رئيس مجلس الادارة: رشا الشامي
رئيس التحرير: أسامة الشاذلي

همتك معانا نعدل الكفة
570   مشاهدة  

The Guilty .. عن الشرطي داخل نفوسنا

The Guilty


يرتكب الواحد منا ذنبا بحجم جبل، لكنه لا يرى من نفسه سوى شرطي العالم وقاضيه ومنفذ أحكامه لو استطاع، تماما كبطل فيلم The Guilty الذي لا يدور حول الذنب، بل عن العماء عنه، عدم القدرة على الاستماع إلى الآخر بحرص، الأحكام المبدئية القاطعة، تنزيه الذات، وهو فيلم جريمة أمريكي متوفر على منصة نيتفليكس من إخراج أنطوان فوكوا ومبني على الفيلم الدانماركي “Den Skyldige”  الذي عرض عام 2018، وحصل على إشادة نقدية وعدد من الجوائز، النسخة الأمريكية من بطولة الممثل الموهوب والمشهور بأداء الأدوار المركبة جيك جيلنهال، والذي ساهم أداؤه الرائع في أن يجعل من تلك النسخة الأقل شأنا من الفيلم الأصلي شيئا ذا بال.

The Guilty

يدور الفيلم بالكامل بغرفة واحدة، ولا نشاهد إلا وجه بطله وبعض الممثلين الثانويين على مدار الساعة ونصف مدة الفيلم، بينما باقي الشخصيات الرئيسية لا نشاهدها إلا عبر الهاتف، نعرف من المعلومات الشحيحة التي تقدم ببطء، أن الشرطي الذي يعمل في خدمة الطوارئ 911، كان يعمل سابقا في كضابط ميداني، وينتظر في الغد شهادة زملاء له في المحكمة، تبرئ ساحته من قتله لشاب في التاسعة عشر من عمره بدعوى أنه كان مسلحا، ليعود من جديد إلى عمله.

يتلقى الضابط جو بايلور عددا من مكالمات الطوارئ بينما الشاشات أمامه تعرض سلسلة من حرائق الغابات في لوس أنجلوس، يقلل بايلو من شأن الأخطار التي يعانيها المتصلون، نلاحظ سخريته المكتومة منهم ورده الفظ وحرمانهم من الكلمات المطمئنة، وإطلاق الأحكام عليهم بسرعة شديدة، فالعالق في سيارته هو في رأيه لا يستحق العطف؛ لأنه يحكم أنه كان بصحبة امرأة غير زوجته أو تعرض للخداع على يد عاهرة، الشاب الذي يصاب بعد أن يقع من دراجته، لابد أنه يتعاطى المخدرات.

The Guilty

لكن مكالمة واحدة يتعاطف معها إلى حد التوحد، عندما يأتيه اتصال من امرأة مخطوفة من قبل طليقها ومحتجزة في شاحنة، وتتظاهر بأنها تتحدث إلى ابنتها الصغيرة كي لا يكتشف طليقها أنها تتحدث مع خدمة 991، ويظن أن الزوج السابق قتل طفلها الرضيع وهرب، فيبدأ في تجاوز كل الإجراءات المتعارف عليها لإنقاذ الأم. سبب هذا التعاطف أنه قيم الأمر كخطر حقيقي، وأيضا يذكره بما فقده عمله السابق وزوجته وابنته في انتظار لحكم المحكمة، كأنه لو نجح في إنقاذها، سينجح في إنقاذ كل شيء، فهو يرى نفسه في قصة المختطف والأم، رجل عنيف يستحق العقاب وزوجة عطوفة مغلوبة على أمرها، كأنه لو أنقذها فسيعفي نفسه من ذنب كونه ذلك العنيف مستحق العقاب.

ما ندركه من شخصية الضابط، أنه أيضا مضطرب، لكن ما يحركه هو شعوره بكونه حاميا للآخرين، ويظن في نفسه الاستقامة الذاتية.

يكاد بايلور أن يفشل في المهمة كلها، لسبب بسيط: أن أحكامه كلها كانت خاطئة، فالزوج الذي أدانه فورا؛ لأنه يملك سجلا إجراميا، لم يكن يختطف الزوجة، بل يحميها ويحمي ابنته ويقودها إلى المصحة النفسية التي كانت تعالج بها، فقد كانت الأم مختلة، ظنت أن ثعابين تتلوى داخل بطن رضيعها، فاستخدمت السكين لقتلها ظنا أنها تحميه، كما ساعدها على الهرب بضرب زوجها السابق، وكادت أن تنهي حياتها بالانتحار من فوق جسر، لولا أن دورية الشرطة التي أرسلها بعد أن تمكن بصعوبة من تحديد مكانها، قد تمكنت من إنقاذها قبل أن تقفز، كما استطاعت دورية شرطة أخرى إنقاذ الرضيع ونقله إلى العناية المركزة.

إقرأ أيضا
الزائدة الدودية

أمام تلك الضغوط التي واجهها بايلور في تلك الليلة العاصفة، ينكشف له كل ما أخفاه عن نفسه، ويتوسل إلى صديقه أن يشهد بالحقيقة في المحكمة، أن الشاب الذي قتله لم يكن مسلحا، وأنه فعلها بسبب الغضب ولأنه استطاع أن يفعلها، أن يكون طرفا أقوى في إشارة إلى إساءة استخدام الشرطة الأمريكية للسلطة، وفي إعادة تعريف دورها ودوره كمساعد للناس لا قاض ينفذ الحكم بنفسه.

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (1)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان