أفضل ٥ أفلام سينمائية جسدت روايات الأستاذ نجيب محفوظ
-
خالد سعد
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
رفض الأديب الكبير الراحل نجيب محفوظ أن يكتب سيناريو لأي رواية نشرها، كان دائمًا يرى مسافة ما بين ما يكتبه للأدب وما يقدم إلى السينما، أحب كتابة السيناريو لروايات إحسان عبدالقدوس لأنها الأكثر مباشرة، بينما بقيت رواياته متعددة القراءات ومستويات التلقي، لدرجة أن الرواية التي قرأتَها لمحفوظ في مراهقتك ستختلف تمامًا إذا قرأتها وأنت على مشارف الثلاثينيات، ثم تعود لتختلف مرة أخرى على سن الأربعين، وقليل من الأفلام التي صنعت من رواياته نجحت في الوصول لمستوى واحد من هذه المستويات المتعددة، منها هذه الافلام الخمسة:
1- فيلم بداية ونهاية 1960:
يموت رب العائلة، فتعانى أسرته من شظف العيش بضآلة المعاش، وينتهى حسن الابن الأكبر إلى الحياة فى حي الرذيلة، تاجرًا للمخدرات والنساء، أما حسين الأوسط فيقبل العمل بشهادته المتوسطة، كي يتيح الفرصة لأخيه حسنين ليكمل دراسته ويلتحق بالكلية الحربية. أما الابنة نفيسة فاقدة الجمال فيطردها سليمان البقال من حياته بعد أن زلت معه، ثم تستمرئ السير فى طريق الرذيلة دون أن يعرف أحد وتساعد أخاها حسنين وأمها بالمبالغ القليلة التى تحصل عليها.
يتخرج حسنين ضابطًا. فيتنكر لأسرته وخطيبته ووسطه الاجتماعى ويتطلع إلى الارتباط بالطبقة الثرية، عن طريق الزواج من إحدى بناتها.
يعود حسن جريحًا مطاردًا من الشرطة إلى أسرته، ويُستدعى حسنين في الوقت نفسه إلى قسم الشرطة ليجد أخته متهمة بالدعارة. يدفع حسنين أخته للانتحار غرقًا، كتخلص من الفضيحة، ويتذكر حياته ويجد عالمه ينهار فيلقي بنفسه فى النيل وراءها.
الفيلم يستحق اسم نجيب محفوظ عليه، حيث يشرح أدق تفاصيل تلك الطبقة المتوسطة التي شارفت على الانهيار.
2- اللص و الكلاب 1962:
سعيد مهران (شكري سرحان) لص عتيد اﻹجرام، يتخذ من رؤوف علوان قدوته في الحياة، خاصة بعدما نصحه أن الإنسان لابد أن يحصل علي مايريد بأي وسيلة يراها، وأثناء تنفيذه إحدى السرقات، يغدر به صبيه عليش سدره ويبلغ عنه الشرطة؛ طمعًا بالزواج من زوجة سعيد بعد الزج به في السجن، وبعد خروج سعيد من السجن يقابله رؤوف علوان بتكبر واستعلاء شديدين بعد أن صار صحافيًا لامعًا، ويصبح كل من رؤوف ونبوية زوجة سعيد السابقة وعليش سدره صبيه ألد خصومه، ويسعى إلى الانتقام منهم.
نجح صبري عزت السيناريست في الإمساك بروح نجيب محفوظ في النص.
3- ثرثرة فوق النيل 1971:
يجسد الفيلم حالة اللامبالاة والانكسار والاستسلام للهزيمة في الفترة بعد نكسة 1967، فرمزَ لمصر بالفلاحة التي ماتت في حادث سيارة بسبب مجموعة من المساطيل .. تجسيدًا لانكسار مصر بسبب تخاذل القائمين على الدولة وقتها، ورمزًا لموت مصر بيد أبنائها .. ومن ثم حالة الانتفاضة التي نادى بها بطل الفيلم عماد حمدي في آخر مشاهد الفيلم، ونادى بحتمية الانتفاضة وتحطيم اللامبالاة والانحلال للنهوض بالدولة وكسر الهزيمة.
محفوظ يفضح ما بعد الهزيمة وممدوح الليثي يضع السيناريو داخل إطار الرواية الأصلية.
4- ميرامار 1969:
لا تجد زهرة سبيلًا إلا الهروب من بلدتها الصغيرة عقب ضغط أسرتها عليها للزواج من ثري عجوز فتتوجهُ إلى مدينة الإسكندرية حيث تعمل في فندق صغير، وهناك تقابل شخصيات مختلفة في الفكر والحياة: فهناك حسين علام الثري العابث الذي يحاول التقرب إليها، وهناك منصور باهي الشاب المناضل المثقف الذي تتعرف عليه زهرة، فيحاول مساعدتها في تعلم القراءة والكتابة، ومن بين هولاء النزلاء طلبة مرزوق ذلك الإقطاعي الذي يحقد على الثورة وما جاءت به من قرارات، وتتعرف زهرة على الشاب الاستغلالي سرحان الذي يعدها بالزواج إلا أنها تكتشف أغراضه وتقرر الزواج من بائع الجرائد الذي يحاول حمايتها.
مرة أخرى ينجح ممدوح الليثي في الإمساك بنجيب محفوظ في النص.
5- قلب الليل 1989:
يشعر الطفل جعفر بالرغبة في التحرر من سلطة الجد، يهجر دراسته فى الأزهر جريًا وراء هوى قلبه وتعلقه براعية غنم من الغجر هي مروانة، ويعترض الجد على زواجه من مروانة، ويطرد حفيده من قصره، وتطلب مروانة من جعفر أن يعتمد على نفسه فى طلب الرزق، فيعمل جعفر فى بوقة غنائية لصديقه المطرب شيخون، ويؤدي ذلك إلى انفصال جعفر عن مروانة، ويتزوج سيدة ثرية أرستقراطية هي السيدة هدى، يعيش جعفر عالة على زوجته هدى، تطلب منه هدى بإلحاح أن يختار عملًا محترمًا مناسبًا، فيقرر دراسة القانون، واحتراف المحاماة، لكنه يفشل أيضًا فى هذا العمل، ويحاول جعفر التشبه ببعض رجال الفكر، ويعجز عن مجاراة أي منهم، لأنه يعانى من خواء نفسي وفكري، فيقرر اعتزال الحياة العامة، ويعكف على تأليف كتاب يحمل نظريته الخاصة فى السياسة والفكر والأدب، ويتضح أن محتويات الكتاب مجرد هواجس وأفكار مشوشة، يواجه أحد الأصدقاء جعفر برأيه فى كتابه ونظريته، ويثور عليه ويقتله، ويدخل السجن ليقضى بقية سنوات عمره بتهمة القتل.
يخرج من السجن في حالة جنون مطلق، ويسير فى شوارع القاهرة المعاصرة يهذي بكلمات غير مفهومة تعكس مدى خراب نفسه وارتباك عقله.
محسن زايد يتذوق أدب نجيب محفوظ، قبل أن يقدم رائعته الدرامية حديث الصباح والمساء بعدها بـ 12 عامًا.
الكاتب
-
خالد سعد
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال