البروباجندا الشابة الإسرائيلية تهزم تقليدية القضية الفلسطينية “العجوز” أمام الأمم المتحدة
صاحب الحق كنت أم مجرد مدعي، يجب أن تثبت ذلك على الطريقة التي يفهمها الجيل الحالي من رواد السوشيال ميديا، حتى وإن كنت القضية الفلسطينية قضية عادلة، ولكن الجيل الذي أصبح لا يعرف الحقائق سوى بالصور، يحب أن يلخص الأمر مهما كان كبير في فيديو يشاركه على صفحته الشخصية على مواقع التواصل الإجتماعي.
لا أن يقوم بالبحث عن الحقيقة بالقراءة عن التاريخ المتعلق بشأن القضية الفلسطينية أصبح تاريخ هذا الجيل هو فيديوهات أو تدوينات سابقة أو من مؤثرين يحبونهم، وإذ أننا نتابع كلنا في الشرق والغرب حرب الإبادة الجماعية التي يقوم بها الكيان الصهيوني في غزة، نتابع جميعاً عن طريق الإعلام العربي والعالمي وإذا كان يسيطر الإعلام الغربي على الرأي الجمعي للغرب وأحياناً الشرقي، ولكننا كنا نأمل أن يرى العالم الحقيقة من خلال تلك الحرب ويكون هنالك حل حقيقي لتلك القضية، ولكن في غياب تام للإنسانية و ترجيح مصالح سياسية للغرب على حساب عدد القتلى مازالت الإبادة الجماعية للفلسطينيين مستمرة.
وفي ظل انتظارنا لقرار حاسم من الأمم المتحدة بشأن واقف عملية الإبادة الجماعية للفلسطينيين، وجدنا كلام منصف من رئيس الأمم المتحدة بخصوص ضرورة واقف عملية الإبادة وإيجاد حل للدولتين، مع خروج عدد كبير من المتواجدين عند إلقاء المندوب الإسرائيلي كلمته، لنتفاجىء جميعًا مما وجدنا خلال الجلسة العمومية للأمم المتحدة والتي حضرها معظم دول العالم، جاءت طريقة عرض مندوب فلسطين مغايرة تمامًا للمندوب الإسرائيلي في الجلسة، فمندوب إسرائيل هو شاب صغير، معد جيد ليقوم بأخذ اللقطة كما يقولون بعرض بصري، يعرف كيف يعرض عليك قضيته بالصوت والصورة ويخطف الأنظار من حوله.
شاب يستخدم لغة الجسد مع تواصل بصري مع الكاميرات قبل الحاضرين يرفع ويخفض صوته حسب الحاجة، فقد آتي الجلسة وهو محمل بحجارة قد ألقها الفلسطينيين عليهم، وباقية قذيفة قد ألقيت عليهم، مجموعة من الصور لأطفال قد قتلوا أثناء الأحداث، و عدد كبير من الفيديوهات التي تصور لك رعب الاسرائيليين مما يحدث، يدعم كل صورة أو فيديو بكلمة تثير تعاطفك معه، يخرج أحد الصور لسيدة إسرائيلية مسنة تحمل سلاح من أحد أفراد حماس، تدوال العرب تلك الصورة في فرحة أنها مع المقاومة، فقال هو للعالم أنها كنت تبتسم خوفًا من تهديدهم لها، وتفعل ما طلبوا خوفًا على حياتها، فيديو ثاني لامرأة عارية تهرب بأولادها وهي تبكي، طلب الفلسطينيين بحمايتها وسترها، وهذا ما ستسمعه لو كنت عربي، ولكن العالم لا يعرف العربية، بل يعرف الصورة التي تبكي فيها سيدة تحمل أطفال وهي عارية وحولها عدة من الرجال، وهذا ما قاله بالفعل، لقد أرعبوها وجعلوا أم تبكي خوفًا على أولادها الرضع.
في النهاية أخرج الساحر كل ما في جبعته .. جعل كل الإعلام العربي قبل الغربي يتدول بقصد أو دون قصد يتدوال ما قاله وما قد أخرجه خلال الجلسة، ليعرضوا ما قد آت به كنوع من تدوال الأخبار فقط في بعض الأحيان وفي بعض الأحيان لنفيه أو إثباته، لكن في النهاية أن عرضه المثير للاهتمام قد أصبح الأكثر تدوال بين الشباب الغربي، فتجد أن الصورة الذهنية التي طبعت أن الحرب التي تقام والتي يموت بسببها الآلاف من الفلسطينيين الآن، تقوم على موت الإسرائيليين و قتلهم وليس العكس.
و كيف يعتقد العكس من لا يعرف القضية أو مهتم بالشأن السياسي العالمي من الشباب، مع هيمنة وسلطويات الإعلام الغربي نجدنا خسرنا فرصتنا الوحيدة في إيصال صوتنا إلى العالم لأننا نستخدم نفس الطرق التلقيدية منذ الأزل ولا نغيرها، نقول فقط ما حدث في الماضي ونزايد منه وعليه ولا غير ذلك .
ومندوب دولة فلسطين المحتلة قد حضر الجلسة هو مماسك بورقة بيضاء جالس وهو يقرأها على مسمع الجالسين، فقط يشجب ويندد و يحاول استدرار التعاطف العالمي، دون أن يريهم كل تلك الأطفال الفلسطينيين الموتى بطريقة وحشية الذين قتلوهم الإسرائيليين عندما رمى عليهم الأطفال تلك الحجارة.
لماذا لم يحضر هو كذلك باقي قذائف إسرائيلية قد ألقيت عليهم مقابل حجارة الأطفال، لماذا لم يحضر صور للمجمعات السكنية والقرى التي تمت إبادتها بالكامل، صورة واحدة فقط الآلاف من الفلسطينيين المشردين في الشوارع دون مأوى، بعض صور المدنيين العزال وهم جوعى يقفون طوابير في انتظار معلقة طعام في اطباقهم، لو فقط استخدام صورة مستشفى المعمداني بعد القصف و عدد الجثث حولها، لربما غير رأي الآلاف بل الملايين من المتابعين حول العالم الذين لا يعرفون القضية حق معرفة.
هذا هو الجيل الذي يجب أن نتحدث له ونعرفه حقيقة ما يحدث، جيل لأول مرة يرى حرب كتلك، ليست حرب حقيقة بل عملية إبادة وتطهير عرقي للفلسطينيين بالمعنى الحرفي للكلمة، لكنهم رأوا شيخ كهل قد جاء من بيته نظيف ومرتب لا يبدو عليه شيء من الغضب لأهله بل صوته مملوء بالاستعطاف وفقط، يحمل ورقة بيضاء نظيفة، والآخر يحمل بقايا قذائف هاون سقطت على أهله وذويه، يحمل صور أطفال موتى و ملابس ممزقة وهو يبكي على حياة تلك الطفلة صاحبة الفستان الممزق التي كنت تملك إبتسامة ملائكية، و هو يعرض صورتها، أي منا سيرى ذلك دون أن يعرف القضية الفلسطينية حق معرفة سينحاز للمندوب الإسرائيلي مع الأسف، ، هم يعرفون كيف يصنعون بروباجندا تتوافق مع روايتهم، كيف يصبحون هم الضحايا وليس القتلى، بروباجندا أن لم يعرف العرب كيف يصنعون مثلها، سنصبح في خبر كان.
نحمد الله إن قرار الأمم المتحدة قد خرج بوقف إطلاق النار، لأن الجالسين في الأمم المتحدة يعرفون القضية ولكن الآلاف من الشباب في العالم والأجيال الجديدة لا تعرف شيء، إن لم ننوي أن نتعلم صنعة الدعايا والبروباجندا ونتسخدمها ضدهم، كما يفعلون، فإننا قد خسرنا بالفعل حربنا التي استمرت منذ ستة وخمسون عام عمر القضية الفلسطينية لمجرد أننا فشلنا في عرض شهدائنا بطريقة المأساة الأمريكية، يجب أن يعرف العرب أن الإعلام أصبح أهم من السلاح، وأن البروباجندا هي الحقيقة وأن كنت أكذوبة، وأن طريق النصر يكتب لصانع البروناجندا وفقط.