“أعمل ناسيني” .. عبير نعمة .. كيف تصنع أغنية لطيفة دون ابتذال

عرفت المطربة عبير نعمة كونها أحد الروافد الهامة في الموسيقى البديلة في لبنان، من حين لآخر تخرج عن نطاق تجاربها المنحصرة في الموسيقى الكلاسيكية لتجرب حظها في سوق البوب، حققت نجاحات لافتة من خلال التعاون مع الملحن والموزع “جان ماري رياشي” في ألبومه الفريد “بالعكس” والذي لفت أنظار جمهور البوب إلي صوتها القوي وادائها المنضبط الذي يعكس موهبتها الضخمة جدًا.

لم تجرب عبير نعمة حظها في السوق المصري إلا مؤخرًا حيث أطلقت أغنيتها “أعمل ناسيني” باللهجة المصرية لأول مرة، والتي جاءت وفق الخطاب الغنائي المتداول في سوق البوب المصري مع بعض الاختلافات التي ميزت تلك التجربة عن البقية.

الأغنية كتبها الشاعر “أمير طعيمة” ولحنها”إيهاب عبد الواحد” وقام بالتوزيع الموسيقي اللبناني “سليمان دميان”.

الكلمات:

فكرة الأغنية بسيطة جدًا ومكررة عن -الواد التقيل- الصامت الذي يتجاهل حبيبته وتخاطبه هي بلغة يغلب عليها طابع الدلع والدلال، صياغة “أمير طعيمة” ارتدت حلة تسعينية محضة من حيث الصياغة والمفردات مفضلًا  أن يبتعد عن أي افيهات متداولة أو استخدام مفردات صادمة على ماهو شائع حاليًا.

وإن كان هذا سلاح ذو حدين فرغم تقليدية الفكرة إلا أن هناك انضباط في المفردات مع صياغة متزنة وهذا لا يغازل جمهور جمهور السوشيال ميديا مواقع الفيديوهات القصيرة التي تتغذى على افيهات الأغاني ومفرداتها الصادمة.

الموسيقى:

اللحن على مقام الكرد ودون مفاجأت لحنية تذكر ، حيث بني إيهاب عبد الواحد اللحن على فكرتين بالعدد الأولى في المذهب والثانية في السينيو ويتكرر الأمر في الكوبليه الوحيد في الأغنية، اللحن إيقاعي لطيف يعلق في الأذن بسهولة خصوصًا في جملة السينيو “مهما هتدارى بعينيك الغرام باين عليك والغرام مفيهوش فصال”

توزيع سليمان دميان سهل ممتنع، اختار أن تدخل عبير نعمة في الغناء مباشرة دون تمهيد يصاحب الغناء رفات من الأكوستيك جيتار  ويبدأ الإيقاع في الدخول مع بداية الجملة اللحنية الثانية بحليات بسيطة مع ظهور للأكورديون الباريسي الذي أعطى خفة ودلال مع توافق مع الأداء ثم يبدأ تفعيل الرتم بحلياته في جملة السينيو مع الأوكورديون وكوردات الأكوستيك جيتار،جملة الفاصل جاءت جيدة غير مستنسخة من أي جملة من اللحن  في محاورة لطيفة بين الأكوستيك جيتار والأكورديون، التوزيع رغم أنه مغلف على إيقاع المقسوم الشرقي إلا أنه كان هادئ بطئ ساهم في إبراز صوت عبير أكثر.

أداء عبير نعمة فوق الممتاز تغني برصانة وبساطة لا تخلو من خفة ودلال ودون اصطناع مع عدم المبالغة في وضع حليات أو عُرب لحنية بلا أي فائدة.

إقرأ أيضا

محمود درويش الشاعر الذي أعطى الموت حقه!

رغم أن الأغنية جاءت وفق متطلبات سوق الغناء الحالي  المعتمد على إيقاع المقسوم لكن نلاحظ تركيز عبير نعمة على تفاصيل صغيرة رفعت من جودة الأغنية فنيًا، ورغم تقليدية الفكرة إلا أنها متماسكة لن تجد مفردات مبتذلة أو اعتماد على افيهات مقحمة لا علاقة لها بالفكرة باستثناء مقطع السينيو “يا نهار ابيض ع الجمال”، اختيار ملحن حقق نجاحات قوية في الفترة الأخيرة ومع ذلك صنع لحن رشيق جدًا عبر عن الكلمات بشكل جيد، مع توزيع موسيقي بسيط منح الفرصة للصوت كي يكون البطل الرئيسي للعمل، والأغنية درس في كيفية صنع أغنية إيقاعية لطيفة ببساطة وبأقل مجهود ودون ابتذال.

ضي القمر محمد محسن مغامرة جيدة في وسط غنائي يخشى المغامرة