همتك نعدل الكفة
1٬149   مشاهدة  

أزمة الشيخ إمام .. العود أم القرآن ؟

أزمة الشيخ إمام .. العود أم القرآن ؟
  • كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



يغني الشيخ إمام

أصلّي ع النبي قبل البداية
نبي عربي مُشفّع بالبرايا
واسلم بالوتر والقوس عليكم
يا كل السائرين ع الشوك معايا
يقول الشاعر المجروح فؤاده
من الأندال ومن عشق الصبايا
غرامي في الحروب يسبق سلامي
وأملي في الشعوب يخلق غُنايا
وعشقي للكلام غالب سكوتي
وكرهي للسُكات جالب شقايا

في هذا المقطع من غنوة “على الربابة” تضافرت ألحان الشيخ إمام مع صوته ليخلقا مع كلام أبو النجوم مقطع برع فيه إمام في فرد عضلاته في الألحان والتلوين بالصوت والذي كان يجيد اللعب به بسهولة شرب المياه ولا أجد مقدمة لهذا المقال إلا أن أرشدك لسماع هذه الأغنية لتعرف من هو الشيخ إمام (إن لم تكن تعرفه إلى الآن) … بسبب تصدر أحمد فؤاد نجم المشهد الإعلامي بعد وفاة إمام ترسّخ في الأزهان تفاصيل ليلة لقاءه بالشيخ إمام، وتفاصيل كتابة أشعاره في السجن ، وتفاصيل خلافاته مع إمام ، وقفشاتهما وخفة ظلهما المعتادة .. كل تفاصيل مشوارهم الفني تقريبًأ، لكن تظل تفاصيل ليلة لم يذهب إليها كثيرين .. متى تعلم إمام العزف ؟ .. متى وضع يده على العود ليطير من أنامله كل هذا السحر في الأجواء ؟ .. من دفعه للعزف دفعًا ؟ .. كل هذا وجدته في كتاب “مذكرات الشيخ إمام” للكاتب الصحافي أيمن الحكيم

حلم

لم أكن أتصور أنه يمكن لكفيف مثلي أن يتعلم العزف على العود .. كنت أظن أن هذه العملية خاصة بالمبصرين وحدهم .. وأن حاسة البصر أحد الأركان المُلزمة للضرب على العود .. تلك الحاسة التي فقدتها منذ فترة طويلة ولا أمل في عودتها .. وفي إحدى الجلسات استمعت لشوية مزيكا حلوين .. وذهلت حينما عرفت أن العازف ضرير زي حالاتي فقولت لنفسي : خلاص يا إمام .. مابقاش لك حجة !

ذهبت لصديقي كمال الحمصاني ، وكان من المجيدين للعزف .. وهاويًا ومتذوقًأ للموسيقى والطرب .. ورجوته أن يعلمني .. ووافق . وخلال أربع جلسات مع الأسطى كامل تعلمت العزف على العود .. تعلمت بسرعة لأنني كنت دارسًا جيدًا لأصول النغم عن طريق الموشحات ، وذلك على يد أستاذي “درويش الحريري” . ولم يكن ينقصني إلا أن أتعلم السلم الموسيقي وكيفية وضع الأصابع على أوتار العود والضرب عليها .

الشيخ إمام

 

فرحة أول عود

يحكي الشيخ إمام عن بهجة شراء أول عود .. أول وأغلى القطع التي امتلكها طول حياته .. وربما هذه القطعة هي حياة الشيخ إمام كاملةً .. يقول : ذهبت واشتريت عودًا بـ 50 قرش، وكان ذلك خلال عام 1942، وظللت أتدربت عليه ليل نهار إلى أن استطعت إتقان العزف تمامًا .. وعندما جاءت سنة 1945 كنت قد بدأت بالمشاركة بإحياء الموالد الشهيرة والأفراح الكبيرة .. وبعد إتقاني العزف بدأت تلح عليّ فكرة التلحين .. لكني لم أعثر على الكلمات المناسبة فقررت أن أؤلف أغنية يقول مطلعها :

فرح فؤادي وحبيبي جاني
غنى قلبي لحن الأماني

وقمت بتلحينها وغنائها ولم أكرر التجربة بعد ذلك !!

أزمة الشيخ إمام .. العود أم القرآن ؟

القرار الأصعب

وقف الشيخ إمام عند لحظة الفصل في حياته .. هل أكون مطربًا ؟ .. كيف لرجل يرتدي عمامة الأزهر والجبة والقفطان أن يقف أمام مسرح ويغني للساهرين ويحييهم ؟ .. لكن السيف قد سبق العذل يا إمام .. أشار بعض الأصدقاء على الشيخ إمام أن يخلع هذا الزي ويرتدي “البدلة” فقال لهم : يا حسرة .. إزاي اشتري بدلة وأنا ماحلتيش اللضى؟

فقام واحد من أهل الخير بإعطائه بدله قديمة، وذهب إلى الترزي لتقييفها على مقاسه .. وعندما لبس البدلة لأول مرة شعر بسعادة غريبة وكاد أن يطير من الفرحة، فقد حقق إحدى أهداف حياته، وهي أن يقول له الناس : يا إمام أفندي .

أزمة الشيخ إمام .. العود أم القرآن ؟

إقرأ أيضا
نعي

لعبة القدر

كانت كل هذه الموالد والأفراح والتعثرات والعلام  هو الفرن الذي أدخل القدر فيه الشيخ إمام لمقابلة نجم ليجتمعا اجتماع مطول انتهى بنهايتهما ! .. وأعتقد أن الجميع يعرف قصة اجتماع الشيخ إمام واحمد فؤاد نجم وملخصها أن صديقهما سعد الموجي مدير إدارة النشر بوزارة السياحة وقتها، والذي قرأ ديوان أحمد فؤاد نجم “صور من السجن والحياة” حينما كان نجم خلف القضبان لمدة ثلاث سنوات في قضية تزوير .. وفي عام 1962 كان نجم خارجًأ من السجن لتوه.. وتعرف سعد الموجي على نجم في أحد الندوات وقال له : في الحارة بتاعتنا واحد بيغني وبيلحن لكن الناس بتقول عليه دقة قديمة ، ما رأيك أن تتعرف عليه وتتعاونوا مع بعض ؟

وبعد المقابلة سأل نجم إمام : ليه مش بتلحن ؟ قال له : لسه مالقتش الكلام اللي يدخل قلبي .. فأخرج نجم ورقة وكتب فيها غنوة تلاها على إمام .. عرف إمام بعدها أن نجم قد أرسلها بواسطة الأستاذ مرسي سعد الدين لتوصيلها لشقيقه بيلغ حمدي .. فحزن إمام (وهو الذي لم يذكره نجم في في حواراته) ، وحينما عاد له نجم : هل لحنت الغنوة يا شيخ إمام ، رد إمام : لسه مالقتش الكلام اللي يدخل قلبي!

فقال نجم : ولا يهمك .. وآدي غنوة تانية

وكان مطلعها : أنا اتوب عن حبك أنا .. أنا ليا في بعدك غُنا

ولحنها الشيخ إمام في ساعة ونصف .. ومن هنا انطلق قطار سائقاه نجم وإمام .. قطار من السحر .. والثقافة .. والإلهام

أزمة الشيخ إمام .. العود أم القرآن ؟

الكاتب

  • الشيخ إمام محمد فهمي سلامة

    كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
4
أحزنني
0
أعجبني
2
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
1


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان