همتك نعدل الكفة
89   مشاهدة  

ما بين مِصر وعُمان.. محطات مهمة وطدت العلاقات على مدار خمسين عامًا

العلاقات المصرية العُمانية


علاقات ثنائية إقليمية وطيدة بين أرض الكنانة وأرض مجان قادها رجل السلام، ابن عائلة البوسعيد، وقائد النهضة الإصلاحية في بلاده، السلطان “قابوس بن سعيد”، السلطان الثامن لسلطنة عُمان، والذي تَقَلد زمام الحكم في 23 يوليو 1970م، فكان صاحب أطول فترة حكم بالشرق الأوسط، استطاع فيها أن يقود وطنه وشعبه إلى الوحدة الوطنية بعد سنواتٍ من الحرب الأهلية التي نشبت أثناء حكم والده السلطان “سعيد بن تيمور”.

 

ولقد ذكر الفنان الكبير سمير صبري في مذكِرّاته، والتي تحت عنوان “حكايات العمر كله”، قول السلطان “قابوس” خلال استضافته له في برنامجه الشهير “النادي الدولي” حين سأله عن حلمه فأجاب بأنه يحلم ببلد مزدهر ومستقر ويرتقي إلى مصاف الدول المتقدمة ومتطور إلى أقصى الحدود الممكنة، ولم يقتصر حب “قابوس بن سعيد” لجمع الشمل وتوحيد الصف والتقدُم والازدهار على بلاده فقط، بل كان هذا دينًا يعتنقه ويسير على نهجه، فكان كحمامة سلام في الوطن العربي، حيث سعى جاهدًا لتصفية النزاعات بين العرب وحثهم على الوحدة والعمل بما تُمليه المصلحة العامة للمنطقة العربية أرضًا وشعوبًا.

 

أقوالٌ ومواقف خلّدها التاريخ.. السلطان “قابوس” موحد الصفوف العربية

ولعل خير دليل على هذا، موقفه من الدولة المصرية بعد توقيعها اتفاقية كامب ديفيد، حين رفض زعماء العرب تواجد مصر بالصف العربي وقطعوا أواصر العلاقات الثنائية، وتم نقل المقر الرسمي لجامعة الدول العربية مِن مِصر إلى تونس وتجميد عضويتها بالجامعة لمدة 10 أعوام، فخرج السلطان “قابوس” بكل حكمة مخاطبًا العرب أثناء احتفاله بالعيد الوطني الرابع عشر عام 1984، قائلًا “وانطلاقًا من الحرص الأكيد الذي تُمليه وتحتمه المصلحة المشتركة، ندعوا كافة إخواننا القادة العرب إلى نبذ خلافاتهم جانبًا، والعمل بجد وإخلاص على تحقيق أهداف التضامن العربي التي أصبحت في هذه المرحلة الدقيقة أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى، وإننا نتطلع إلى نهج يعيد للعرب وحدتهم ومجدهم بين الأمم”.

 

وأشاد السلطان المعظم خلال خطابه أيضًا بمِصر أيما إشادة قائلًا “ولقد ثبت عبر مراحل التاريخ المعاصر أن مصر كانت عنصر الأساس في بناء الكيان والصف العربي، وهي لم تتوانى يومًا في التضحية من أجله والدفاع عن قضايا العرب والإسلام وإنها لجديرة بكل تقدير”، وظل على موقفه، داعمًا لمِصر، معارضًا لانشقاق الصفوف حتى تَمكن من إنهاء الانقسام العربي وإعادة العلاقات الدبلوماسية حين عُقِدت قمة الجامعة العربية في عُمان عام 1987م، ليعود مقر جامعة الدول العربية ثانيةً إلى القاهرة في مارس عام 1990م.

 

موقف السلطنة من حرب أكتوبر

هذا الدعم الأخوي لم يكن الأول من نوعه، ففي 13 أكتوبر 1973م أصدر السلطان “قابوس” مرسومًا يقضي فيه بالتبرع بربع رواتب الموظفين العُمانيين لدعم القوات المسلحة المصرية والجيش السوري في تحرير الأراضي المغتصبة من قِبل الصهاينة، إضافةً إلى إرسال بعثتين طبيتين لمعالجة مصابي الحرب على كلتا الجبهتين المصرية والسورية، ثم قدِم إلى مِصر مرتديًا البزة العسكرية، ومهنئًا بالانتصار العظيم الرئيس محمد أنور السادات والشعب الصامد في ٢٤ نوفمبر من نفس العام، وذلك قبل توجهه للجزائر لحضور مؤتمر القمة العربية.

 

زيارة السلطان "قابوس" لمصر بعد انتصار أكتوبر
زيارة السلطان “قابوس” لمصر بعد انتصار أكتوبر

وفي تصريح للسلطان خلال زيارته عن حرب 73 قال: “يوم 6 أكتوبر جاء في وقته وحقق للأمة العربية كثير مما كانت تحلم به وأعاد لنا كرامتنا وعزتنا”، وتقديرًا لدوره الرائد في الوحدة العربية ومساهمته في دعم مِصر ماديًا ومعنويًا أثناء الحرب وما عقِبها، منحته جمهورية مصر العربية قلادة النيل العُظمى التي تعد أرفع وسام مِصري وذلك عام 1976م.

 

خلال خمسون عامًا، توالت في عصره عشرات الزيارات الرسمية وغير الرسمية بين البلدين في سبيل تنمية العلاقات وتشارك المباحثات الدولية والإقليمية وفقًا لتطور الأوضاع في شتى المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والثقافية، ولحب السلطان “قابوس” لمِصر فإن بعض زياراته أحيانًا كانت تميل إلى كونها سياحية متطلعًا لرؤية هذه الحضارة العريقة، ففي عام 1989م حرص السلطان على زيارة مسجد الأزهر الشريف وأدى فيه صلاة الجمعة وذلك بحضور الرئيس “محمد حسني مبارك”، كما زار دار الأوبرا المصرية ولعل الدافع الرئيس لهذه الزيارة الثقافية هو ارتباط مشاعره بالنشيد الوطني العُماني والذي لحنه الموسيقار المصري الراحل “محمد عبد الوهاب”.

 

إقرأ أيضا
حجر الكحل

توافق الرؤى سيصب في الصالح العام

وإلى جانب توافق السياسات بين مِصر وسلطنة عُمان كان هناك تعاون اقتصادي جيد إلا أنه لم يكن بالمستوى المطلوب حيث يوجد في المجمل ٤١ مذكرة تفاهم بين البلدين، وفي إطار رؤية عمان 2040 ورؤية مِصر 2030 حاليًا هناك تطلعًا لتوقيع عددٍ من الاتفاقيات الاقتصادية لزيادة حجم الاستثمارات، ما يصب في المصلحة العامة بين البلدين.

 

علاقات متينة ترجع إلى عهد الفراعنة

ومن الجدير بالذكر أن تاريخ العلاقات بين مِصر وسلطنة عُمان يزيد على 3500 سنة فهي تعود إلى عهد الملكة حتشبسوت وازدادت نموًا ومتانة بمرور الزمن الذي تخلله بعد الأحداث العصيبة التي نالت من مِصر كالحملة الفرنسية والعدوان الثلاثي، فكان الأشقاء العُمانيون خير عونٍ لتجاوز مثل هذه الأزمات.

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان