همتك نعدل الكفة
1٬904   مشاهدة  

في مهزلة البكيني والبوركيني وأولوية الاصطفاف

الاصطفاف
  • إعلامية حرة، أسست شبكة مراسلي المحافظات في أون تي في إبان ثورة ٢٥ يناير وشاركت في تأسيس وكالة أونا الإخبارية.. عملت كرئيس تحرير ومدير لموقع دوت مصر ثم رئيس لمجلس إدارة موقع المولد والميزان.. صاحبة بودكاست يوميات واحدة ست المهموم بالحرية وإعادة تغيير مفاهيم خاطئة



إذا كان قدر شعب مصر الاصطفاف أمام الأوقات الصعبة والحاسمة في تاريخ الوطن فهل يصمد المجتمع أمام طول أمد الاصطفاف أم يصبح في خطر كما يبدو لي.

سافرت إلى المملكة العربية السعودية وأنا طفلة رضيعة دون العام قبيل اغتيال السادات عندما كبرت بضع سنوات كنت اسمع والدي يتحدث عن المساجد التي كانت تلعن مصر ورئيسها علنًا من فوق المنابر وكيف أنه وبعد استشهاد الرئيس السادات على أيدي الإرهاب تعيش مصر أيامًا عصيبة، ثم لما أسمع طيلة حياتي حتى كتابة المقال عن أيام رغدة فمن عنق الزجاج والخطط الخمسية لمبارك التي لم تخلو من حوادث إرهاب وانتهاء بالثورة ومن بعدها إعلان الحرب على الإرهاب وردع  داعش الذي جاء بعد نجاح ثورة 30 يونيو والخلاص من شرور الإخوان الإرهابية، انتهينا إلى انحسار الإرهاب دون قضاء كامل ولا تزال الطريق طويلة وبالكاد كنا نحاول النجاة من أثر الإصلاح الاقتصادي وتحرير العملة حتى باغتنا فيروس كورونا بقبضة طرحتنا أرضا قبل أن نستقيم.

اليوم موقف عصيب جديد يضاف للوضع الدقيق الذي لم ينفرج بعد، فتأمين حدودنا الغربية مع ليبيا التي أصبحت مرتعًا وساحة للصوص المتصارعين على خيراتها ونفطها حتمي لأماننا وسيادتنا، غير إدارة الدولة لملف سدة النهضة بكفاءة شهد لها العدو قبل الحبيب والتي لم توفر علينا وصولنا إلى موقف بالغ في الصعوبة بعد أن أعلنت أثيوبيا انتهاء المرحلة الأولى لملأ السد بعد نجاحها في بناءه وتأكيد إصرارها على عدم الالتزام باتفاقات محددة لتسيطر على النيل وتتحكم بالمنطقة هي وشركاءها ومن بينهم حلفاء لمصر.

 

والآن هل يمكننا ألا نصطف!

يبدو لي أن حياتنا كشعب ستنقضي في هذا الاصطفاف الحتمي اللعين الذي لم نختاره ولا يمكننا الحياد عنه.

 

شاهدت قريبًا فيلم “خارج الخدمة” بطولة أحمد الفيشاوي وشيرين رضا ومن إخراج محمود كامل، تدور أحداثه زمنيًا ببداية اندلاع ثورة يناير حتى ثورة 30 يونيو والخلاص من جماعة الإخوان، إلا أن أحداث الفيلم وحكايات أبطاله لا تتعلق بالثورة ولا بالأيام العصيبة التي عشناها واقتضت اصطفافًا قاطعًا، حيث أظهر الفيلم الجانب الآخر من حياة الأبطال باحتياجاتهم الإنسانية بين فقرهم ووحدتهم وأوجاعهم وحتى دناءتهم الخ الفيلم لذلك كانوا “خارج الخدمة” أو خارج الأحداث الرئيسية من وجهة نظر الدولة والثانوية من وجهة نظر الأبطال لتصبح حياتهم وعذاباتهم كشريحة من المجتمع هي حدث الفيلم الرئيسي الذي برغم اصطفاف المجتمع خارج الفيلم وإدراكه للوقت العصيب فإنه لديه حاجات أبعد من أن يأكل ويشرب ويصطف.

 

في مهزلة البكيني والبو ركيني ومنع طيارات الورق وبين اتهامات شاعت بتغليب الأمن على سعادة الناس أو انتصار الدولة السلفية على حرية إدارة الأعمال الخاصة وفق رؤى أصحابها، كان لي رأي آخر

عندما تكون منهكًا ومثقلًا وغارقًا في العمل الذي يسدد فواتيرك الشهرية ويدفع عنك الأقساط فإنك مع ضيق الحال وبحثك عن أكثر من مصدر رزق لا تلتفت لخلافات أبناءك أو لحاجاتهم حتى أنك لا تلتفت إلى نفسك وما أن يعلق أحد أبناءك مع أخيه أو أخته فلن يكون بمقدورك غير المنع أو نصرة الأعلى صوتًا كأسرع وسيلة لإنهاء الخلاف والعودة مرة أخرى للغرق في انشغالك والتزاماتك التي تحسبها أولوية، أظن أن الدولة تتبع هذآ النهج تحت شعار – احنا مش فاضيين – متبقاش على حدودنا مشاكل والوضع صعب ودول يتخانقوا على بكيني ولا يلعبوا بالطيارات ويموتوا بعض.

 

يبدوا المنطق مقنعًا غير أنه سيخلف علينا مزيدًا من التراجع الثقافي والأخلاقي والاقتصادي والأمني بالتبعية في نهاية النفق.

 

إقرأ أيضا
إنجي أفلاطون

لم تسعدني أخبار تكررت لقطع زوجة العضو الذكري لزوجها الذي خانها أو تزوج عليها، وارتعبت لحجم المباركات للفعل المخيف ووصفه بالشجاع!

ولم يصدمني حجم العداء الذي أصبح معلنًا من المرأة والرجل لكنه يقلقني ويزعجني استمراره وعدم الالتفات لما أصاب المجتمع من ضمور وتغيير.

تراجع الاهتمام بالعلوم الإنسانية وأبحاث المجتمع حتي اختفى نهائيًا وأصبح بديله برامج ترفيهية تشبه سيرك الموالد بجودة أقل، لا تعالج أو تترك أثر، وانتهينا إلى الحديث إلى بعضنا البعض بمعزل تام عن نظام الإعلام الرسمي أو إعلام النظام.

اصطفت كل وسائل الإعلام بالتبعية وللضرورة للتصدي للمخاطر الخارجية والتوعية بالمخططات التي تحاك لنا وأعي خطورتها تمامًا، لكن المجتمع بحاجة أيضًا لمن يراه ولا يعتبره بدواخله خارج الخدمة.

إذا قدر علينا أن نصطف عقود متتالية فعلينا أن نجد صيغة لمراقبة نمونا الاجتماعي وتماسك وصلاح جبهتنا الداخلية التي لا تقل خطورة عن مخططات الخارج، أو قل علينا أن نجد طريقًا للحياة مع الاصطفاف.

الكاتب

  • الاصطفاف رشا الشامي

    إعلامية حرة، أسست شبكة مراسلي المحافظات في أون تي في إبان ثورة ٢٥ يناير وشاركت في تأسيس وكالة أونا الإخبارية.. عملت كرئيس تحرير ومدير لموقع دوت مصر ثم رئيس لمجلس إدارة موقع المولد والميزان.. صاحبة بودكاست يوميات واحدة ست المهموم بالحرية وإعادة تغيير مفاهيم خاطئة






ما هو انطباعك؟
أحببته
7
أحزنني
2
أعجبني
4
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان