همتك نعدل الكفة
1٬006   مشاهدة  

إسود بس

إسود
  • شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال



العنوان ده موجع جدًا لكل إنسان إسود، لو مش واخد بالك تعالى شوف باقي “البَسَّات” المنتشرة على ألسنتنا وبتأكد مدى عنصرية مستخدمها، سِت.. بس جدعة، صعيدي.. بس بيفهم، فلاح.. بس نزيه، مسيحي.. بس محترم، فعزيزي اللي “كَرّْيَّت” الإعلان ده هو زي أي حد من مستخدمي الأمثلة السابقة، شخص عنصري.. بس مش واخد باله.

إسود

العنصرية/التمييز مُجَرَّمِين طبقًا للمادة 53 من الدستور، بس للأسف الموضوع مجتمعي أكتر منه قانوني، طبعًا التقنين عليه عامل كبير لكن ثقافة المجتمع تغييرها محتاج شغل كبير جدًا، عندنا مثلًا المخدرات ممنوعة قانونًا.. بس الإقبال عليها زي الفل والحرق شغال الله ينور.. وده ببساطة لأن ثقافة التعاطي منتشرة جدًا.

اقرأ أيضًا 
“ماري كوري”.. تحدت التفرقة العنصرية وصارت أول امرأة تحصد جائزة نوبل

كل نموذج من نماذج العنصرية سابقة الذِكر ليها سبب في ثقافتنا كمجتمع، العنصرة ع الستات سببها إننا مجتمع ذكوري بيعتنق ثقافة وأديان ليها نفس التوجه، العنصرة ع الصعايدة خصوصًا والأقاليم عمومًا سببه أن طول عمرنا وإحنا دولة مركزية، والعنصرة ع المسيحيين جذورها ترجع لدخول المسيحية لمصر أصلًا.. وتقريبا حالة الإضطهاد مستمرة من وقتها.

طب العنصرية ضد السود بقى مصدرها إيه؟؟

مبدئيًا العنصرة مش ضد السود بس.. إنما ضد الإسود كلون في حد ذاته، ودي حاجة مصدرها قديم جدًا في الوجدان الإنساني، الإسود هو الليل.. يعني اختفاء الشمس وسيطرة الضلمة، تصوروا الحالة دي وقت ما كنا بنتشألط في البراري من غير كهربا ولا حتى بيوت.. ويادوب كل قبيلة فيها كام نفر بيعرفوا يولعوا النار.

إسود

الرعب من الضلمة نتج عنه حاجتين.. تقديس مصادر الضوء وأهمها الشمس، وتقريبًا كده مافيش حضارة من الحضارات القديمة إلا وكانت بتقدس الشمس.

رع هو إله الشمس عند المصريين القدماء، وإخناتون لما حب يغير أختار آتون بس برضه كان يرمز للشمس، في فارس والهند هنلاقي الإله ميثرا، وعند السومرين الإله أوتو، البابليين والآشوريين عندهم الإله شماش، (سول إنفكتوس) (Sol Invictus) بمعنى إله الشمس الذي لا يقهر.. عند الدولة الرومانية، أماتيراسو 天照هي آلهة الشمس في اليابان القديمة.

قصاد الأتفاق على تقديس الشمس/الضوء انتشر التشاؤم من العتمة/السواد، فبقى عندنا التعبير عن اليوم السئ إنه ماطلعتلهوش شمس.. أو يوم إسود، وهنا المقصد إنه مُعتم. مفهوم أن الأزمان دي ماكنش فيه لغات من المستخدمة حاليًا، لكن المعاني تعيش رغم تبدل اللغات.

كل الأديان الكبرى ظهرت قبل اختراع الكهربا، صحيح كان الإنسان سيطر على النار بشكل كبير بس لا ده خلص تمامًا على أهمية الشمس والخوف من الليل.. ولا كمان التاريخ الطويل من تقديس الشمس هيختفي من الوجدان الإنساني بضغطة زر.

هنلاقي في الأديان الإبراهيمية النور/الشمس/القمر ليهم حضور مهم بشكل أو بآخر، في نفس الوقت فيه ترسيخ للتشاؤم من العتمة/الظلمة/السواد من الناحية التانية.

في اليهودية، هنلاقي نماذج كتير في التوراة ترمز للرب/يهوه بوصفه هو النور:

(اَلرَّبُّ نُورِي وَخَلاَصِي، مِمَّنْ أَخَافُ؟ الرَّبُّ حِصْنُ حَيَاتِي، مِمَّنْ أَرْتَعِبُ؟) (مزمور 1:27)

بالمقابل هنلاقي أن أصحاب اللون الإسود مبررة توراتيًا بلعنة حلت على جدهم الأكبر “حام ابن نوح”، لإنه شاف عورة أبوه وهو سكران.. على عكس أخواته “سام” و”يافث” اللي راحوا غطوا أبوهم، القصة اللي هنلاقيها تفصيلا في الإصحاح التاسع من سفر التكوين. وبالنظر للخريطة توزع أبناء نوح وانتشار سلالاتهم حسب التصور التوراتي هنلاقي أن الحاميين (أبناء حام) هم سكان قارتنا السوداء.

إسود

في المسيحية هنلاقي الكتاب الإنجيل بيتكلم عن الرب/المسيح/يسوع بوصفه “نور العالم” ومخلصه من الظلام.

(ثُمَّ كَلَّمَهُمْ يَسُوعُ أَيْضًا قَائِلًا: أَنَا هُوَ نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فَلاَ يَمْشِي فِي الظُّلْمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ). (يوحنا 12:8).

(أَنَا قَدْ جِئْتُ نُورًا إِلَى الْعَالَمِ، حَتَّى كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِي لاَ يَمْكُثُ فِي الظُّلْمَةِ). (يوحنا 46:12)

(وَلاَ يَكُونُ لَيْلٌ هُنَاكَ، وَلاَ يَحْتَاجُونَ إِلَى سِرَاجٍ أَوْ نُورِ شَمْسٍ، لأَنَّ الرَّبَّ الإِلهَ يُنِيرُ عَلَيْهِمْ، وَهُمْ سَيَمْلِكُونَ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ). (رؤيا يوحنا 5:22)

(لأَنْ هكَذَا أَوْصَانَا الرَّبُّ: قَدْ أَقَمْتُكَ نُورًا لِلأُمَمِ، لِتَكُونَ أَنْتَ خَلاَصًا إِلَى أَقْصَى الأَرْضِ). (أعمال الرسل 47:13)

(جَمِيعُكُمْ أَبْنَاءُ نُورٍ وَأَبْنَاءُ نَهَارٍ. لَسْنَا مِنْ لَيْل وَلاَ ظُلْمَةٍ). (تسالونيكي 5:5)

ولو بحثنا بتأني كده هنلاقي أن فيه حاجات كتير في تفاصيل المسيحية تربط المسيح/الرب بالشمس نفسها، زي يوم ميلاده وموته وفترة بقاءه في القبر ثم تاريخ قيامه من الموت، كلها تواريخ ثابتة لتغير موقع الشمس بالنسبة للأرض.

وطبعًا من المعروف أن المسيحية متكئة على اليهودية بشكل كبير، فبتعتبر التوراة جزء من كتابها المقدس اللي بينقسم لقسمين رئيسيين.. العهد القديم “التوراة” والعهد الجديد “الأناجيل”.

الأمر اللي ترجمه الاحتلال الأوروبي لأفريقيا باستعباد السود وما تبقى من السكان الأصليين لأمريكا بوصفهم أبناء “حام” الملعون في الكتاب المقدس بسواد وشه واستعباد عياله.

إقرأ أيضا
شد الرحال

إسود

الإسلام كمان مابعدش عن الحتة دي، فالله هو نور السموات والأرض.. حسب الآية 35 من سورة النور:

(اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ۖ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ ۖ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ ۚ نُورٌ عَلَىٰ نُورٍ ۗ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ ۚ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ).

(اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ۗ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ). (257- البقرة)

كمان في استخدام القرآن سواد الوجوه في الإشارة لسوء المآل، زي ما ورد في الآية 106 من سورة آل عمران:

(يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ۚ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ).

وهو نفس الدلالة اللي حملتها الضلمة في الآية 27 من سورة يونس:

(وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ۖ مَّا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ ۖ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِّنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا ۚ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ).

أيام ما كنت مواظب ع الدروس الدينية في جوامع الجمعية الشرعية، أتحفنا الشيخ بحديث منسوب للنبي، أخرجه البخاري في صحيحه من حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله: (اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة).

الشيخ قال الحديث وهو بيخبط على كتفي، وكل الحضور هللوا وكبروا كأن اللي بيتقال ده ثناء عليا أو حاجة حلوة في حقي، بس أنا وقتها حسيت نفس إحساسي النهارده لما شوفت الإعلان ده.

إسود

الكاتب

  • إسود رامي يحيى

    شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
4
أحزنني
4
أعجبني
5
أغضبني
1
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان