إلى الفنان أمير طعيمة: لولا رأي الجمهور لما أصبحت فنانًا .. تخيل؟!
-
عمرو شاهين
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
عالم السوشيال ميديا عالم عجيب، تصل فيه إلى كل من تريد من بشر سواء كانوا مشاهير أو غير مشاهير، وفي المقابل يتفاعل فيه المشاهير مع الجمهور بعيدا عن أعمالهم الفنية، فترى طريقة تفكيرهم وآرائهم في العديد من جوانب الحياة، تلك الآراء التي قد تجعلك أحيانا تضحك بشدة أحيانا من خفة دمها، وأحيانا من مفارقتها.
بالأمس خرج علينا الشاعر الغنائي أمير طعيمة ليقول عبر تويتر أن ليس على المشاهد أن يحلل ويفند كل شاردة وواردة في العمل الدرامي الذي يتابعه، فإذا لم يعجبه العمل عليه فقط عدم مشاهدته، وكالعادة هو قول حق يراد به باطل، حرية اختيار ما تشاهد هي حق أصيل لكل كائن حي، تمامًا مثل حرية انتقاد ما نشاهده.
ربما سقط سهوًا عن الشاعر الغنائي أن الفن علاقة تبادلية تقع في الأساس بين طرفين، فنان ومتلقي، يتحاور الفنان مع المتلقي من خلال ما يقدم من أعمال له، بينما يرد المتلقي على الفنان من خلال رأيه في هذه الأعمال، والآراء قد تكون انطباعية كأغلب آراء الجمهور أو آراء متخصصة تصدر من نقاد، أما يريده الفنان أمير طعيمة هو أن يقدم فن لبشر لا ينتقدون ولا يحللون، كمدرس في حصة داخل مدرسة حكومية يقدم منهجًا ما، فإذا كان الحصة ثقيلة الظل على قلب الطلاب زوغوا من الحصة أو لم يحضروا المحاضرة ففي نهاية الأمر لا توجد درجات على الحضور والغياب والأمر ليس امتحان كما تفضل سيادته وذكر.
نعم لن يمتحن الجمهور في المسلسلات، والحقيقة أنهم ليسوا في موضع امتحان أبدا، بل للأمانة يكون الفنان دائما في وضع الامتحان، كلما قدم عمل فني فهو في امتحان، ويتمنى أن ينجح فيه، وتخيل ان المسئول عن نجاح ورسوب أي فنان هو الجمهور، كيف؟ من خلال رأيه وتحليله للعمل الفني وتفاعله معه، سواء أعجبه أو أغضبه أو لم يعير له انتباهًا من الأساس.
اقرأ أيضًا
الجمهور عاوز كده
قصر دور الجمهور على اختيار ما يشاهد فقط، دونما أن يتفاعل، هو قتل للفن نفسه، تخيل أنك تقدم عملًا فنيا، لا يتفاعل معه أحد، يختار البعض أن يشاهده ويختار الأخرون عدم مشاهدته، وتقف أن حائرًا تتسأل كمبدع لماذا لم يشاهده هؤلاء، تظل تسأل ولا تجد أي إجابة، فتقدم عمل أخر، وكل ما تجنيه وتربحه نسب مشاهدة مصمته، لا تبين لماذا يشاهد أو لا يشاهد عملك، ستظل طيلة الوقت ترتكب نفس الأخطاء، تكرر نفس المشكلات، وتتفاقم الأخطاء والمشكلات، والجمهور يشاهد ولا يعلق سلبا أو إيجابًا لأنه وفق لكلام طعيمة “مش هيمتحن في المسلسل” فما هي النتيجة؟!
النتيجة ببساطة هي تقديم فن ميت لا يتطور ولا يتغير ولا يتقدم، دونما أراء الجمهور والنقاد لما تطور أي نوع من أنواع الفن، دونما هذا الحوار المتصل بين الجمهور والفنان “يا فنان” لما تغير شكل الغناء، ولما كنت ظهرت علينا لتكتب أغنيات بهذا الشكل، لكنا مازلنا نعيش في زمن الدور والطقطوقة ولما تطورت الموسيقى أو عرفتم حتى فن التوزيع الموسيقى، لما ظهر استخدام مختلف للآلات الموسيقية، دونما رأي الجمهور لكنت مازلت أنت يا أمير طعيمة مجرد واحد من الجمهور، وهناك شخص أخر يطلب منك الاكتفاء بمشاهدة ما تحب دونما أن تقول رأيك، فهل أدركت الآن أن وجودك على الساحة الفنية الفضل فيه فقط لجمهور ونقاد يحللون ويناقشون كل شاردة وواردة في العمل الفني؟ فلولا نحن ما كنت أنت.
الكاتب
-
عمرو شاهين
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال