X مراتي .. هل تستطيع الصدفة صناعة دراما متماسكة؟
-
عمرو شاهين
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
تقوم الدراما بالأساس على صراع، ولكل صراع نقطة بداية، في علم السيناريو وكتابة الأفلام هناك قاعدة ذهبية وهي عدم استخدام الصدفة لخلق الأحداث، فما بالك ببداية الصراع نفسه، النقطة التي تنطلق منها الأحداث، تلك النقطة التي يجب أن يعد لها درامًا بحرص وتركيز شديد لتكون خارجة عن إطار الصدفة، ولكن أحمد عبدالوهاب وكريم سامي كتاب فيلم X مراتي سقطت منهم تلك القاعدة سهوًا فبنيا الدراما على مصادفة في الأصل.
الصدفة والدراما
– في فيلم مواطن ومخبر وحرامي يبرر السيناريست داوود عبدالسيد تلاقي الشخصيات الثلاث المواطن والمخبر والحرامي، بتعرض المواطن للسرقة فيذهب للقسم لتحرير محضر وهنا يقابل المخبر ونكتشف سريعًا أن مخبر كان مكلفًا بمراقبة المواطن في فترة زمنية سابقة، ومن هنا أصبحت المصادفة هي تواجد المخبر في هذا القسم تحديدًا، ولكن ليس مصادفة أن تكون علاقة بين المواطن والمخبر –
ويمكن لمثال فيلم مواطن ومخبر وحرامي أن يكون شارحًا أكثر لفكرة المصادفة لخلق الدراما، والبحث عن مبرر طبيعي ومنطقي وفي سياق الشخصيات لتتحرك الدراما ويحدث الصراع، ولكن ما فعله كتاب فيلمX مراتي هو العكس تمامًا، الاعتماد على مصادفة وربما غير منطقية أيضًا- لبدء أحداث الفيلم، طبيب نفسي يقابل مسجون خطر قبيل الإفراج عنه ليكتشف أنه طليق زوجته، مصادفة غير موفقة على الإطلاق.
ولكن رغم البداية غير الموفقة ولكن جاء كوميديا الفيلم حقيقة للغاية ربما بعض المبالغة في شخصية يوسف ” هشام ماجد” والجبن الشديد الذي يصل للحد المرضي، بينما المبالغة كانت سلاح إضافي لشخصية طه العجوز “ محمد ممدوح“، في السيناريو أعتمد الكتاب على أن شخصية يوسف البطل هي شخصية رد فعل طوال الوقت، وهو شكل من أشكال الشخصية التي تناسب البناء الدرامي لشخصية يوسف وتعزز فكرة الخوف المتأصلة فيه.
محاولات جيدة وفرص ضائعة
في الحقيقة أن استعراض شخصية يوسف في المشاهد الأولى من الفيلم، كان ذكيًا للغاية بسيطًا ومختصرًا ووافي، كذلك تقديم شخصية العجوز هي كذلك، بينما شخصية سحر لم تكن لها نفس الحضور الدرامي، وإن كان مبرر تواجدها الدارمي واضح ومنطقي ولكن الشخصية كتبت في الأساس كعامل محفز للأحداث ومحرك لها، دون أن يكون لها أبعاد واضحة أو حقيقية، فظهرت كشخصية مسطحة تمًامًا.
الحقيقة أن على الرغم من الاهتمام بكتابة الشخصيتين الرئيسيتين “يوسف والعجوز” إلا أنه كان هناك عدم اهتمام واضح بالشخصيات الثانوية والمساعدة، فحضور الجميع باهت درامًا، ربما أفضل الشخصيات التي كتبت فيهم هي شخصية بسنت والاستخدام الذكي لفكرة الشمعدان.
أيضًا أفلت صناع الفيلم العديد من الخطوط الفرعية التي ربما لو تم تقديمها في الفيلم لحلت العديد من المشكلات في بناء الشخصيات او كانت ساعدت في بنائها وتقديم الفيلم بشكل أكثر عمقًا، وأضفت الكثير من الدراما الجيدة والمواقف الكوميدية المصنوعة بحرفية على الفيلم نفسه، خاصة وأن معتز التوني مخرج فيلم X مراتي أحد أهم مخرجين الكوميديا في جيله ومن البارعين في صناعتها، وأثره واضح بشده في خلق وصناعة كوميديا X مراتي .
تايسون
اللافت للنظر بشدة في فيلم X مراتي هو محمد ممدوح، بالتأكيد تايسون موهبة قوية وحضوره طاغي ولكن وربما لأول مرة منذ فيلم “بيبو وبشير” أشاهد محمد ممدوح يمثل بهذه الأريحية، وكأنه أطلق العنان لما بداخله من رغبة في تقديم الكوميديا، ممدوح أخفى تحت ثوب الأدوار الجادة والشريرة كوميديان جامح بعقلية ممثل واعي.
وربما أهم مثال على وعي ممدوح كممثل يقدم دورًا كوميديًا هو المشهد التالي لمواجهته مع سحر، حينما ذهب للبار وهو يسمع إيهاب توفيق، الفعل نفسه مضحك وكوميدي، ولكن ما جعله كذلك بالفعل هو أنه طبيعي لشخصية مثل طه العجوز أن يكون هذا رد فعله، لم يدخل ممدوح في حالة من حالات البالغة أو استدرار الضحك من المشاهد هو قدم الشخصية كما يجب أن تحزن، لأنه فهمها.
في رأيي أن ممدوح دخل إلى شخصية طه العجوز في X مراتي من مدخل الكلب الشرس، ولكنه في البداية والنهاية كلب الوفاء من صفاته الأساسية وحبه لأصحابه كذلك، ممدوح تفنن في اظهار هذا الجانب أو التحول من الوداعة للشراسة والعكس بملامحه وحركة شفاه وزمجرته، وهذا ليس بجديد على ممدوح فهو نفسه قال أن هذا احد مناهج التمثيل التي يلجئ إليها مع الشخصيات، ولكن اختياره للحيوان نفسه هو ما يبين فهمه الجيد للشخصية، وعدم انخراطه في المبالغة الكوميديًا وجعل المفارقة وحدها هي التي تصنع كوميديا طه العجوز جعل من تلك الشخصية الأكثر حضورًا في الفيلم.
الكاتب
-
عمرو شاهين
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال