إعجاز “نوران أبو طالب” والخيط الرفيع بين العمق والادعاء
-
محمد عطية
ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
اكتسبت المطربة نوران أبو طالب شهرتها من استعادة بعض الأغنيات الشهيرة صحبة عازف الباص جيتار “سامر جورج”، تلك الاستعادات نجحت بشكل كبير على مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات الفيديوهات القصيرة لأنها منصات مضمونة جدًا لتحقيق قدر كافي من الشهرة لأي فنان حتى لو امتلك قدر ضئيل من الموهبة.
في أغلب تلك الاستعادات يبدو أن صوت نوران بحاجة إلى تدريب أكثر حيث تشعر بالاصطناع في أدائها وصوتها الذي يبدو مستعارًا في بعض الأغاني مما يجعلك تعود سريعًا إلى الأغنية الأصلية ويكفي أن تمر على أغنيات مثل “يا غالي” و”بحلم معاك” و”شبابيك” لتدرك الهوة التي في صوتها.
نجاح تلك الاستعادات ببساطة يمكن تلخيصه في أن المستمع هرب إليها بسبب تكلس أغنية البوب المصرية التي تكافح كي تجد مكانًا وسط زحمة المشهد بالمهرجانات والراب والتراب بالإضافة إلى ذكائها في اختيار أغاني تحمل ذكريات طيبة لدى المستمع واللعب على وتر النوستالجيا الذي دائمًا ما ينجح مع الجمهور بالإضافة إلي مظهرها المحافظ الذي وضعها في تصنيف خاص.
هذا النجاح شجعها على إطلاق أولى أغنيات ألبومها الجديد “إعجاز” تلك الأغنية التي كتب كلماتها ندى الشبراوى ووضع لحنها سامر جورج بالإشتراك مع نوران وتوزيع موسيقي لـ ماهر الملاخ.
الكلمات:
كلمات ندى الشبراوى لا تلمح فيها فكرة بعينها، مجرد كلمات مرصوصة بشكل براق لامع لكنه مزيف حاول أن يلامس العمق بالدوران في فلك المضامين الإنسانية لكن لم تستطع التعبير عن الفكرة التي قصدتها بداية من إختيار عنوان الأغنية “إعجاز” والذي لا تعرف ما هو الإعجاز أن في ناس بتلاقي ناس والعين بتشوف العين ثم إزاي بنعيش نفس الإحساس؟ وهو سؤال مبهم هل تقصد أن نفس الناس بتعيش نفس الحالة؟
“إعجاز ازاي الناس بتلاقي الناس من وسط وشوش وقلوب ملايين وازاي ازاي العين بتشوف العين وإزاي بنعيش نفس الإحساس”
في سينيو الأغنية دخلنا في طلاسم جديدة
دايرة كل الخلق فيها بتعاندها وتجاريها والكلام دايما عليها
لقطة زي الفيلم حاصلة واصلة قلب الناس بوصلة
رابطة كل الناس بخيط.
ثم تقفل الأغنية على أكثر مقطع متماسك في الكلمات كله
معقول الصدفة بتفتح باب مقفول
لا حواجز ولّا حدود وبلاد معقول
منغير ترتيب لمكان وميعاد
يتلاقوا الناس والهم يزول
الكلمات حاولت أن تضفي عمقًا وبعدًا إنسانيًا دون التعبير عنه فخرجت الأغنية أشبه بالطلاسم وبالطبع الجمهور لا يدقق في تلك الأمور فقط أدخله في الأجواء وسيجد نفسه متأثرًا حتى لو لم يفهم من الكلمات شئ.
الموسيقى:
على مقام العجم “الماجير” صيغ اللحن من فكرتين بالعدد الأولى في المذهب والثانية في السينيو وتتكرر الفكرة الأولى في المقطع الأخير.
التنفيذ الموسيقي جاء جيدًا من ماهر الملاخ حيث بدأت الموسيقى بشكل تصاعدي من البيانو الذي عزف جملة تمهيدية تزحف خلفها الوتريات الكيبوردية مع الجيتار الأكوستيك حتى تسليم الغناء.
بداية الغناء أخذت نوران مساحة جيدة للتعبير بصوتها رغم عدم تماسك جملة اللحن الافتتاحية والتي ستعاود تكرارها بمصاحبة الإيقاع،جملة الفاصل مستنسخة بالكامل من نفس جملة السينيو وفي المقطع الأخير يعاد تكرار نفس ماحدث في المقدمة، أفضل ما في الموسيقى هو جمل الهارموني المصاحبة لقفلة اللحن والكوردات المصاحبة التي اعطت دسامة لـ لحن الأغنية الضعيف.
في النهاية حاولت نوران قدر المستطاع أن تبتعد عن فلك الأغاني العاطفية وأن تبني لنفسها مسارًا مختلفًا عن أغاني البوب التقليدية لكنها وقعت في فخ الكلمات الملفقة ويجب أن تدرك أن هناك خيطًا رفيعًا بين العمق وبين الادعاء.
الصدفة والتحرر عناوين عالم داوود عبد السيد الساحر
الكاتب
-
محمد عطية
ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال