همتك نعدل الكفة
74   مشاهدة  

مدد يا آل بيت النبي

مدد
  • - شاعر وكاتب ولغوي - أصدر ثلاثة عشر كتابا إبداعيا - حصد جائزة شعر العامية من اتحاد الكتاب المصريين في ٢٠١٥ - كرمته وزارة الثقافة في مؤتمر أدباء مصر ٢٠١٦ - له أكثر من ٥٠٠ مقالة منشورة بصحف ومواقع معتبرة

    كاتب نجم جديد



 المدد، في المعجم اللغوي، “ما يمد به الشيء، وما يزاد به الشيء ويكثر”، ولعل بلادنا بلاد المدد بكل معنى الكلمة، أعني أنها بلاد ينتظر فيها الناس، وطالما ينتظرون، مددا من الموتى الصالحين الثقات- أولياء الله من أهل البيت وغيرهم من الأخيار، أولئك الذين ملأت مقاماتهم الأرض شمالا وجنوبا وشرقا وغربا في مصر المحروسة، وبعض أسباب تسميتها بالمحروسة أنها حوتهم أحياء وأكرمتهم، ثم حوى ثراها الطاهر عظامهم وأشار إليهم ونوه عن سيرهم وكراماتهم؛ ومن ثم حرست بهم!

آل بيت النبي

يحب المصريون كلمة المدد على وجه العموم؛ تشعرهم بقدوم الخير والحل فتطمئنهم، ولكل منهم مقام شيخ يستريح إليه فوق ما يستريح إلى سواه، ويقصده داعيا أن يجري الله الفرج على يديه، يستوي في هذا الرجل والمرأة والكبير والصغير والمتعلمون وغير المتعلمين والمثقفون ومن دونهم، وصحيح أن كثيرين من رجال الدين التقليديين يحرمون اللجوء إلى المقامات، قائلين إن أبواب السماء أولى باللواذ إليها مباشرة بدون وسطاء، ولكن الناس، عوامهم بالذات، يرون في الإمساك بالخشبة المقدسة قربا أكيدا من الذات العلية.. قربا يملكونه بأيديهم ويتغلغل في أرواحهم بالتدريج، يحبذون أن ينادوا صاحب العرش من موضع كهذا الموضع، ووسط هذه الحماية الجليلة والشفاعة المظنون قبولها.. البسطاء من الناس أكثر من الآخرين بدون شك، والمتصوفة فوق جميع الطوائف والفرق طبعا.. وعلى كل حال هي عادة ورثها المتأخرون عن المتقدمين، ولا بأس بها، في الأقوال الألطف، ما دامت على سبيل التودد والتبرك فلا تلغي العمل والسعي، ولا تدفع إلى التواكل، ولا تلزم أصحابها بعادات مذمومة، ولا تحيل إلى شرك ما، يفسد صحة العقيدة ويشوش صفاء الإيمان.

آل بيت النبي

“مدد يا آل بيت النبي”.. صيحة حميمة تشق الفضاء ويسمعها القاصي والداني حول مقامات آل البيت الأكارم، تدعمها صيحات أخرى من مقامات لا تنتسب إلى النسل الشريف: “مدد يا سيدي فلان” و “مدد يا سيدتي فلانة”، لا تنقطع في مصر مهما حاول الفقهاء التقليديون قطعها والمتشددون في الدين استئصالها من الجذور، صيحات طيبة، تعبر عن محبة خاصة عظيمة للنبي الكريم، وآل بيته، والمقتدين بهديهم من سائر العباد الموصوفين بذوي النفحات.. صارت الطقوس الشعبية حول المقامات، أي ما يمارسه الخلق هناك من الأفعال

وما يقولونه أيضا، وما أرحب هذه الطقوس، من مكملات دائرة المدد عندنا، مثل إيقاد الشموع والأكل والشرب والموسيقى والغناء والمديح والذكر والتوسلات وما إلى ذلك، اختلط الدين بالفلكلور تقريبا فأنتجا غنى عظيما وسطا بين المادي والمعنوي، وأنتجا شفافية مذهلة بالتوازي معه، مما يلفت الأنظار بالطبع، ويدعو الباحثين إلى استقصاء الأمر بدون استهانة.

إقرأ أيضا
بيض شم النسيم

المشهد يدعو إلى تأمل فطن إلى أبعاده، المشهد القديم المتجدد، قد نقبله برمته، وقد نرفض أشياء فيه، إلا أننا لا يمكن أن نحجب كافة ظلاله، ولا أن نتعالى عليه، بل يمكننا من خلاله أن نعرف أنفسنا وبلادنا معرفة حقة؛ فنطرح منه زيادة ليست مناسبة، ونضيف إليه، إن أردنا، ما يرسخ سلامة فطرته وتلألؤ أنواره. 

الكاتب

  • آل بيت النبي عبد الرحيم طايع

    - شاعر وكاتب ولغوي - أصدر ثلاثة عشر كتابا إبداعيا - حصد جائزة شعر العامية من اتحاد الكتاب المصريين في ٢٠١٥ - كرمته وزارة الثقافة في مؤتمر أدباء مصر ٢٠١٦ - له أكثر من ٥٠٠ مقالة منشورة بصحف ومواقع معتبرة

    كاتب نجم جديد






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان