رحلة الهروب من أفغانستان.. خطف وتعذيب وإطلاق نار
-
إسراء أبوبكر
صحفية استقصائية وباحثة في شؤون الشرق الأوسط، نشأت تحت مظلة "روزاليوسف" وعملت في مجلة "صباح الخير" لسنوات.
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
منذ سيطرة طالبان على حكم أفغانستان بشكل رسمي في أغسطس/ آب 2021م لجأ مئات الآلاف من الأفغان إلى الهرب؛ خوفًا من بطش الجماعة المتطرفة. طريق الهجرة غير الشرعية الذي يلجأ له المدنيون منذ عقود، يمر عبر الأراضي الإيرانية وصولًا إلى الحدود التركية ومنها إلى أوروبا. رحلة شاقة ومكلفة وربما تنتهي بالقتل برصاص حرس الحدود، أو الاختطاف والتعذيب طلبًا للفدية على يد عصابات المهربين.
انتشرت مؤخرًا مقاطع فيديو بشعة لمجموعة من المهاجرين الأفغان يستغيثون بذويهم؛ بعد خطفهم على يد عصابات إيرانية تقوم بتعذيبهم وتصويرهم لطلب فدية تصل إلى 4000 آلاف دولار. وللأسف لا يعبر هذا المقطع الذي ظهر به المهاجرون يرتدون أطواقًا حديدية على رقابهم، ويتحدثون عن اغتصاب وتعذيب ممنهج مجرد حدث فردي؛ بل أصبح خطف الأفغان الفارين من طالبان عمل إجرامي منظم تديره عصابات داخل الحدود الإيرانية.
عصابات مسلحة تخطف المهاجرين الأفغان لطلب فدية
كشف الصحفي الأفغاني سوران قرباني في تحقيق للبي بي سي عن تفاصيل رحلة محفوفة بالمخاطر يخوضها أبناء وطنه هربًا من طالبان، ليسلط الضوء على تطورات جديدة يعيشها المهاجرون على الطريق نفسه الذي هرب منه قبل سنوات. خاض قرباني الرحلة قبل أن تتحول المسيرة عبر الأراضي الإيرانية القاحلة إلى منطقة جاذبة للعصابات، والتي استغلت تزايد أعداد الهاربين.
وثق قرباني في تحقيقه انتشار تلك الأنشطة الإجرامية على طول الشريط الحدودي بين تركيا وإيران، كما نقل شهادة “أمينة”، الضابطة السابقة بشرطة أفغانستان، والتي اضطرت للهرب بعد سيطرة طالبان على الحكم لتجد نفسها في قبضة العصابات الحدودية. ثمانية أيام قضتها أمينة مختطفة مع آخرين في ظل ظروف غير إنسانية؛ تسببت في إجهاض حملها.
جدير بالذكر أن أمينة وآخرون ممن تعرضوا للخطف أوضحوا أن السلطات التركية دفعتهم لمغادرة الحدود ليلًا إلى إيران قبل أن يتعرضوا للاختطاف هناك، وهو ما رفضت أنقرة الاعتراف به. إلا أن منظمة العفو الدولية وثقت من قبل العديد من الانتهاكات التي ترتكبها قوات حرس الحدود التركية والإيرانية على حد سواء بحق المهاجرين.
العفو الدولية توثق إطلاق النار على المهاجرين على حدود إيران وتركيا
أكدت أمنستي أن قوات الأمن الإيراني والتركي فتحت النار أكثر من مرة على مهاجرين أفغان، أثناء محاولتهم التسلل عبر الحدود، وكان من بينهم نساء وأطفال. وحتى من نجح منهم في التسلل والوصول إلى تركيا أو إيران تعرضوا للاعتقال والتعذيب، قبل ترحيلهم قسرًا إلى كابول دون إتاحة الفرصة أمامهم لتقديم طلب لجوء.
كما وثقت أمنستي مقتل 11 مهاجر أفغاني على الشريط الحدودي بين أفغانستان وإيران بينهم فتى في الـ16، وروت شهادات عن مقتل 3 مراهقين على يد قوات الأمن التركية، متوقعة أن العدد الحقيقي أكثر؛ نظرًا لضعف إمكانيات المتابعة والإحصاء في تلك المناطق.
مع تزايد قمع طالبان وفرضها للقيود المستمدة من الشريعة، خاصةً على النساء اللاتي يتعرضن للجلد العلني مثل الرجال؛ تستمر الهجرة غير الشرعية عبر إيران وتركيا، حتى وإن تحولت الرحلة إلى محاولة انتحار. في حين تحاول تركيا إنهاء الجدار العازل على مناطق التهريب في ولاية وان، تنشغل إيران بأزماتها الداخلية، ويبقى الهاربون الأفغان فريسة سهلة أمام العصابات المسلحة أو في مرمى نيران حرس الحدود محرومين من أدنى حقوق الإنسان.
الكاتب
-
إسراء أبوبكر
صحفية استقصائية وباحثة في شؤون الشرق الأوسط، نشأت تحت مظلة "روزاليوسف" وعملت في مجلة "صباح الخير" لسنوات.
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال