أكانت النساء ضحايا ريا وسكينة فقط أم للرجال نصيب من القتل؟
ولدا بالصعيد وبسبب الظروف ووفاة والدهم انتقلا مع باقي أفراد أسرتهم إلى العديد من المحافظات منها بني سويف ثم إلى كفر الزيات بالغربية وغيرها واستقروا بالنهاية في الإسكندرية بعدما ارتكبوا جرائم قتل للرجال الأثرياء ليستكملوا رحتلهم التي مرت بعدة مراحل بدأت بالقتل ثم الدعارة والخمور وانتهت بالقتل لتتوج بالنهاية بملابس الإعدام لتكون أشهر سفاحتين في مصر ويصل صيدهن إلى العالم بعدما أصبحا أول سيدتان ينفذا بهما حكم الإعدام، إنهما الشقيقتان ريا وسكينة.
في إحدى محافظات الصعيد وخاصة أسوان ولدت ريا بنت علي همام وبعدها ولدت سكينة بنت علي همام عاشا هناك لفترة ولكن بعد وفاة والدهم رحلوا برفقة والدتهم وأخاهم أبو العلا، إلى بني سويف ثم إلى كفر الزيات ثم البحيرة وبعد زواج ريا بحسب الله رحلت معه إلى الإسكندرية ليبدوا حياتهم هناك.
ولكن قبل الرحيل إلى الإسكندرية ارتكبوا جرائم قتل تكاد لا يعلم الكثير عنها، وكشف عنها نجل اليوزباشي إبراهيم حمدي الذي تحول إلى بطل خارق وسجل اسمه في أوراق التاريخ بعد تمكنه من إسقاط عصابة ريا وسكينة في تقرير أعددته الصحافية سارة أبو شادي ونشرته بتاريخ ديسمبر 2021 بموقع المدار تحت عنوان “ليلة سقوط ريا وسكينة”، وهو أنهم لم يكتفوا بقتل النساء فقط بل قتلوا الرجال الأثرياء أيضًا.
بداية القتل
كانت البداية في البحيرة في نوفمبر من العام 1918، عندما تلقى الملازم إبراهيم حمدي، نائب مأمور قسم شرطة البحيرة ورئيس المباحث، العديد من البلاغات إلى القسم تفيد باختفاء عدد من الرجال الأثرياء، ليبدأ الملازم في البحث وراء تلك البلاغات ليتوصل إلى أنّها جميعًا لا تحدث إلا في موسم جمع المحصول، وأن هناك عصابة وراء ذلك.
ووفقًا للتقرير، فإن الضابط الشاب لم يجد أمامه سوى فكرة واحدة لحل هذا اللغز، وهى التنكر في هيئة مسجل خطر كطريق للوصول لتلك العصابة، ليقيم كشكًا من الصاج على أطراف إحدى القرى، ومكث بداخله ثم اتفق مع عدد من المخبرين السريين على ارتداء ملابس باهظة الثمن وحمل محفظة بعينها عُرف عنها قديمًا أنّها تخص الأثرياء.
وبعد عدة أيام من التنكر يقوم الضابط بسرقة المحفظة ويهرب بعيدًا نحو مكانه بأطراف البلدة، لتنتشر أنباء تفيد بوجود شاب يسرق أموال الأثرياء وحينها كانت بداية التعارف على العصابة والتي ضمَّت بين أعضائها ريا وزوجها حسب الله.
بالفعل نجح الضابط في الوصول إلى أعضاء العصابة من خلال طلب أعضاؤها الانضمام إليهم، وحينها جاءت اللحظة المناسبة للقبض عليهم، كشف حسب الله الأمر ولاذ بالفرار واختفى وسط الزراعات وذهب لزوجته ريا التي كانت تستدرج الرجال، ليهربا معًا نحو الإسكندرية.
رحلة جديدة
بعد الوصول إلى الإسكندرية بدأت ريا وزوجها رحلة البحث عن عمل ولكن بسبب الظروف الاقتصادية الطاحنة التي واجهت المنطقة أثناء الحرب العالمية الأولى وانتشار البطالة والفقر اتجهت الأسرة للأعمال غير المشروعة والدعارة السرية، ليبدأن العمل ويصبحا ذا شأن في هذا الأمر وأصبحت سكينة شقيقها شريكتها في هذا الأمر.
ولكن بعد تدهور الأمر بشكل أكبر نتيجة الحرب الذي تسبب في حالة ركود، اتجهوا إلى قتل النساء الذين يمتلكون مشغولات ذهبية من خلال استدراجهم إلى منزلهم من خلال قول بعض العبارات المعسولة وثم تسقيانها خمر قوية المفعول تؤدي بها إلى السُكر والثمالة فتفقد القدرة على التركيز والقوة على المقاومة، ويقوم باقي أفراد العصابة”حسب الله، عبد العال، عرابي، عبد الرازق” بشل حركة جسمها ليقون أحدهم بكتم أنفاسها من خلال قطة قماش مبتلة بالمياه، وبعد الانتهاء يتم تجرديها من مشغولانها الذهبية وملابسها ودفنها في نفس المكان الذي قتلت فيه، وكانت الشقيقتان تبيعان الذهب المسروق إلى أحد الصاغة في السوق ثم تقتسمان ثمنه مع بقية أفراد العصابة.
بدأت ريا وسكينة وباقي الأعضاء العملية الإجرامية في العام 1919 في منطقة اللبان خلف قسم الشرطة القديم حيث يقع منزلهما في شارع علي بك الكبير كانتا تستدرجان النساء من خلال مكان “زنقة الستات” الذي يقع بالقرب من ميدان المنشية.
كانت أولى ضحايهم هي خضرة محمد اللامي ثم نظلي أبو الليل 25 عامًا، والثالثة هي عزيزة والرابعة نوبية ثم نوبية بنت جمعة وغيرها من النساء الذي بلغ عددهم 17 امرأة، بدأت البلاغات تورد إلى قسم شرطة اللبان باختفاء النساء و في كل البلاغات ورد اسم الاختان ريا وسكينة باعتبارهم آخر ما التقيا بالضحايا ولكن في كل مرة يستعدى بها القسم الاختان تلقيان التهمة على أشخاص آخرين.
مهمة جديدة
في تلك الفترة كانت قادة البوليس تكرم الضابط إبراهيم حمدي وتم ترقيته إلى رتبة يوزباشي وتكلفته بمهمة جديدة وهو حل لغز اختفاء النساء في الإسكندرية ونقله إلى قسم شرطة اللبان ليكون له نصيب في اللقاء مرة أخرى مع عاصبة ريا وسكينة، وفقًا للتقرير الذي اعددته الصحافية سارة أبو شادي.
عندما وصل اليوزباشي إبراهيم حمدي إلى مقره الجديد بقسم حي اللبنان واطلاعه على كافة البلاغات الوارد لاحظ أن كافة الخيوط كانت تصل به في النهاية نحو اسم واحد سكينة علي همام، ليتم استدعاء سكينة ومواجهتها بكافة الاتهامات المنسوبة لها لتنكرها جميعها ويأمر إبراهيم حمدي الإفراج عنها لعدم وجود دليل قاطع ضدها، فالدليل هو فقط شهادة بعض الأهالي.
وبعد أيام ورد بلاغ إلى اليوزباشي إبراهيم تفيد العثور على عظام لأحد الجثث تحت بلاط إحدى الغرف ليكتشف أنها لأنثى، وعلى الفور توجه إلى مكان الجثة، وبعد ساعات ورد بلاغ آخر العثور على جثة أخرى لسيدة في منزل مجاور للمنزل الأول أثناء عملية الحفر، ليتم الاكتشاف فيما بعد أن صاحبة الحجرة هى لسكينة لتدخل من جديد في قضية اتهام ولكن أيضًا في تلك لا يوجد دليل مادي ليتم الإفراج عنها.
لم ييأس اليوزباشي إبراهيم من إيجاد حل للغز، لتقوده الصدفة نحو منزل متهالك في شارع علي بك الكبير خلف قسم شرطة اللبان، وبعد حفر حجرة داخله تم العثور على عدد من الجثث، وتفاجأة الضابط بوجود ريا، فتذكرها على الفور، وقام بمواجهتها ولكنها ألقت التهم على الفتوات “عرابي والجدر” وعلى الرغم من أن الأخيرين الاقيا التهم على الشقيقتان إلا أن الضابط لم يتمكن من إمساك دليل عليهم.
وقوع المتهمين
ليقرر الضابط التنكر في هيئة سيدة ترتدي مشغولات ذهبية كثيرة وتسير بمفردها في السوق الشعبي، تبحث عن أنواع بعينها من القماش، وذلك في مهمة للبحث عن الشقيقتين وبالفعل وصل إلى هدفه.
وبالفعل وقفته الشقيقتان تتحدثان معه لتخبراه بأنهما تمتلكان أنواعًا عديدة من الأقمشة التي يبحث عنها، وعليه الذهاب معهما إلى منزلهما حتى يتمكن من الحصول عليها، ولكن اليوزباشي إبراهيم اتفق معهما على موعد في اليوم التالي، ليعود إلى القسم ويستعد جيدًا لإسقاط ريا وسكينة، وبالفعل ذهب في الوقت المحدد له وفي أثناء محاولة كتم أنفاس الضابط وسرقته، أخرج مسدسه والذي أخفاه في الملاية التي ارتداها وكانت تلك هي علامة الهجوم، وفي ثوانٍ معدودة امتلأ المنزل برجال البوليس ليتم القبض على أشهر سفاحتين بالتاريخ الحديث.
وفي يوم الاثنين الموافق 16 مايو 1921 في تمام الساعة الثامنة والنصف صباحًا، عقدت المحكمة الجلسة الأخيرة من المحاكمة وتم إصدار حكم الإعدام لكلٌّ من: ريا وسكينة علي همام وحسب الله سعيد مرعي، ومحمد عبد العال، وعرابي حسان وعبد الرازق يوسف؛ وعلى علي محمد نصر – الصائغ – بالحبس لمدة خمس سنوات، بينما حكمت المحكمة ببراءة كلٌّ من: سلامة محمد خضر الشهير بسلامة الكبت، وأمينة بنت منصور الشهيرة بأم أحمد الُنص، ومحمد علي القادوسي الشهير بالنُص.
السينما المصرية
حرصت السينما المصرية على تجسيد قصة ريا وسكينة بمختلف الأنواع لتقام مسرحية ريا وسكينة: إنتاج عام 1922، وفيلم ريا وسكينة، إنتاج سنة 1953، بطولة نجمة إبراهيم وزوزو حمدي الحكيم وفريد شوقي وأنور وجدي وشكري سرحان.
فيلم إسماعيل يس يقابل ريا وسكينة، مسلسل إذاعي عودة ريا وسكينة 1972، فيلم ريا وسكينة، إنتاج سنة 1983، ومسرحية ريا وسكينة في مارينا: أنتجت عام 2004 من تأليف سمير الطائر.
مسلسل ريا وسكينة، إنتاج سنة 2005، بطولة عبلة كامل وسمية الخشاب وسامي العدل، ومسرحية ريا وسكينة، بطولة سهير البابلي وشادية وعبد المنعم مدبولي وأحمد بدير.
مسلسل وردة شامية عام 2017 مستوحى من قصتهما لكن بتغيير أسماء الشخصيات.
اقرأ أيضًا..
صلاح أبوسيف ونجيب محفوظ خرفوا في ريا وسكينة ..اعترافات محمد خان