همتك نعدل الكفة
168   مشاهدة  

“وكأن بلادنا لا تريدنا”.. معاناة تفرضها الكويت على أبنائها من “البدون” 

البدون
  • صحفية استقصائية وباحثة في شؤون الشرق الأوسط، نشأت تحت مظلة "روزاليوسف" وعملت في مجلة "صباح الخير" لسنوات.

    كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال



“الهامش” ركن صغير على ورقة مزدحمة، غالبًا لن تراه ولن تلتفت إليه لكن هذا لن يمنع حقيقة وجوده. ربما لو عاندك الحظ لتولد في مجتمع “البدون” على أرض الكويت ستدرك أن الهامش ليس دائمًا على الورق، بل يمكن أن يصبح مكانًا حقيقًا تسكنه دون أن يراك أو يسمعك أو حتى يعترف بوجودك.

هناك من يعيش على الحافة، وهناك من لا يعيش من الأساس. هناك من يحلم بحياة جديدة، وهناك من يحلم بالحياة نفسها، أي حياة. هكذا يعيش البدون حياتهم على أرض الكويت، البلد الذي ولد ومات عليه أجدادهم دون أن يعترف بوجودهم. فكما ينكر الآباء أبنائهم، أحيانًا تنكر الأوطان مواطنيها. 

ما هو مجتمع البدون؟

البدون
توقيع اتفاقية استقلال الكويت

في العام 1961م حصلت الكويت على استقلالها بعد مفاوضات مع بريطانيا العظمى، والتي هيمنت على البلاد منذ العام 1899م بطلب من حاكمها الرافض لسياسات الدولة العثمانية حينها. وخلال عامين من الاستقلال صدر أول دستور حقيقي لدولة الكويت الوليدة، التي عرف مواطنيها الجنسية والمواطنة بمعناها الحقيقي لأول مرة.

وعلى الرغم من صدور قانون الجنسية منذ عام 1959م، أهمل بعض أهل البادية من قاطني صحراء الكويت طلب الحصول عليها. وإضافةً لما يراه مختصون حول التعطيلات التي حالت بين القانون وتطبيقه مباشرة بعد الاستقلال؛ كون أهل البادية الذين لم يتقدموا للجنسية ما يعرف اليوم باسم “البدون” أو “غير محددي الجنسية” كما يصفهم القانون الكويتي. ومع أن القانون ينص على استحقاق الجنسية لمن توطن الكويت قبل عام 1920م وحتى موعد نشر القانون في 1959م، إلا أن البدون حتى اليوم لم يتمكنوا من التقدم للحصول على الجنسية بسبب تخوفات حكومية من استحقاقهم لها. حيث يرى المسئولون أن سكان الصحراء في ذلك الوقت كانت أمامهم أكثر من فرصة للحصول على جنسيتهم، لاسيما وأن الباب قد فتح أكثر من مرة على مدى سنوات.

100 ألف شخص ولدوا وعاشوا على أرض الكويت كما عاش من قبلهم آبائهم ينتمون لمجتمع البدون، محرومون من حق التعليم والصحة واللجوء للقانون وجميع الحقوق الأصيلة لأي مواطن يعيش داخل بلده. ولم تقف المعاناة عند وصمهم بعديمي الجنسية، فأمام القانون إقامة البدون في الكويت “غير قانونية”.

محاولات تقنين أوضاع البدون تنتهي بزيادة المعاناة

البدون
احتجاجات البدون في الكويت

على الورق تحاول الحكومة تقنين أوضاع البدون من خلال “الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية”، حيث أصدر لهم بطاقات مدنية تجدد بشكل دوري لكنها لا تغني عن بطاقات هوية المواطنين. كما أنشأ مجلس نواب 2022م لجنة “غير محددي الجنسية” والتي اقترحت منح أفراد البدون الراغبين بالحصول على الجنسية بطاقات مدنية قابلة للتجديد، إلى حين إنهاء الأزمة بشكل نهائي خلال مدة أقصاها عام واحد.

وإلى حين إنهاء الأزمة تستمر المعاناة، حيث يواجه أفراد البدون حياة صعبة يحرم فيها أطفالهم من أبسط الحقوق وعلى رأسها التعليم. فقد أصدرت منظمة العفو الدولية تقريرًا حديثًا يطالب الكويت بمنح حق التعليم المجاني المتاح أمام الكويتيين لأطفال البدون، بموجب المعاهدات الدولية التي تنص على حق الأطفال في التعليم المجاني دون تمييز. 

إقرأ أيضا
فرض الحجاب في ليبيا

من خلال عدة مقابلات وثقت أمنستي شهادات أطفال البدون، المضطرين للالتحاق بمدارس خاصة مكلفة ومتداعية، هذا إن كانوا من سعداء الحظ الذين يستطيع آبائهم تحمل تكاليفها، الأمر الذي دفع الطفلة “فريدة” إلى توصيف الوضع بقولها “وكأن بلادنا لا تريدنا”. فيما تستمر احتجاجاتهم للمطالبة بالخروج من أسطر الهامش تبقى المعاناة، ويبقى القانون والبرلمان في زحام من الأوراق لا يرى ولا يسمع.

الكاتب

  • البدون إسراء أبوبكر

    صحفية استقصائية وباحثة في شؤون الشرق الأوسط، نشأت تحت مظلة "روزاليوسف" وعملت في مجلة "صباح الخير" لسنوات.

    كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
1
أعجبني
0
أغضبني
1
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان