همتك نعدل الكفة
266   مشاهدة  

أغنيات في الذاكرة : مريم فرقة يحيى غنام و لازالت القضية حية لم تمت

مريم
  • ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال



كانت ومازالت القضية الفلسطينية تحتل ركنًا هامًا في تجارب بعض الموسيقيين، تلك التجارب لم تتناول القضية بغرض التعليق على حدث ما وما أكثر الأحداث التي نراها يوميًا ولكن كانت ركيزة أساسية للتعريف او نشر القضية بشكل يجعل هذا التناول يصلح طيلة الوقت للتداول والاستماع وليس بغرض الاستسهال والاستعمال لمرة واحدة فقط.

في ثمانينات القرن الماضي تفكك معظم الفرق الموسيقية الغنائية بعد فترة ازدهار في فترة السبعينات وعاد الوسط الغنائي مرة أخرى إلى نغمة المطرب الفرد أو النجم، تجارب قليلة فقط هي من قررت أن تجازف وتفكر خارج نطاق الوسط الغنائي الرسمي “Mainstream” وأن تصنع تجاربها الخاصة التي عانت من عزوف الجماهير عنها لكن بمرور الوقت انصفها الزمان.

من أهم تلك التجارب المتفردة تجربة فرقة يحيى غنام التي صدر لها شريطًا غنائيًا واحدًا فقط “تراحيل” وخارجه عشرات من الأغنيات المنفردة مثل “متفوتش بلادنا يابوي، على كوبرى بنها العسل”  التي يحفظها عشاق الفرقة ويرددها معهم في حفلاتهم التي كانت تقام في التجمعات الثقافية المحدودة مثل الأوبرا وساقية الصاوي.

في شريط الفرقة الوحيد “تراحيل” خص يحيى غنام القضية الفلسطينية بأغنية “مريم” والتي كانت ترصد حياة طفلة فلسطينية ولدت في أحدى المخيمات، لتلك الأغنية صدى واسع جدًا لدى عشاق الفرقة ويتم استعادتها كلما طفت على السطح القضية الفلسطينية مثل الأيام العصيبة جدًا التي نعيشها حاليًا حيث لن تجد أغنية واحدة تعبر بشكل جدي عن القضية الفلسطينية وبالأخص اللاجئين، وأن كان هناك تفاؤلاً حذرًا بعد الأحداث الأخيرة بأن القضية الفلسطينية لم تعد على هامش تفكير واهتمامات الناس  بل أصبحت تشغل حيزًا كبيرًا من اهتماماتهم اليومية ولن تنساها ابدًا.

لن تسمع عنهم كثيرًا فرقة يحيى غنام الإرهاصة المبكرة لفرق الاندرجرواند

الكلمات :

كتب كلمات الأغنية الشاعر مجدي كامل والذي لم ينال تقديرًا كافيًا حيث لم تستوعبه ماكينة الإنتاج التجاري التي كانت لا تبحث عن قيمة في الأشعار المغناة لذا ظل حبيسًا في تجارب بسيطة جدًا ابرزها مع يحيى غنام والباقي داخل شركات الإعلانات التي كان مصدر رزقه الوحيد.

صياغة مجدي كامل ابتعدت عن الاسقاطات والتناول غير المباشر حيث قرر أن أسهل طريقة للتعبير عن قضية اللاجئين هو التحدث بشكل مباشر دون زخرفة الصور أو نحت القوافي  و من أول مقطع

مريم اسم طفلة فلسطينية كان ميلادها في المخيم 

يوم 11 من يناير مش مهم في أي عام

وأما بدأت في الكلام كانت الأيام اّلام

والليالي زي بعض انتظار وسكوت وبرد

ليس لدي معلومة مؤكدة أن الأغنية حذف منها عدة مقاطع لأن مجدي كامل لم يصبها في قالب أغنية تقليدي مكون من مذهب وكوبليهات يتكرر في نهايته لزمة بعينها “سينيو” كما انه لم يلتزم بأن تتشابه حتى المقاطع في نفس البحر بل كتب بأريحيه تمامًا ويبدو أنه كان يريد التعبير عن الفكرة بصدق فترك القلم يسطر أفكاره دون أن يعبأ بالقوالب والقوافي.

الصغار كرهوا الخيام – واللي سارقين السلام

جريت الوردة البريئة بس سور السلك حاشها

جرح الفستان خدشها نقطة سالت من دماها

دمعة نامت في خدودها فيها معنى الاحتياج

فيها معنى الاحتجاج كان في عينها شئ بيسأل وطني فين.

إقرأ أيضا
حسن مصطفى

مريم الطفولة مش طفولة في المخيم

الصغار ما بيضحكوش  ما بيلعبوش مولودين والشعر شايب

بين قضية وبندقية والقضية هي هي القضية أن مريم

اسم طفلة فلسطينية كان ميلادها فى المخيم.

الموسيقى :

كلمات مجدي كامل القوية كانت بحاجة إلى لحن تعبيري يمثل صرخة احتجاج ضد الظلم والقهر  وهو مافعله يحيى غنام على أكمل وجه، اللحن على مقام المانير “النهاوند” تغيرت أفكاره على حسب المقطع دون تكرار سوى في مقطع “مريم اسم طفلة فلسطينية في المخيم” الذي اعتبره غنام “سينيو” أو اللزمة التي ينطلق منها للفكرة التالية وهكذا مع اهتمام بالأداء الصوتي التعبيري دون الجنوح إلى التطريب الذي لا مكان له في تلك النوعية من الأغاني، الأغنية من توزيع طارق مدكور ويحيى غنام ولكن نقف هنا عند اختيار مدكور تحديدًا وعن ثقة غنام في قدراته الفذة على إخراج أغنية تختلف موسيقاها كثيرًا عن موسيقى البوب التجارية التي كان يحقق فيها نجاحات ضخمة، التوزيع أخذ الأغنية في قالب موسيقى الروك الصاخبة وهو اختيار ملائم جدًا لطبيعة الكلمات الإحتجاجية، إيقاع قوي جدًا مع كوردات خشنة من الكيبورد وجمل وتريات هلامية معزوفة إليكترونيا أعطت زخمًا في هارموني الأغنية مع ديسترشن جيتار يزأر في الخلفية وكأنه يعلن احتجاجه هو الأخر، هذا التوصيف الجيد ربط الأغنية بالمستمع تلقائيًا بجانب موضوعها، هناك نسخة تم تعديل الميكساج فيها يظهر صولو للإليكتريك جيتار في قفلة الأغنية يمكن أن تستمع إليه في الفيديو كليب الخاص بالأغنية.

YouTube player

ما اشبه اليوم بالبارحة، لازالت القضية حية لم تمت ولن تموت، مرت سنوات طويلة وكم من مريم ولدت وكبرت وعاشت داخل أحد المخيمات في أرض طاهرة تبحث عن حريتها خلف أسوارًا وأسوارًا تمنع وصول أدنى متطلبات الحياة الآدمية لها، بينما الساسة والقادة يتسامرون ويأكلون ويشربون ويتنعمون بدفء الغرف المغلقة في برد الشتاء الذي يجتاح المخيمات بينما تقف مريم طفلة عاجزة لا تملك من أمرها شئ تنتظر أن يقرر مصيرها من هم كانوا السبب في شقائها، ولازالت المشكلة لم تحل وأن مريم هي طفلة فلسطينية ولدت في المخيم لا يهم في أي عام ولدت أو في أي عام ستموت أما برصاص جندي محتل مختل لا يفرق بين قتل الأطفال وبين قتل الناموس أو في غارة على مخيمها القابع في العراء بينما العالم صامت بلا نخوة أو ضمير.

YouTube player

الكاتب

  • مريم محمد عطية

    ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان