همتك نعدل الكفة
268   مشاهدة  

خطيئة مارك ومأساة المراقبة في صمت

المراقبة في صمت
  • كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



وسقطت العباءة .. أو بمعنى أصح : أسقط مارك زوكربيرج الرئيس التنفيذي لموقع الفيس بوك، عن مجتمع السوشيال ميديا العباءة، وفي أقل من لحظات جاء طوفان روّاد السوشيال ميديا من المصريين، الجميع في خجل، الجميع يخشى ما حدث لافتضاح أمره .. ولهذا كانت السخرية هي المنقذ الوحيد لهؤلاء فكان طوفان الكوميك والميمز والسخرية من تلك المأساة وتحويلها بشكل أو بآخر إلى سلسلة من المشاهد الكوميدية – بل شديدة الكوميديا – والتي يخبرنا فيها صاحب المأساة بأن لديه أزمة ما لكننا نُستَدرَج – جميعًا-  خلف السخرية بدلاً من أن نبحث خلف أزمة عميقة ضربت فئة كبيرة من مجتمع السوشيال ميديا المُحمَّل بالعُقَد النفسية .. وهو أن هناك عطل فني حدث لساعات قليلة وفيه يرسل صاحب أي أكونت “طلب صداقة” تلقائيًا لمن يراقبه في صمت.

بعض من ميمز السخرية من العطل الفني
بعض من ميمز السخرية من العطل الفني

في افتتاحية فيلم الحريف تقول الشاعرة أمنية جاهين، بنت الوز :

فيه ناس بتلعب كورة في الشارع

وناس بتمشب تغني تاخ صورة في الشارع

فيه ناس بتشتم بعض .. تضرب بعض .. تقتل بعض .. في الشارع

فيه ناس تنام ع الأرض في الشارع

وناس تبيع العرض في الشارع

وفي الشارع أخطائ كتير صبحت صحيحة لكن صحيح هتكون فضيحة

لو يوم نسينا وبوسنا بعض في الشارع

 

وكان ما فعله مارك ورد فعل الجمهور الذي صرخ من فجيعة ما حدث هو المُعبّر الرئيسي عن مقولة أمنية جاهين “لكن صحيح هتكون فضيحة .. لو يوم نسينا وبوسنا بعض في الشارع” .. أي أننا أمام فئة مجتمعية لا تخشى يوميًا أن تمارس التنمر علنًا على الهواء مباشرةً ومن خلال “الكومنتات”، ولا تخشى يوميًا أن تمارس التسلّط وفرض حالة من الوصاية على كل من يكتب حرفًا أو كل من تظهر في صورة أو لايف أو فيديو أو أي نوعًا من أنواع المحتوى على السوشيال ميديا .. بل وصل الأمر لبعضهم أن يأكل عيشه من التجارة بجسده أو سمعته في بوابات “الروتين اليومي” الخلفية .. لكنهم وبشكل أو بآخر يخجلون من المصارحة بالحب، أو حتى بالكشف عنه.

 

وضف إلى علمك- وبعيدًا عن الازدواجية في نظرة مجمتمع الوسشيال ميديا في الخجل أثناء الإعلان عن الحب والفخر أثنء الإعلان عن الوقاحة- أن المراقبة في صمت، وهي سمة من سمات الخوف المجتمعي من الحب عمومًا .. ضِف إلى علمك أن موقع “بيزنس إنسايدر” قد عرض تقريرًا أن المراقبة عن صمت هي واحدة من الأعراض الناتجة عن أمراض السوشيال ميديا، ذلك لأن المراقبين في صمت بشكل دائم ولفترات زمنية طويلة هم في الأساس فئة تشعر بالعنصرية والحزبية عن غيرها، ومن خلال الإحصائية التي أنتجتها الدراسة المنشورة على الموقع فإن عدد كبير منهم يتعرض للإساءة في حياته الشخصية ومن المقربين له عندما يفصح عن مشاعره بصراحة .. كما أن عدد آخر منهم يشعر –وهمًا- بأن هناك من يراقبه هو الآخر . لذلك فإن المراقبة عن صمت مرضًا اجتماعيًا ونفسيًا لابد من تحليله بشكل أكثر جدية لا أن نسخر منه.

إقرأ أيضا
فنلندا

 

 

 

 

الكاتب

  • المراقبة في صمت محمد فهمي سلامة

    كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان