همتك نعدل الكفة
60   مشاهدة  

أهدر موهبته وغرِق في الإسلاميات.. محمود توفيق صاحب حجر الكحل!

حجر الكحل
  • مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



المبدعون الموهوبون كُثر، لكن القلة من يحافظ على هذا الإبداع وهذه الموهبة، فـ نجيب محفوظ، المنسي قنديل، محمد الزيات، وغيرهم، إنما نتذكرهم بسبب إبداعهم المتواصل الذي لم ينقطع، وموهبتهم التي حافظوا عليها وطوروها وطوعوها، فلم يكتبوا لفئة معينة، ولم يخضعوا للدين مثلا واقتصر إبداعهم على أدب الأقليات، لكنهم انطلقوا يجبون بين أروقة الكلمات يعبرون عن الإنسان وعن مجتمع مكتمل الأركان وهم جزء منه.

وعلى عكس هذا الاتجاه هناك مبدعون موهوبون، لكنهم لم يحافظوا على تلك الموهبة التي منحها الله لهم، ولعل الأمثلة كثيرة ومنها على سبيل المثال لا الحصر الروائية دعاء عبد الرحمن التي برعت في صياغة الكلمات في الرواياتها، وإن بدأت بما يسمى أدب البنات لكنها موهبة عبرت عن بنات جنسها، ثم ما لبست أن غرقت في الرواية الإسلامية الموجهة، بمعنى أن تكتب رواية تقول لقارئها هذا حلال وهذا حرام بشكل مباشر، وليست هي وظيفة الأدب تلك، بالتالي فقدنا روائية حكاءة من الدرجة الأولى.

أما المثال الثاني فلا أعرفه، بحثت كثيرا عنه وعن أعماله وأدبياته لم أجد منها إلا الندرة، وسر هذا البحث هو رواياته “حجر الكحل”، ولما كان للأدب  من صلة وثيقة بين البيئة ومشاعر الإنسان يعبر عنها ويتفاعل معها، وكما هو جزء لصيق مرتبط بالحرية والجمال، ومن فنون الأدب الرواية التي تعبر عن هذا الواقع بأفكار حرة وسردية بسيطة تناسب أعمار مختلفة .

ولعل رواية حجر الكحل لصاحبها “محمود حسن توفيق” تحفة فنية من الإبداع والجمال، فقد حبك الكاتب روايته وتفاعل معاها بحسه الشخصي، إلى جانب اللغة فقد نجح في سرد الحوارات العامية وسط سرد فصيح بل  بالغ الفصاحة.

كما نجح المؤلف أيضًا في سرْد الحوارات العامية بين شخصيات القصة بلغةٍ عربية جميلة، لم تستسلم للمصطلحات والألفاظ العامية؛ فتنقُلها بعاميتها كما هي، ولم تُخرجها أيضًا عن رَونقها العامي الذي قيلت فيه إلى لغة فصحى لا يمكن أن يتكلَّم بها العامّيون، بل هي لغة عامّية من حيث الاستخدام، لكنها عربيَّة من حيث اللغة وقانونها.

ولعل ارتباط ذهني بهذه الرواية يعود اهتمام الكاتب بالصراعات النفسية الداخلية للشخصيات، فيما يسمى بالمناطق المعتمة للشخصيات، بحثت عن أعمال أخرى تشبه هذه التحفة الفنية فلم أجد إلا رواية الخبيئة وبعض الأعمال التي تبتعد عن فن الرواية وتلتصق بالأدبيات الإسلامية.

ماذا لو كتب محمود حسن توفيق الرواية بكثرة أو على أقل تقدير ترك لخياله الإبداع كما تركه في حجر الكحل والخبيئة ولم يحصر نفسه في الأدب الإسلامي، ماذا لو اعتنى محمود حسن توفيق بشخصيته الأدبية واقترب أكثر من الإعلام، ففي بحثنا عنه لم نجد المعلومات الشخصية الكافية، لان نعرف غير أنه من صعيد مصر وفقط.

محمود حسن توفيق أكثر موهبة وإبداع من شخصيات على الساحة الأدبية الآن، ومن أكثر الشخصيات التي تقرأ أدبها باستمتاع بحيث تنفصل عن الواقع تمامًا بل ينقلك إلى عالم أراده لك، فنقول عن محمود حسن توفيق موهبة فذة ضيعت نفسها لكن أمامها فرصة للإبداع وإثراء الحياة الأدبية بعيدا عن الأدب الديني.

إقرأ أيضا
أنيسة حسونة

 

الكاتب

  • حجر الكحل مي محمد المرسي

    مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان