أخطاء برومو مسلسل الملك أحمس “20 خطأ ناقضوا التاريخ والرواية رغم الجماليات”
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
نستعرض أخطاء برومو مسلسل الملك أحمس ليس بهدف تقييم المسلسل ولا تقليلاً من التطور الكبير المؤثر الذي تشهده مسلسلات رمضان هذا الموسم.
احتوى برومو مسلسل الملك أحمس على مناظر جمالية خارجية ويعتبر هو العمل الأول من نوعه الذي يناقش التاريخ المصري القديم بشكل مباشر، بعدما تم استهلاكه في الأعمال الدينية خلال ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي.
لقاء الملك فيس مع سقنن رع .. 4 أخطاء كارثية
بداية أخطاء برومو مسلسل الملك أحمس تمثلت في 4 أشياء خلال مشهد لقاء الملك سقنن رع (شريف سلامة) مع خيان موفد الهكسوس (ماجد المصري) ـ خيان هو اسم الشخصية في رواية كفاح طيبة – حيث قال الأخير له «يأمر الملك فيس .. سقنن رع بتسليم تاج طيبة حيث لا ملك إلا هو».
أول العيوب وأسوأها على الإطلاق يتمثل في التاج الملكي الذي ظهر به سقنن رع، فالملك سقنن رع يمثل الجنوب ولم يتخلى ملوك الجنوب عن التاج الأبيض من قبل توحيد القطرين وحتى فترة الملك أحمس، وهو الأمر الذي لم يظهر في مشهد شريف سلامة.
ثاني العيوب وأشنعها شكل الملك سقنن رع والتي لا تنطبق على الفنان (شريف سلامة) فالملك سقنن رع كما تذكر موسوعة مصر القديمة رجوعًا لتحليل مومياوته كان حليق اللحية وليس ملتحيًا، وبقية أوصافه هي «كان يبلغ طوله نحوًا من 170 سنتيمترًا، عظيم الرأس، وهو نموذج لرأس المصري الأصيل، ويمتاز ببنية عظيمة، فكان مفتول العضلات نشيط الجسم، أما شعره فكان أسود كثيفًا مجعدًا، ولم يتجاوز الثلاثين ربيعًا من عمره عند وفاته إلا بقليل».
ثالث هذه العيوب أنه لا يوجد للهكسوس ملك اسمه فيس وإنما اسمه أبو فيس (تاريخيًا وفي رواية كفاح طيبة)، وأبو فيس هذا لقب معناه شيطان الظلام عدو رع، وحمل 3 ملوك للهكسوس هذا اللقب (من أصل 81 ملك) وهم «عاو سررع، نب خبش رع، غاقنن رع».
رابع هذه العيوب تتمثل في طريقة كلام موفد الهكسوس و(يبدو أن هذا الحكم متسرعًا لأنه جزء من مشهد وليس المشهد كامل) لكن طبقًا لما هو مُقَدَّم فإن طريقة الكلام الاستعلائية منافية لحقائق التاريخ الواردة في بردية سالييه الأولى وحتى نص الرواية (الخاطئة تاريخيًا)، فموفد الهكسوس لم يخاطب الملك سقنن رع مجردًا إياه من اللقب الملكي.
عمرو يوسف في البرومو .. 5 مشاهد بـ 5 أخطاء “الأخير أشد كارثية”
ظهر الفنان عمرو يوسف في 5 مشاهد خلال برومو مسلسل الملك، وخلال مشاهده الخمسة ظهرت 5 أخطاء تاريخية.
كان الخطأ الأول في مشاهد أحمس والخامس في أخطاء برومو مسلسل الملك أحمس متمثلاً في شكله وتحديدًا مسألة اللحية، ويؤكد ذلك كتاب الموتى الخاص بمصر القديمة الذي يشير إلى أن اللحية عند قدماء المصريين كانت مزيفة ويتم ارتداءها في المناسبات الدينية تشبهًا بالإله أوزوريس، رافضين اللحية الحقيقية على اعتبار أن طول اللحية ووجود الشارب مع كثافة الحواجب هي رموز لعدم النظافة الشخصية.
اقرأ أيضًا
أخطاء أفيش مسلسل الملك أحمس لعمرو يوسف “اللحية ليست الخطأ الوحيد”
كذلك فإن أقدم وصف شكلي للملك أحمس موجود في موسوعة مصر القديمة للأثري سليم حسن حيث قال «تدل مومياء الملك أحمس أنه رجل قوي الجسم عظيم المنكبين عريضهما (عريض أعلى الظهر)، طوله نحو خمسة أقدام، وست بوصات، أسود الشعر مجعدة، له ثنايا بارزة بعض الشيء».
اقرأ أيضًا
بعد مرحلة الأخطاء التاريخية دخلنا مرحلة تأليفه.. يا أخي أحمُس
ثاني الأخطاء في مشاهد أحمس والسادس في البرومو، الملابس الرثة التي ظهر بها وكأنه في فترة هزيمة طيبة كان مطاردًا فقيرًا، والصحيح أن الملك أحمس وقت هزيمة طيبة كان في مدينتين مدينة الكاب التي تبعد عن جنوب الأقصر 83 كيلو (تتبع حاليًا مركز إدفو بأسوان)، وعاش مع الأسرة الملكية وتعلم القراءة والكتابة وفنون الحرب.
أما المدينة الأخرى فكانت في دير البلاص التي تبعد عن شمال طيبة بـ 48 كيلو، وكانت المباني التي يقيم فيها قصر لحكام طيبة معروف بالقصر البحري وبيوت كبيرة للمستشارين بها مطابخ جماعية وحصن ذا برج مراقبة مبني على ربوة مستوية وهو المعروف بالقصر القبلي؛ بالتالي فإن أحمس كان يعيش حياة الملوك وليس المطاردين.
ثالث الأخطاء في مشاهد أحمس والسابع في البرومو هي الأزياء الملكية والحربية التي ارتداها، فقد ظهرت بأشكال لا تمثل الحقبة التي يعيش فيها، وللتفصيل فإن الزي الملكي يتكون من الآتي
ـ نِمْس وهو غطاء الرأس الملكي مع التاج.
ـ الرداء وهو قطعة كتانية بطول متر وعرض 60 سم يتم لفها حول البدن باتجاه عقارب الساعة لتغطي ما بين الخصر والركبتين، ونهايتها تتسم بالسُمْك المقوى، وتُشَد فوقها قطعة كتانية.
ـ المئزر وهو قماش يتم لفه حول البدن.
ـ الجوبلة وهو كتان يتم لفه حول الجسم من منطقة الحزام.
ـ القميص وهو لباس لمنطقتي الصدر والبطن
ـ الحزام وهو قماش مزخرف.
الخطأ الرابع في مشاهد عمرو يوسف والثامن في البرومو يتمثل في المراحل العمرية التي ظهر بها أحمس، فجميعها تظهره على أنه رجل قوي، بينما الملك أحمس حين طرد الهكسوس كان شابًا لا يتجاوز سن الخامسة والعشرين.
الخطأ الخامس والأخير في مشاهد عمرو يوسف والتاسع في البرومو يتمثل في غياب العجلة الحربية، ففي كافة المشاهد الحربية التي تخص عمرو يوسف لم تظهر العجلة الحربية على الإطلاق، وهي ضرورية وأساسية لأنها هي رمز طرد الهكسوس أصلاً (ربما تظهر في الحلقات).
الدعاية الحربية والاستعانة بالأقوال المأثورة في المسلسل .. 3 أخطاء.
ظهرت جملتين في سياق الدعاية الحماسية، كانت الأولى للملك سقنن رع (شريف سلامة) وهو يقول «البلد دي مش زي أي بلد تانية، ونحن لا نُهْزَم ننتصر أو نموت».
ولعل خطأ هذه الجملة ليس في الاقتباس من مقولة فيلم عمر المختار «نحن لا نستسلم .. ننتصر أو نموت»، وإنما للمزج بين اللغة العربية واللهجة المصرية.
أما الجملة الثانية فكانت على لسان الملك أحمس (عمرو يوسف) وهو يقول «مش عايز أشوف الخوف من الموت في عين حد فيكم، إحنا هننتصر هننتصر عشان بنحارب عشان أهالينا، بنحارب عشان ولادنا، بنحارب عشان بلدنا، والنهاردة هنخلي العالم كله يشهد إن المصري مهزمش الهكسوس وبس لا .. المصري هزم الموت».
ولعل هذه الجملة فيها خطأءين، الأول لفظة الهكسوس حيث أن المصريين كانوا يطلقون عليهم الرعاة.
أما الخطأ الثاني فكان في جملة «المصري هزم الموت»، تبدو أنها مقبولة من حيث المعنى الأدبي المتمثل في أن الموت لا يعني النهاية، لكن في إطارها الخارجي والشكلي فإن فيها عدم احترام للموت وهو ما يخالف عقيدة قدماء المصريين في الموت ويقول كتاب الموت والعالم الآخر في مصر القديم لـ يان أسمان «المصريون لم يتقبلوا الموت فعلًا، ولكنهم أيضًا لم يقصوه، تم تجنبه وتقديره في ذات الوقت، فالموت بداية صور كتمزيق للإنسان، فالقدماء المصريون يرون أن كل الموت عنيف، يسلب الروح من الإنسان».
ولا يمكن تجاهل خلو الخطاب من العنصر الديني إذ أن الدعاية المصرية القديمة حربيًا كانت وطنيةً ودينيةً وربما أراد صناع العمل الابتعاد عن الصدام العقائدي مع الديانات السماوية.
الأزياء الحربية و 3 أخطاء
تتفق الأزياء الحربية في صفوف المصريين بالمسلسل مع التاريخ بنسبة 30 %، لكن الملاحظ أنها لم تخضع للتدقيق التاريخي حيث احتوت أزياء المصريين فوقعت مشاهد البرومو في 3 أخطاء، أولها عدم ظهور الفأس، وثانيها شكل القوس المصري الذي ظهر في شكل يشبه معركة بدر في فيلم الرسالة، وثالثها شكل الرمح الذي يخالف الرسوم القديمة.
وللإستزادة المعرفية فإن الشكل الحربي للجندي المصري زمن طرد الهكسوس هو
ـ القوس المصري (مصنوع من الخشب وطوله من 91 لـ 182 سم، وتره من أعماء الحيوان المجدولة).
ـ السهم (أعواد الخشب مغراة مع بعضها البعض وبها قرن ماعز، بها 3 ريشات، طرفها نصل مدبب من البرونز أو الحجر الصلب).
ـ الدرع (صفوف من أقراص معدنية صغيرة تمت حياكتها على سترات من الجلد والكتان).
ـ الخنجر خِبْرش (نصل طويل رفع وجزء داخل في المقبض وبها نصل معقوف).
ـ الفأس (رأس نحاسية نصف دائرية يتم ربطها في مقبض خشبي، ونصله مستقيم أقل سمكا وأكثر طولاً ومصنوع من البرونز ومصمم لاختراق الدروع).
ـ الرمح (أطول من الفأس والسيف وأنصالها برونزية).
النساء والأزياء .. ريم مصطفى نموذجًا
لم تعرف ملكات مصر القديمة شكل العباءة وتجسد الفنانة ريم مصطفى شخصية الملكة إياح حتب والدة أحمس وهناك خطئان في ظهورها كـ شابة وكـ عجوزة.
الخطأ الأول في كونها عجوزة يكمن في أن ملبسها يشبه الزي الصعيدي والخليجي، والصحيح أن ملبس المرأة كبيرة السن كان قطعتين من الثياب، أولهما قميص ضيق به الكتف الأيمن عاري، عكس الكتف الأيسر الذي يغطيه رداء خارجي فضفاض يربط من الأمام فوق الثدي، ويصنع كلاهما من نسيج الكتان الرقيق الشفاف.
وامتاز الكتان بالجودة والإتقان حتى تكاد تفاصيل الجسم ترى من خلاله وكان يتم تطريزه من الخارج.
أما في ظهورها كـ شابة فكان زيها ينافي زي الملكات الذي كان مكون من
القميص الضيق الذي يغطي الكتف الأيسر ويبقي الكتف الأيمن عاريًا (وقد ظهر الكتف الأيسر عاريًا وهو الخطأ الثاني) وله رداء خارجي ثم تطور الرداء وأصبح يسدل فوق الذراع الأيسر بينما الذراع الأيمن بقي عاريًا؛ أما من حيث الحلي في كلتا المرحتلين العمريتين فليس بها أخطاء، لكنها لا تمثل زينة المرأة المصرية القديمة على وجه الدقة، فالمرأة استخدمت الذهب والفضة والنحاس والحديد والفيروز واللازورد والعقيق الأحمر والبني والأماثيست البنفسجي واليشب أو العقيق اليماني والفلسبار الأزرق الفاتح والبلور؛ أما آلية صنع الحلي فكانت بالتفريغ والطلاء بالمينا والتكفيت برقائق الذهب والتحبيب بصنع حبيبات وكرات الذهب ولصقها.
الديكورات و 3 أخطاء
يأتي الخطأ الثامن عشر في أخطاء برومو مسلسل الملك أحمس متمثلاً في الديكورات، فالمنزل الذي ظهر به شعلة النار في وضح النهار، لم يكن له داعي، لأن شعلة النار لم تكن تضاء في البيوت إلا ليلاً بغرض الإنارة، بينما كانت تضاء نهارًا بغرض التدفئة في الشتاء وهذا يناقش الأزياء الخفيفة التي ظهر بها ممثلو المشهد.
أما الخطأ التاسع عشر فهو خلو القصر الملكي من أي زخارف بالأسقف والجدران والاكتفاء بالزخرفة على الأعمدة.
فيما يجيء الخطأ العشرين في أخطاء برومو مسلسل أحمس متمثلاً في غياب أفراس النهر وهي الذريعة التي بدأت بها مناوشات طيبة والهكسوس حيث كانت على غرار العجلات الحربية لم تظهر في البرومو وسنفرد لها تقريرًا في حينه.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال