أهل الكوميديا .. عبد المنعم إبراهيم “سكر هانم بأمر السلطة
-
عمرو عاشور
روائي وكاتب مقال مصري.. صدر له اربع روايات بالإضافة لمسلسل إذاعي.. عاشور نشر مقالاته بعدة جرائد ومواقع عربية منها الحياة اللندنية ورصيف٢٢.. كما حصل على عدة جوائز عربية ومنها جائزة ساويرس عن رواية كيس اسود ثقيل...
كاتب نجم جديد
منذ إعلان ثورة يوليو أدرك القائمين عليها أن الفن وسيلة فعالة لتثبيت الحكم، والدعاية للسلطة الجديدة.. لهذا لم تتردد في التعاون مع نجوم عصرها لتقديم أعمال فنية تناهض عهد مضي وتشيد بعهد قادم..
تقريبا معظم نجوم الخمسينيات وما قبلها تقبلوا هذا التعاون بترحاب شديد.. فـ أم كلثوم تقدم أغانيها الوطنية بالحفلات بلا مقابل، وحليم ابن الثورة يشدو باسم جمال، وأوركسترا ضخمة بقيادة عبد الوهاب وغناء شادية، صباح، فايزة أحمد وغيرهم الكثير.. ليقدموا أوبريت الوطن الأكبر..
إسماعيل ياسين واحد من أبناء هذا الجيل. بدوره قدم فنه في خدمة وطنه وجيشه، ليعرض علينا سلسلة أفلام إسماعيل ياسين بالجيش، بالأسطول، بالطيران، بالبوليس الحربي، بالبوليس السري.. إلخ..
تلك السلسلة التي كانت بمثابة دعاية قوية ورائجة دفعت الجماهير لمحبة الجيش. بل، والرغبة في الالتحاق به. لدرجة أن بعد عرض الفيلم سماعيل ياسين في الأسطول كمثال.. كان الشباب يتوافد للانضمام إلى الأسطول.. وهكذا..
في عام 1960م قرر سُمعة أن يعيد تجربته المسرحية (فتافيت السكر هانم) مع السينما، فكتب أبو السعود الإبياري القصة والسيناريو بينما جاء الحوار من نصيب السيد بدير. أما البطولة فـ لإسماعيل ياسين، سامية جمال، كمال الشناوي، عمر الحريري..
بالطبع، إسماعيل ياسين كان سيلعب دور سكر هانم، وهو الدور نفسه الذي قدمه على المسرح. غير أن السلطة الحاكمة رفضت تماماً بحجة أن إسماعيل لبس البدلة الميري فلا يجوز له أن يلبس فستان امرأة..
طبعا، تلك الحجة ليس لها علاقة بالفن.. ولكن، من قال أن للضباط علاقة بالفنون؟
كان على أبو السعود والمنتج أن يبحثا عن ممثل بديل.. وهنا رشح إسماعيل ياسين صديقه وعضو فرقته عبد المنعم إبراهيم..
عبد المنعم إبراهيم بدأ حياته الفنية على خشبة المسرح فقدم مسرحية مسمار جحا ومسرحية ست البنات..
بعدها انضم إلى فرقة إسماعيل ياسين في عام 1955م.. حيث شاركه في بطولة العديد من الأفلام. وكان أجملها من وجهة نظري إسماعيل ياسين في الأسطول، فـ لعب دور مدرس اللغة العربية.. في الحقيقة عبد المنعم إبراهيم أظرف من تحدث باللغة العربية على الشاشة.
لم يكن فيلم سكر هانم أول بطولة للفنان عبد المنعم إبراهيم.. قبلها بـ 10 سنوات قدم فيلم (سر طاقية الإخفاء) مع زهرة العلي وتوفيق الدقن.. ولكن هذا الفيلم لم يحقق النجاح المطلوب، خاصة مع صعود نجم سُمعة في تلك الفترة..
لهذا راعوا صُناع فيلم سكر هانم أن يتصدر الأفيش كمال الشناوي وسامية جمال، وترك مساحة صغيرة لعبد المنعم إبراهيم. رغم أنه البطل الفعلي للعمل وصاحب المساحة الأكبر ومحور القصة..
بعد هذا الفيلم لم ينطلق عبد المنعم إلى النجومية. بل ظل محتفظاً بدور السنيد سواء مع إسماعيل ياسين أو غيره..
وهي رحلة طويلة بدأت مع خمسينيات القرن الماضي وصولا إلى 1979م وأخر أعماله أنا وأنت والفزورة..
تلك الرحلة لم تقتصر على الكوميديا، بل شملت التراجيدي والاجتماعي، خاصة مع تقدمه في السن، واهتمامه بالدراما التي تجاوزت الـ 50 مسلسل.. ما بين الديني كـ محمد رسول الله، والاجتماعي كـ الشهد والدموع، والخيالي كـ ألف ليلة وليلة، والغموض كـ الرقم المجهول..
هذا التعدد، وهذا الثراء.. إن دل على شئ، فهو يدل على أننا أمام موهبة متفردة واستثنائية ليست فقط في صناعة الكوميديا. وهو واحد من أهلها. ولكن، أيضاً، في فن التمثيل بوجه عام
الكاتب
-
عمرو عاشور
روائي وكاتب مقال مصري.. صدر له اربع روايات بالإضافة لمسلسل إذاعي.. عاشور نشر مقالاته بعدة جرائد ومواقع عربية منها الحياة اللندنية ورصيف٢٢.. كما حصل على عدة جوائز عربية ومنها جائزة ساويرس عن رواية كيس اسود ثقيل...
كاتب نجم جديد