بعد مباراة حاسمة في دوري عام (2008-2009) والتي تابعها بطل العمل الأهلاوي؛ إلا أن تجمعات المشجعين تلك كانت أضعف مشاهد الحلقة، ويبدو أنها لم تنل حظًا من الجهد لجعلها تبدو أكثر واقعية. 

المسلسل بشكل عام قدم حلقة أولى قادرة على جذب الانتباه، لكنها ربما خيبت ظن شريحة من الجمهور توقعت قدر أكبر من التشويق، ناهيك عن أن القدرات الفنية للأبطال لم تظهر بعد. فنيات العمل متكاملة بشكل معقول، لا يشوبها سوى مشهد المشجعين غير المتقن، والذي نتمنى أن يكون المشهد الضعيف الوحيد في عمل فني جيد.