أيها العالم الأول .. كم أنت قبيح وقذر
-
أسامة الشاذلي
كاتب صحفي وروائي مصري، كتب ٧ روايات وشارك في تأسيس عدة مواقع متخصصة معنية بالفن والمنوعات منها السينما وكسرة والمولد والميزان
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
عن نفسي لم أستطع الحياة خارج مصر بكل موبقاتها، عوضني دفء الأهل والأحبة عن الكثير من المساويء لكن ما يكشفه فيروس كورونا عما يطلقون عليه العالم الأول اعتبارا بأننا العالم الثالث يجعلني سعيدا أكثر بما شعرت.
في أسبانيا ترك العاملون في دور المسنين مرضاهم وعجائزهم وفروا بعيدا خوفا من المرض لتكتشف الشرطة الإسبانية بعد مرور شهر تقريبا ٢٢ جثة لمسن تم تركه دون رعاية حتى لاقى حتفه، تخيل معي عزيزي القاريء ما عاناه هذا العجوز حتى توفى، وتخيل معي لو كان موجودا بيننا ماذا كنا سنفعل معه، في العالم الثالث نجل الكبار ونرغب في ان يبقوا معنا حتى لو كانوا “عظما في قفة”
وفي رواية أخرى لطبيب فرنسي على قناة TV5 قال بالحرف :
“منذ بدأ إنتشار الفيروس وموت المرضى وأنا أشعر أنني في حاجة إلى الذهاب إلى طبيبٍ نفسي ولكني اليوم أحسست وكأنني أحترق من الداخل، لا أنا فعلاً أحترق من الداخل بعد أن توسل لي مريض وهو يحتضر أن يرى أبناءه للمرة الأخيرة وبعد إلحاحه وبكاءه استجبت أنا والطّاقم وبدأنا في تجهيز المكان حتى يتسنى للأبناء الدخول في أمان وبعد إتصالي بهم رفضوا أن يودّعوا أباهم خوفا من العدوى حتى أنني توسّلت لهم لكنّهم وبكلّ بساطة اغلقوا الهاتف في وجهي !
هُنا أحسست فعلياً أنني أشتعل ، انهرت ولم أعد أستطيع الذهاب إلى العمل و أنا اليوم أتابع جلسات العلاج مع طبيب نفسي وآخد دواءً قوياً فقط لأستطيع أن أنام دون سماع توسّلات من كانوا البارحة مرضى وهم اليوم موتى.”
في بلادنا المتخلفة في العالم الثالث سيأتي الأبناء لزيارة والدهم هذا إن تركوه في الأساس، يبدو أن شروط الانضمام للعالم الأول هي أن تفقد قلبك ومشاعرك وأن تنكر الجميع ولا تفكر إلا في نفسك، هذا ما تعلمه الدول المتقدمة لأبنائها، في الولايات المتحدة يطالب الحكام الذين ينتمون للحزب الجمهوري بالتخلص من الكبار لضمان تعافي الاقتصاد، أنت ومن بعدك الطوفان.
رغم أن طوفان كورونا كشف أنها دول من العالم الرابع تسرق سفن محملة بالكحول من الدول الفقيرة كما فعلت إيطاليا مع تونس أو تسرق بعضها البعض كما فعلت التشيك مع إيطاليا، بل أنهم ظلوا لعقود طويلة يسوقون لنا فكرة حقوق الإنسان لنكتشف في النهاية أن الأمريكي والإسباني والإيطالي والفرنسي لا يجد سريرا في مستشفى يحميه، بل ويطالب بعضهم مواطنيه بتسديد ثمن عودتهم للوطن.
عزيزي العالم الأول .. اتفو عليك
الكاتب
-
أسامة الشاذلي
كاتب صحفي وروائي مصري، كتب ٧ روايات وشارك في تأسيس عدة مواقع متخصصة معنية بالفن والمنوعات منها السينما وكسرة والمولد والميزان
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال