All The Bright Places فيلم موجه لأصحاب الأمراض النفسية

الحياة لا تترك أحدا دون علامة بروحه، حدث ما يتوقف الإنسان عنده وتتغير حياته للأفضل أو للأسوأ. يساعدنا الأصدقاء على تخطي هذه الأزمة الفاصلة، وربما أزمات فاصلة.

يجعلنا الآلم دائمًا مشوشون، ويقف حائلا بيننا وبين الحياة. آلم الفقد، آلم الخذلان، آلم الخسارة، آلم الحرمان، ومن سنن هذه الحياة وقوانينها أننا نتعرض دائمًا للآلم.

فيلم all the bright places يجعلنا نرى آلام البشر بشكل أعمق، يغوص بنا في رحلة للتعافى من آلم الفقد، ولكن بشرط أن يكون صاحب الآلم وصاحب الأزمة على استعداد لتلقي المساعدة.

اقرأ أيضا…الصدفة والتحرر عناوين عالم داود عبد السيد الساحر

ولكن يجعلنا نستفيق على حقيقة قاسية ربما ولكن لابد أن تكون نصب أعيننا دائمًا، وهي أن حتى الشخص الذي يساعدك لديه آلامه الخاصة، وستدور الدائرة ويحتاج لمساعدتك يوما ما.

يناقش الفيلم أيضًا أزمة المعاناة مع المرض النفسي، بل وقد أهداه أصحابه في لفتة لطيفة جدا لكل من يعاني من اضطرابات أو أمراض نفسية.

وحقيقة أخرى مؤلمة أن هناك الكثيرون يتألمون دون أن نشعر بهم، بل ولدينا أشخاص قد أعطونا من حياتهم ما جعلنا نحن على قيد الحياة، ولكن تنتهي حياتهم بالانتحار!

وقد كان يستخدم بطل الفيلم مع بطلته طريقة محادثة سرية بمقولات للكتابة فرجينيا ولف والتي انتحرت في أواخر حياتها لأنها شعرت أنها عبئًا على زوجها والمحيطين بها.

وكان وجود روح فريجينا ولف بهذا الفيلم واستخدام اقتباسات من كتاباتها اختيار موفق للغاية، حيث يدور الفيلم عن معاناة أصحاب الأفكار الانتحارية.

يأخذك الفيلم في رحلة عميقة حول الجراح التي يترك آثرها الماضي، وخاصة ما تتم بمرحلة الطفولة والتي تجعل الإنسان عرضة للأمراض النفسية لو لم يلجأ لمختص ويقوم بفتح هذه الجراح لتنظيفها والتئامها.

رحلة إنسانية وجرعة مكثفة من المشاعر بهذا الفيلم ستجعلك تفهم طبيعة الحياة بضرورة وجود الآلم فيها كي نشعر بالآخر ونلتمس له الأعذار ونرى الطفل الذي لم يشف من جراحه بعد بداخله ويتصرف أحيانا بشكل غير مفهوم.

يجعلك الفيلم أكثر تقبلًا للآخر وتواقا للمعرفة عن طبيعة الأمراض النفسية التي ذكر بعضها بالفيلم بشكل مقصود ولكن غير مباشر ولم يظهر بأسلوب خطابي، فقط بمشهد ما تسمع أسماء بعض الأمراض النفسية التي تستفزك لتبحث عن طبيعتها ربما جعلتك تنقذ حياة أحدهم يومًا ما، أو التخفيف عن الغير.

أما عن عناصر الفيلم وفنياته، فهناك الكثير من الكادرات وسط الطبيعة والمغامرة التي ستتوقف عندها عند مشاهدتك له، وكادرات أخرى ستتوقف حول معناها، حيث لدينا لقطات واسعة من أعلى تصور لنا بطلة الفيلم في وضع التيه والضعف، ولقطات أخرى واسعة تصور الطبيعة وكأنها ملك أبطالها حسب نظرتهم لها ولاستمتاعهم بلحظات مهمة بالحياة.

كان عنصر التشويق حاضرا منذ أول مشهد بالفيلم، وبدأ بشكل سلس تعرفنا فيه على معلومات رئيسة حول أبطال الفيلم وبيتئهم وظهر في الفصل الأول من الفيلم الحبكة الرئيسية  وهي علاقة فيلفوت بفنش، والتي تتطور بتتطور الحبكة الفرعية حول حياة “فنش” بطل الفيلم وصراعه الذاتي الذي لم يشرك أحدًا فيه بشكل عميق، بينما بالفصل الأخير من الفيلم تظهر حبكة رئيسية أخرى حول معاناة زميلة بالمدرسة لفنش وفيلفويت من اضطرابات نفسية وأفكار انتحارية، وجعلت هذه الحبكة فكرة الفيلم أكثر وضوحًا وفنش يتعرى لأول مرة من القناع الذي يرتديه أمام زملائه بمقابلة هذه الزميلة في حدث خارج المدرسة.

إقرأ أيضا

برنس الليالي .. بودكاست هربان من السبعينات

ظهر أيضا حدثا مفجرأ للأحداث خلال الفيلم وهو مشاجرة فنش مع زميله بالمدرسة، والذي ازداد الصراع بعده إلى نهاية الفيلم.

لم توجد بالفيلم لحظات من المط والملل، فالسيناريو كان جيدًا حمل كل رسائل الفيلم دون حشو بلا معنى.

وإن كنت من هؤلاء الذين يعانون من اضطراب نفسي ما والحزن يضعف قواك، تذكر دائما المقولة التي ذكرت بالفيلم للشاعر الإيطالي سيزار بافيسي

“نحن لا نتذكر أياما بل نتذكر لحظات”

فعش حياتك إخلاصًا للذكرى، فلن تتذكر مع الوقت من الأيام حلوها ومرها سوى لحظات.