إلياس مؤدب إبن طنطا الذي رفض الهجرة لإسرائيل رغم اتهامه بالجاسوسية
-
نيرفانا سامي
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
إلياس مؤدب الشخصية الشامية خفيفة الظل التي ظهرت في أفلام الأبيض والأسود وكان واحدة من أهم (السنيده) لكبار النجوم الكوميديين وعلى راسهم الأسطورة إسماعيل يس، ورغم ان هذه الموهبة الكبيرة لم يتم استغلالها وتقديمها بطريقة جيدة تتيح لها تقديم كل ما في حقيبته من موهبة، إلا أنه استطاع أن يترك وراءه بصمة مهمة في تاريخ السينما المصرية.
نشأة وهوية إلياس مؤدب
رغم أنه ظهر في أغلب الأعمال السينمائية بشخصية رجل شامي، إلا أنه في الحقيقة مصري من مواليد مدينة طنطا في محافظة الغربية، ولكن سر إتقانه للهجة الشامية هو ان والده كان رجل سوري الأصل حصل على الجنسية المصرية ويهودي الديانة، ووالدته سيدة مصرية يهودية الديانة أصلاً، وولد إلياس في عام 1916 لهذه الأسرة اليهودية متوسطة الحال وكان يعمل والده في مهنة تصليح الساعات.
ولكن الأسرة انتقلت إلى العيش في القاهرة عندما بلغ إلياس عامة الرابع، ولكن رغم الحالة الاجتماعية المتوسطة للأسرة تعلم في مدرسة الليسيه الفرنسية وخلال هذه الفترة كان يعمل مع والده في محل لتصليح الساعات في العتبة.
عالم الفن الذي جذب إلياس مؤدب
بسبب قرب مكان إقامة عائلة إلياس في حي الضاهر بالقرب من شارع عماد الدين-مقر الفنون في ذلك الوقت- أحب مؤدب الفن وواظب على العروض المسرحية، وفي عام 1932 قرر الدخول إلى عالم الفن من خلال تقديم لون جديد من المونولوجات وهو المنولوج الفرنسي في ملهى (الأوبرج) وذاع صيته في شارع عماد الدين حتى شاهده المخرج بشارة وكيم والفنان إسماعيل يس في ذلك الوقت، وأتايحة له فرصة للعمل في فرقة ببا عز الدين وكانت هذه الفرقة من اشهر فرق شارع عماد الدين في ذلك الوقت، وأنطلق بعد ذلك إلياس وعمل في العديد من الملاهي الليلة.
إلياس مؤدب ودخول عالم السينما
في إحد الأيام ذهب المخرج الكبير ومكتشف المواهب في ذلك الوقت حسن الإمام إلى إحدى ملاهي شارع عماد الدين، وعن طريق الصدفة كان إلياس مؤدب يقدم مونولوج في هذا المكان يجمع بين اللغات الثلاثة (العربية والفرنسية والإنجليزية) وأعجب حسن الإمام بهذه الموهبة الفريدة من نوعها، وبالفعل قدمه حسن الإمام في عام 1947 للسينما المصرية من خلال فيلم (الستات عفاريت) مع ليلى فوزي وإسماعيل يس ومحمود المليجي وزينات صدقي، وعلى مدار رحلته الفنية قدم إلياس مؤدب 20 فيلم سينمائي شارك في أغلبهم الفنان إسماعيل يس صديقه المقرب.
إتهام إلياس مؤدب بالجاسوسية
كان عام 1948 هو عام أسود على كل يهود مصر بسبب إعلان دولة إسرائيل، ولم تنتظر أصابع الإتهام من الإشارة لليهود المصريين كونهم جواسيس لصالح هذا الكيان والدليل الوحيد على ذلك أن قوام هذا الكيان هم أصحاب الديانة اليهودية في كل العالم، وبالتأكيد لم يسلم إلياس مؤدب مثله مثل الأخرين من هذا الإتهام.
ولكن مؤدب أعلن من اللحظة الأولى بأنه مصري الجنسية ولا يعرف بلد سواها، وكذلك رفض بشكل تام السفر إسرائيل كما فعل أيضاً في نفس الوقت الممثل شالوم وغيرهم من يهود مصر، ورغم إعلان موقفه لم يسلم إلياس من الإتهامات بالتجسس، وبالفعل في عام 1952 تم إلقاء القبض عليه والتحقيق معه بتهمة الجاسوسية، وللأسف لم يستطيع مؤدب الإندماج مرة أخرى في مجتمعه بعد هذا التحقيق وحزن حزن كبيرة جعله يترك مصر ويذهب إلى الشام ويتوفى بعد أقل من شهرين في 28 مايو عام 1952.
الكاتب
-
نيرفانا سامي
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال