Suits بالعربي .. والسير على شعرة معاوية
-
عمرو شاهين
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
شعرة معاوية، إذا كنت لا تعرف فهي الشعرة التي تحدث عنها معاوية بن أبي سفيان حينما سألوه حول كيفية حكمه للشام 40 عامًا رغم كثرة مشاكله والفتن الدائرة فيه، فأجاب (إني لا أضع سيفي حيث يكفيني سوطي، ولا أضع سوطي حيث يكفيني لساني، ولو أن بيني وبين الناس شعرة ما انقطعت، قيل: وكيف؟ قال: لأنهم إن مدوها خليتها وإن خلوا مددتها) وهكذا حال صناع مسلسل suits بالعربي بعد ما يزيد عن 10 حلقات.
بالطبع شاهدت suits الأصلي ربما قبل سنوات طويلة أيضًا، وقتها وضعت نفسي في موضع كتاب المسلسل بالتحديد، لأجد أن نقل هذا المسلسل وتمصيره أمر شديد التعقيد، ولا مجال للحديث هنا عن العالم الذي تدور فيه الأحداث أو حتى النمط الأمريكي لعمل المحاماة، الأمر كان أكثر تعقيدًا.
تحويل تمصير عمل مثل هذا لا يتطلب فقط تحويل الحوار من إنجليزي إلا عربي أو نقل المشاهد، ولكن الأهم هنا هو إحداث تغيير جذري في أساس بناء العمل ككل وبناء كل مشهد على حدا، وهو أمر كفيل أن ينهار العمل لا أن ينجح ويسجل هذا الكم الكبير من المشاهدات.
التغير الجذري هذا، هو إنه في مسلسل يعتمد على قضايا قانونية في أحداثه، يصبح البحث عن قضايا تناسب الواقع المصري أمرًا شديد الخطورة، خاصة حينما ترتبط تلك القضايا بالبناء الدرامي للعمل وبتطور شخصيته، فأي فشل في زراعة هذا التغيير وجعله بنفس الكفاءة والانسيابية سيهدم المسلسل بأكمله في لحظة.
ولكن صناع المسلسل وفريق كتابته على وجه التحديد رفعوا سقف التحدي إلى ما هو أعلى في عمل منقول عن نسخة أجنبية، فلم يكتفوا فقط بتمصير الأحداث والقضايا والبيئة المحيطة، بل امتد قلمهم -أو للأمانة- امتدت موهبته لتمصير الشخصيات أيضًا، التمصير الذي جعلهم – بلا تردد- يغيرون من طبائع شخصية مثل “مايك روس” أو “أدم منصور” في النسخة المصرية، ليتناسب مع ما تمصيرهم.
الجرأة في تغيير جذري في الشخصية الرئيسية بل لنقل البطل الدرامي الأول في العمل، من شخصية فعل وهجومية لشخصية تستغل ذكائها في المراوغة والهرب، بل إن كافة منجزات أدم كشخصية في الأحداث أو أهمها تم بدافع الهرب أو التخلص من موقف لا بدافع الهجوم أو إثبات الذات.
اقرأ أيضًا
سوتس .. والأحكام المسبقة
ومثلما تقول الفيزياء، كلما تغير الفعل تغير رد الفعل، فتغيير نمط وشكل الشخصية الرئيسية يتطلب تغير في ردود أفعال الشخصيات المتقاطعة معها، والذي يؤدي بالضرورة إلى تغيير في بناء الشخصيات نفسه، مثلما أن تزيد مساحة الطفولية في شخصية زين عن شخصية هارفي، أو تجعل شخصية فريدة اندفاعية أكثر من جيسيكا، أو تجعل قدري يرتدي ثوب العبقري الساذج عكس لويس، كل تلك التغيرات التي قد يراها من هم خارج مجال الكتابة بسيطة، هي في الأساس تفاصيل شديدة التعقيد خاصة إذا ما أضيف عليها أنهم ملتزمون بالإطار العام للعمل الأصلي ولا يمكنهم الخروج عنه.
الجنايني منتجًا وعصام عبدالحميد مخرج، وقبلهما فريق الكتابة قرروا أن يسيروا هذا العام فوق شعرة معاوية، تلك الشعرة التي مدوها بأنفسهم بينهم وبين العمل الأصلي، فأصبح suits بالعربي، أكثر مرونة وانسيابية وتماسكًا من أعمال درامية أصلية في هذا الموسم ولن أكون مبالغًا إن قلت أنني أتوقع أن يكون suits بالعربي أحد التجارب الدرامية الناجحة والتي ستفتح باب جديد للدراما المصرية، باب مفتوح في العالم أجمع، ولم يجرؤ أحد على طرقه قبل طارق الجنايني.
الكاتب
-
عمرو شاهين
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال