اعترافات ضابط قوات مسلحة بجرائم حرب في سيناء
-
أسامة الشاذلي
كاتب صحفي وروائي مصري، كتب ٧ روايات وشارك في تأسيس عدة مواقع متخصصة معنية بالفن والمنوعات منها السينما وكسرة والمولد والميزان
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
جرائم حرب.. سمعت هذا المصطلح في اتهام الجيش المصري ولم أتوقف عن الضحك من هذا الاتهام الساذج، استرجعت ذكرياتي
تخرجت من الكلية الحربية سنة ١٩٩٤، وكانت أول مشاريعي التكتيكية هو مشروع لعبور أول لواء مدرع وتنفيذ عملية دفاعية تصل حتى منطقة المضايق ، كنت ملازما صغيرا يتحسس طريقه نحود باباته الإم ١ إيه ١، خائفا من الحركة داخل تلك الأرض المقدسة، تلك الأراضي التلي غسلتها دماء المئات من زملائي قادة وجنود منذ ٥٦ وحتى الأن.
ولكوني ضابط أطأ أرض سيناء بقدمي للمرة الأولى جلس معي النقيب قائد السرية ومع السرية بأكملها ضباطا وصف جنود ليعطينا تعليمات التعامل مع أهل سيناء، حيث كانت التعليمات مشددة بحسن المعاملة وعدم التعدي على أراضيهم والإستئذان قبل عبور مناطقهم المسكونة، كنا زوارا لا نرغب في أن نزعج أهل المكان، وكانوا أهلا عن حق يقابلوننا بالابتسامة ولا يتأخرون أبدا عن مد يد العون إاذا اقتضت الحاجة.
بعدها بحوالي ٥ سنوات بعدما حصلت على رتبة نقيب كنت مكلفا بمأمورية للقضاء على الزراعات المخدرة في سيناء، ركبت الطائرة الهليوكوبتر وقمنا بتحديد إحداثيات المناطق المزروعة بالبانجو وفي اليوم التالي تحركنا بالقوة تحملها عربات “البيجاسو” لإشعال النار في تلك المزارع، استقبلنا أصحاب المزارع بطلقتين في الهواء وعندما واصلنا التقدم انسحبوا في الهدوء.
أشار قائد المأمورية لكل الضباط بعدم المطاردة حرصا على أمن أهل المكان، أشعلنا النيران وقضينا على الزراعات المخدرة ورحلنا تصبحنا دعوات الأغلبية بالقضاء على تلك الزراعة.
قابلت الرجال – صف الضباط – الذين خدمت معهم في الـ١٨ يوما في ميدان التحرير سألتهم عن إمكانية إطلاق النار على المتظاهرين، هتفوا جميعا دون تفكير ” كيف نطلق النار ضد أهلنا؟”، ذلك ما تعلمناه وأتمنا بيه وأقسمنا عليه في الجيش المصري، حماية الأرض والأهل والعرض.
وتصاعد الصراع في سيناء بعد الموجة الثورية الأخيرة في ٣٠ يونيو ٢٠١٣ بعدما ثار الشعب وطالب بعزل الرئيس المعزول محمد مرسي.
وتقول هيومن رايتس ووتش، إن عشرات الآلاف من سكان شمال سيناء الذين يقدر عددهم بنصف مليون نسمة أجبروا على ترك ديارهم أو فروا منها بينما ألقي القبض على آلاف واحتجز مئات سراً.
وفي فبراير ٢٠١٨، شنت قوات الأمن عملية في شمال سيناء نالت تغطية إعلامية واسعة واستهدفت متشددين موالين لـ”داعش” وأدت إلى تدمير منازل وأراض زراعية على الحدود مع قطاع غزة وحول مدينة العريش.
ونفى الجيش المصري القيام بعمليات هدم واسعة في شمال سيناء وقال إن القوات المسلحة تعمل في إطار قانوني لإنشاء مناطق عازلة لتعزيز الأمن، وأضاف أنه تم تعويض السكان النازحين.
لكن فيما يبدو أن منظمة حقوق الإنسان حزينة على تلك الحرب ضد الدواعش في سيناء الحرب التي فقدنا فيها أحمد منسي ورفاقه، الحرب التي فقدت فيها شخصيا أخ لزوج ابنة أختي، ضابطا في القوات البحرية الخاصة قتله الدواعش قبل أ، يتم عامه السادس والعشرين.
بعد عقود احترمنا فيها أهل سيناء وقدرناهم اعتزازا بهم وبما فعلوه في حرب أكتوبر تحاول هيومن رايتس أن تبث بذور الخلاف بين الجيش المصري الذي يحارب الإرهاب ويفقد يوميا شهداء في تلك الحرب وبين أهل سيناء الذين أعلنوا الحرب مع الجيش على الإرهاب.
أنا ضابط جيش سابق وخدمت في سيناء وأعترف أنني ارتكبت العديد من جرائم الحرب في جزء عزيز من وطني، قضيت ليالي ساهرا في خدمتي ونوبتجيتي، ساعدت جنودي على قراءة الأرض واستكشاف طبيعة طبوغرافيا سيناء.
ساعدت أهلها على الحركة والانتقال وقضينا ليالي سمر حول بعض علب الفول نضحك ونتبادل النكات لأننا ابناء شعب واحد.
“والله وحشتني سيناء وجرايم الحرب دي فيها”
الكاتب
-
أسامة الشاذلي
كاتب صحفي وروائي مصري، كتب ٧ روايات وشارك في تأسيس عدة مواقع متخصصة معنية بالفن والمنوعات منها السينما وكسرة والمولد والميزان
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال