أن تحب ما تعمل
-
إيمان أبو أحمد
مترجمة وصحفية مصرية، عملت في أخبار النجوم وفي مجال ترجمة المقالات في عالم الكتاب ولها العديد من المقالات المترجمة، وعملت في دار الهلال ومجلة الكتاب الذهبي التابع لدار روزاليوسف. ولي كتاب مترجم صدر في معرض الكتاب 2021
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
هل سمعت بالمقولة التي تقول حب ما تعمل كي تعمل ما تحب.
إذا كنت من متابعي كأس العالم ومبارياته، وإذا كنت مهتم بالتفاصيل والحكايات الجانبية التي تحدث حول الحدث، فبالتأكيد سمعت عن أبو بكر عباس.
وإذا لم تكن سمعت عنه فسأحكي لك عنه، أبو بكر عباس هو شاب كيني الجنسية عمره 23 عام تقدم لأن يحصل على وظيفة طوال فترة المونديال في قطر، وكان من نصيبة مهمة روتينية سخيفة، وهي أن يجلس لمدة 9 ساعات على مقعد في الشارع في اتجاه محطة المترو بجوار الاستاد، وبعد المباراة يوجه أبو بكر الجمهور الخارج من الاستاد إلى محطة المترو، يرتدي قفاز ضخم لونه عنابي يشبه علامة لايك على الفيس بوك ويوجهها نحو طريق المترو، ويردد جملة واحدة طوال الوقت وهي: “Metro This Way” “المترو من هنا”.
عمل ممل وروتيني يفقدك حماسك بعد وقت، ويجعلك تفكر في رفضه، ولكن أبو بكر قرر قبول العمل ويبتكر فيه ويسلي نفسه أثناء تأدية مهمته.
جذب أبو بكر جمهور المونديال الذاهب للاستمتاع بالمبارايات وتشجيع منتخباته بطريقته في إلقاء الجملة الوحيدة المطلوب منه قولها، فمرة يغنيها، ومرة يقولها على عجل، ومرة ببطء، ويغير ألحانها كل مرة بلحن جديد، ومرة يضخم من صوته، ومرة يرقص وهو يقولها.
أصبح أبو بكر معلم وهدف للزيارة مثل الذهاب إلى الاستاد ومشاهدة المباريات، يتصور معه الجمهور وزوار البلد، ويداعبوه، ويغنون معه، ويرددون جملته الوحيدة، بل وبدأ يقسمها بينه وبينهم، هو يقول Metro بطريقته وهم يكملون الجملة “This Way”، وبدأت تظهر له فيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي، ثم شيد لنفسه صفحة على التيك توك، ونشر عليها العديد من الفيديوهات والتي لاقت ترحيب واستحسان من الجماهير على مستوى العالم، واشتهر أبو بكر وتعدت شهرته قطر وجمهور المونديال.
لم تتوقف مفاجأة أبو بكر وكونه أصبح نجم له جمهور ومريدين عند هذا الحد بل تعدى إلى الحكومة القطرية التي استدعته وأجزلت له العطاء، وحصل أبو بكر على عمل دائم في قطر وتم مد فترة إقامته عامين إضافيين في قطر، وحصل على هدايا عديدة، بل وأكثر من ذلك تم اعتماد صوته وجملته لتذاع في مترو قطر في أنحاء البلاد.
هل تصدق عزيزي القارئ كل ذلك لأن أبو بكر لم يستسخف عمله ولم يستكثر نفسه عليه، ولم يرفضه، بل أحبه فأحبه العمل، وأجزل له في العطاء.
اعتقد أنني تعلمت من حكاية أبو بكر عباس الشاب الكيني الجنسية، الذي سافر إلى قطر يبحث عن عمل في فترة المونديال، وقرر أن يعمل أي شيء، وأبدع في هذا العمل الذي يبدو لا شيء، فأصبح شيء هام ومسلي ومربح، وجلب له شهرة لم يكن يحصل عليها لو استمر في بلده، يعمل أي عمل روتيني.
الكاتب
-
إيمان أبو أحمد
مترجمة وصحفية مصرية، عملت في أخبار النجوم وفي مجال ترجمة المقالات في عالم الكتاب ولها العديد من المقالات المترجمة، وعملت في دار الهلال ومجلة الكتاب الذهبي التابع لدار روزاليوسف. ولي كتاب مترجم صدر في معرض الكتاب 2021
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال