“أما الموت فهو الحقيقة الراسخة”.. وداعًا صوت القرية الصادق
-
مي محمد المرسي
مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
كان صوت المهمشين، غاص في أعماق الريف، وأصبح صوته الصادق، فتناول تقاليده، والمصائب والنزائل التي تحل به، كما كان صوت الاعتدال والتسامح والتكامل الديني من خلال “ثلاثية اليهود” إنه الأديب الروائي الدكتور ” كمال رحيم” الذي رحل عن عالمنا الجمعة 29 من سبتمبر/ أيلول 2023، وسط حالة من الحزن والفقد شهدها الوسط الثقافي العربي.
أعمال تنساب دون صخب أو ضجيج
امتثلت أعمال الأديب الدكتور “كمال رحيم” للعواطف المشحونة والمشاعر المتضاربة، والتشكيلات الجمالية التي تنساب دون ضجيج أو صخب، كما في روايته ” قهوة حبشي” تلك الرواية التي تناولت القرية بعوالمها وتقاليدها الراسخة، شرح فيها دواخل الشخصيات، وما يعانوه في إطار درامي حكائي متميز.
وكونه أديب عبقري، فقد وظف المكان وهو ” قهوة حبشي” لينسج فيه أهل القرية الحكايات بين ذاكرة الماضي و الحاضر، في عادة لأهل القرى وهي عادة الثرثرة إذا ما اجتمعوا في مكان ما، ولم تكن عبقريته في تلك الرواية عند هذا الحد بل قام بلضم واقع الشخصيات بالماضي عن طريق مزاوجة بين أغاني عبد المطلب وأسمهان .
لم أكن أعاني في هذا الوقت أو في دنياي أمرا يدعوني للندم، لكنه الصوت المتألم واللحن الحزين، إذ كانا يقبضان على قلبي ولا أستطيع التحرك من مكاني حتى تفرغ أسمهان
ولم تكن رواية” قهوة حبشي” هي الرواية الوحيدة التي تناول فيها القرية وعاداتها وتقاليدها، بل هنك رواية” أيام لا تُنسى” التي تدور أحداثها في أربعينيات خمسينيات القرن الماضي، تلك الرواية التي سرد فيها شكل الريف بعد ثورة 1952، حكايات النسوة في الريف، جبروت “العمدة”، كما تناول فيها فلسفة الموت.
الحياة فيض من ذكريات تصب في بحر النسيان. أما الموت، فهو الحقيقة الراسخ
ثم يستكمل صوت القرية الدكتور” كمال رحيم ” إبداعاته الأدبية عن الريف من خلال روايته ” دكاكين تغلق أبوابها” ففيها وصف القرية معنى ومبنى، ويرى الناقد الدكتور “محمد شوشة” رواية ” دكاكين تغلق أبوابها” شكلت خطاب سردي بصورة فاتنة للقرية المصرية بأنماطها الإنسانية، ومصالحها المتضاربة، ويتشكل إيقاعها الحقيقي الكامل والنابض، وبلغة تتسلل للهامشي واليومي والمعتاد، فيأتي السرد في أكثر صورة ثراء بالجمال والمتعة”.
ثلاثية اليهود و التسامح الديني
رأى الدكتور كمال رحيم أن يهود مصر أرض خصبة للحكي والكتابة، تناولها روائيين سابقين وفي مقدمتهم إحسان عبد القدوس في روايته” لا تتركني وحدي” ونجيب محفوظ في روايته” زقاق المدق” ، و أعماله مجرد حلقة في سلسلة تتكلم عن يهود مصر الذين شكلوا جزءً من نسيج الشعب المصري.
تحدث ” رحيم” في أعماله عن اليهودية، وربما رأى البعض أنه تعاطف معهم لا سيما في ثلاثيته، لكنه فرق بين اليهودية كونها دين وتراث حضاري وأنبياء ورسل، وبين الصهيونية كونها حركة سياسية أصولية أسسها هرتزل، ونجحت في إنشاء وطن لليهود على حساب العرب، وتتسم بالتطرّف والقتل والوحشية.
وثلاثية اليهود، هي رواية اجتماعية مكونة من ثلاثة أجزاء تدعو إلى التسامح بين الأديان وتقبل الآخر ومحاولة التفرقة بين ما يسمى يهوديًا” يتخذ اليهودية أحد الأديان السماوية دينًا له، وبين صهيونيًا يتخذ “الصهيونية” منهجًا له، وعن أسماء وعناوين الثلاث روايات :
1ـ المسلم اليهود
2ـ أيام الشتات
3ـ أحلام العودة
محطات في حياة الأديب كمال رحيم
ـ كمال صلاح محمد رحيم من مواليد محافظة الجيزة مصر عام 1947.
ـ تدرج في وظائف الشرطة ووصل إلى وظيفة مدير الأنتربول ودرجة لواء، ثم تقاعد وعمل أستاذًا زائرًا في أكاديمية الشرطة في سلطنة عمان.
ـ حاصل على دكتوراه في القانون العام – جامعة القاهرة – 1986.
ـ حصل على العديد من الجوائز من أشهرها: جائزة نادي القصة أربع مرات على قصصه القصيرة؛ مرتين في عام 1996م، ومرة في عام 1997م، ومرة أخيرة عام 1998م.
حصل وجائزة الدولة التشجيعية عام 2005م عن روايته يوميات مسلم يهودي وقلوب مُنهمكة.
ـ حصل على جائزة الدولة التشجيعية عام 2009م، عن روايته أيام الشتات.
ـ حصل على جائزة الدولة التقديرية للآداب عام 2022.
الكاتب
-
مي محمد المرسي
مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال