أوكا وأورتيجا .. صاحبي اللي كتفه (ماعدش) في كتفي .. عن ذكريات الجيل والانفصال وأشياء أخرى
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
أوكا وأورتيجا ؟ .. أتحداك أن تعرفهما من بعض، أورتيجا يشبه أوكا، وأوكا يشبه أورتيجا .. بل يمكن أن يكتب على كل منهما اسمه على جبهته ولا تتعرف عليهم أيضًا
الحكاية بدأت حينما كان الشِقان محمد صلاح (أوكا) ، ومحمد مصطفى (أورتيجا) يغيبان بالساعات عن منزليهما، فترتجف قلب أم أورتيجا وأقارب أوكا .. هل غياب العيال وراءه فعلًا شائنًا والعياز بالله .. هل يشربان المخدرات ؟ … في هذه الأحيان كان أوكا وأورتيجا يتنقلان من بيت أحد أصدقائهما لبيت آخر لاقتراض سماعة هيتفون أو كيبورد مستهلكة .. ليصنعان من شاشة كومبيوتر بدائية و(كيسه) مصنعًا لإنتاج لما يظنوه أغاني .. فيهمس أحدهما للآخر: تخيل لو أصبحنا مشهورين .. يا لهوي !
بعد فترة كانا قد (صنعا) فيها كبشة أغاني، وأنا أقصد هنا أنهم (صنعا) لأنهم بالفعل لم يغنوا بالمعنى الحرفي (للغناء) بل عملوا “تشطيبات” تشبه الأغاني ، ولكنها ليست أغاني .. وبعد ما اقترب اليأس من قلبيهما .. كان الصوت الصادر من نهر النيل على متن إحدى مراكبه .. صوت غريب لا يحمل الأصوات المعتادة لإيهاب توفيق ، وعمرو دياب، وحسن الأسمر .. كان صوت (مهرجان) لأوكا وأورتيجا !
“الوسادة الخالية” .. هاتي بوسة يا بت .. هاتي حتة يا بت… إنها فعلًا ثورة في سياق ليالي الأفراح المصرية .. طريقة جديدة في الرقص، طريقة جديدة في الغناء … العريس الذي كان يقف بخجل يصفق أو يتمايل مع عروسته على صوت مصطفى قمر “خبيني” أصبح الفرح بالنسبة له مكانًا لممارسة رياضة الجمباز، والشقلبظات الغير مفهومة .. حركات عجيبة اخترعها الشباب للرقص على أغاني عجيبة .. أغاني تشبه راقصيها … نعم .. الآن حلم أحدهم بأن *نصبح مشهورين* قد تحقق .. الراديوهات ،والتليفزيونات، والتكاتك، والميكروباصات، والساحل، والمطرية، والأميرية، حتى أسوان .. أصبح كل شاب يحمل موبايل صيني (وقتها) يسمع أوكا وأورتيجا .. فقد اخترعا نوعًا جديد من المزيكا بغير قصد .. لكن النيّه كانت خير !
يشبهوننا قليلًا
هناك نقطة راسخة تقبع في عمق شخصيتي أوكا وأورتيجا ، والحقيقة أن هذه النقطة هي ما تفصلهم عن غيرهم من مطربي المهرجانات .. أوكا وأورتيجا يعرفون جيدًا مقدار ما يقدمونه .. لا يخلطون الأوراق .. لا يعتبرون نجاحهم سطوًا وكيدًا في أهل الطرب الأصيل والغناء الصحيح ، هم فقط راضيين عما وصلوا له ، وما سيصلوا له ، يعلمون جيدًا أن تجاوز مهرجاناتهم الملايين من المشاهدات وربما يتجاوز أحيانًا أعداد مشاهدات مطربين كبار – يعلمون جيدًا أن فنهم لا يجب مقارنته بالطرب على مسرح الأوبرا .. يعلمون في قرارة أنفسهم أن ما وصلوا إليه ما هو إلا – فتحة خير- عليهم، ذلك يحترمون هذه النقطة للغاية ولا يتخطونها ولا يحاولون استفزاز وتأجيج مشاعر الجماهير للحصول على قدر أكبر من الفولورز ، في إحدى اللقاءت قالت المذيعة لـ “أوكا” .. الجاكيت الذي ترتديه يبدو عليه غالي جدًا، يبدو عليه ببضعة آلاف من الجنيهات .. نظر أوكا لأورتيجا نظرة استنكار أي “إنها لا تعرف عنّا شئ” وقال : أنا راجل صاحب عيال .. لما اجيب جاكيت بكام ألف ابقى باستعبط” وأمّن صديقه أورتيجا على كلامه .. في المقابل كان حمو بيكا يفتخر بأن في جيبه خمسة آلاف دولار بحلقة رامز جلال .. وأعتقد أن هذا الفرق الجوهري .. لذلك تعامل الجمهور مع أوكا وأورتيجا أنهم بالفعل “عيال جدعة” أو “عيال روشه”، في المقابل تعامل الجمهور مع الباقون بحقد ليس له نظير !
أما الآن .. وداعًا
لا أريد أن أحكي لك كم هو مؤثر أن ينفصل أوكا عن أورتيجا أو العكس، فهي ليست قصة سرمدية، ولا هما أديبان أغرقا الدنيا برسائلهما .. بل أريد فقط أن ينظر أبناء جيل تسعين إلى بعضهم ويشاهدون قطعة صغيرة جدًا من الذكريات وهي تتفكك كما تفككت الكبيرة ، والأكبر .. أريد فقط أن ينظر يتمسك كل منا بالآخر .. الغربة أصبحت تلوح في كل مكان !
الكاتب
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال