همتك نعدل الكفة
818   مشاهدة  

اختفاء المنور من بيوت المصريين.. ما الذي تغير؟

المنور
  • صحفية استقصائية وباحثة في شؤون الشرق الأوسط، نشأت تحت مظلة "روزاليوسف" وعملت في مجلة "صباح الخير" لسنوات.

    كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال



ما الذي تغير في بيوت المصريين؟ أين اختفت الأشجار، الحدائق، التراسات الفسيحة، الأسطح المزروعة، السماء المحجوبة بكتل خرسانية، وأخيرًا المنور؟ أسئلة كثيرة ربما لا يجد المواطن العادي متسعًا في زحام يومه ليطرحها، المواطن نفسه الذي أصبح يشعر بالاختناق في الشوارع التي كانت يومًا ما مفتوحة، ليهرب منها إلى اختناق آخر داخل البيوت المطلة على بيوت أخرى والمحرومة من المنور- الرئة التي تتنفس بها-. 

لم يعد هناك متنفس ولو بسيط بعد اختفاء المنور من حياة المصريين، الفضاء الواسع الذي لم يكن أحد يلتفت إليه أو حتى يدرك قيمته سرق منهم دون أن يدرك أحد أو حتى يشعر بغيابه. عشرات الإعلانات العقارية تعرض بضاعتها دون الاهتمام بذكر المنور. ولم لا؟ فالزبون نفسه لن يسأل ولن يتكبد مشقة البحث عن مسكن أعلى قيمة لمجرد حصوله على قطعة أرض فضاء لن ينتفع بها.

لكن ما لا يدركه هؤلاء أن مسكن بلا منور عبارة عن إنسان بلا رئة سيقاوم بضعة دقائق ثم يموت، أو كوكب بلا أكسجين لا يصلح لإقامة حياة.

لماذا تحتاج البيوت إلى مناور؟

المنور
منور قديم مزود بسلم داخلي (سلم الخدم)

ما يطلق عليه البعض إعمار سلب من حياة المصريين العديد من الأشياء دون أن يشعر أحد، وعلى رأسهم المنور الذي كان في وقت ما فضاء واسع تطل عليه الحمامات والمطابخ وبالطبع سلم الخدم. لكنه لم يكن النوع الوحيد من المناور المعتادة في البيوت، فقد أوضح المهندس محمد عبد الرحمن للميزان ثلاثة أنواع مختلفة لكل منها غرض واستخدام. أشهرهم “الخدمي” المعروف بأهميته في تهوية مطابخ وحمامات وسلالم البناء السكني، وهي أماكن دائمة الرطوبة ومعرضة لدرجات حرارة عالية تجعل منها بيئة خصبة لتكاثر البكتيريا، مما يشير إلى أهمية التهوية وضوء الشمس بالنسبة لصحة قاطنيها.

أمَّا ما يعرفه المختصون باسم “المنور السكني” فهو المساحة المخصصة لتهوية غرف النوم أو المكاتب في حالة المباني التجارية، ولا يمكن الاستغناء عنه للحفاظ على أماكن النوم مهواة ومعرضة للشمس باستمرار. وإضافةً إلى توفيره لضوء طبيعي خلال النهار، فهو أساسي لحماية الأسِرَّة والغرف الداخلية من الحشرات، كما يوفر لها تطهيرًا طبيعيًا بشكل يومي.

أخيرًا “منور الجيب” الذي يوضع داخل تصميم البنايات في حالات خاصة، فقط عند وجود غرف محرومة من النوافذ الخارجية أو الداخلية. عندما يواجه المهندس المعماري مثل هذه المشكلة لا يمكنه ترك الغرفة مغلقة تمامًا ببساطة، بل يضطر إلى إنشاء جيب مخصص لتهوية تلك الأماكن على واجهة المبنى.

مخالفات بالجملة والضحية صحة السكان

شارع العشرين فيصل
مبانٍ سكنية

وعلى الرغم من أن قانون البناء الموحد الصادر عام 2020م ينص على عدم جواز تشييد أي بناية جديدة بدون مناور لها مواصفات معينة، إلا أن جميع العمارات والأبراج السكنية المشيدة حديثًا محرومة من وجود منور حقيقي. حيث أوضح م. عبد الرحمن أن المقاولين وأصحاب البنايات الجديدة لا يقبلون إهدار مساحة أكثر من متر × متر مخصصة للمناور؛ لأن المشتري لن يلتفت إلا إلى مساحة الشقة نفسها وبالتالي الأمتار الزيادة المستخدمة في المنور لن ترفع قيمتها.

القوانين الصارمة التي ينص عليها البناء الموحد تشترط وجود منور سكني أقل ضلع فيه 3 متر، وآخر خدمي مساحته 7.5 متر مربع لمبنى ارتفاعه 9 أمتار فقط، ويزيد مع كل 10 متر ارتفاع زيادة، مساحة قدرها 2.5 متر مربع. ومع ذلك، تستمر المباني الجديدة منعدمة التهوية والتشميس في التزايد؛ لأن صاحب الملك يفضِّل استثمار تلك المساحة على حساب صحة السكان، ودفع مبلغ التصالح الذي هو أقل من خسائر تنفيذ القانون.

إقرأ أيضا
المهندسة

جريمة ترتكب في حق السكان بشكل مستمر، تضر بصحتهم وحياتهم وبيوتهم، والمتهم هنا ليس جشع المقاولين وأصحاب العمارات فقط، بل الساكن نفسه الذي لم يشغل عقله بالتفكير في أهمية ما يستغني عنه مقابل بحثه عن السعر الأرخص.

الكاتب

  • المنور إسراء أبوبكر

    صحفية استقصائية وباحثة في شؤون الشرق الأوسط، نشأت تحت مظلة "روزاليوسف" وعملت في مجلة "صباح الخير" لسنوات.

    كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
1
أحزنني
1
أعجبني
1
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
1


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان