همتك نعدل الكفة
2٬717   مشاهدة  

الآن أتحدث : متى حدثت أول حادثة تحرش .. وبماذا نفعوا القضاة الشرعيين

حادثة تحرش
  • إعلامية حرة، أسست شبكة مراسلي المحافظات في أون تي في إبان ثورة ٢٥ يناير وشاركت في تأسيس وكالة أونا الإخبارية.. عملت كرئيس تحرير ومدير لموقع دوت مصر ثم رئيس لمجلس إدارة موقع المولد والميزان.. صاحبة بودكاست يوميات واحدة ست المهموم بالحرية وإعادة تغيير مفاهيم خاطئة



استغرق الأمر أكثر من عقدين حتى يقود الفهم عندي الممارسة ويخرج إلى التطبيق بعدما تخلصت من قيودي المصنوعة من قواعد العيب التي وضعها الذكور لضبط الكون على مقاسهم الضيق الصغير والمحدود.

ربما أزعجك -إن كنت منهم- وصفي وتقديري المنخفض للذكور، حسنًا إذًا سأزعجك أكثر وأعدك أنني سأظل أزعجك حتى آخر يوم في عمري.

تابعت توافقًا بين السيدات حول آراء ياسر سلمي الباحث في التراث وخطيب بالأوقاف كما يعرف عن نفسه عبر حسابه على فيس بوك، ولأنه مُعمم فقد أحدثت آراءه دويًا رغم بديهيتها- حيث يمثل المرجعية الدينية – فتراه يؤكد على أن الأرجح والأصح أن تنادى المرأة باسمها مستشهدًا بالرسول عليه الصلاة والسلام وهو ينادي بعلو صوته من أعلى جبل الصفا ويقول “يا فاطمة بنت محمد اعملي فأنا لا أغني عنك شيئًا، يا صفية عمة رسول الله” فلما نخفي اسم المرأة ونناديها باسم الزوج أو الابن، يستنكر “سلمي”.

 

رفض الذكور من متابعي ياسر سلمي وجهة نظره، نعم أسموها وجهة نظر! وبرروا رفضهم بأن إخفاء اسم المرأة من العادات والتقاليد التي لا يودون تغييرها – انتبه! هنا لن يلتفتوا لسنة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام ولن يقتدوا به – وأكثر من ذلك فقد رأوا أن هذا العصر “السافل” لا يليق ولا يناسب أن يُكشف فيه عن اسم المرأة لحمايتها من السفلة، ربما قصدوا أنفسهم!

مجتمع يرفض ذكوره الكشف عن اسم زوجاتهم وبناتهم وأمهاتهم بمخالفة سنة نبينا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام وتفضيلًا للعادات والتقاليد بل ويرجحوها كنوع من القياس بتغير الزمن هل يمكن الوثوق بهم إذا ما انكشفت ساقي؟ هل أنا آمنة؟

 

نعود للباحث ياسر سلمي يقول بموضع آخر في ضرب المرأة لتأديبها ويستفيض في كونه رد فعل معنوي لا يذهب للإيذاء الجسدي بل بقصد به الزوج التعبير عن رفضه وغضبه من خطأ ارتكبته الزوجة بحقه، يقول ياسر سلمي أن الحق ذاته لدى المرأة في تأديب زوجها ولو لم يرد بنص الحديث واستشهد سلمي بالحديث الذي نحفظه عن ظهر قلب ” دخلت امرأة النار في هرة” إلى آخر الحديث، يقول هل ينجو الرجل من تعذيب الهرة أم تطبق عليه العقوبة ذاتها، فما ورد للرجل يطبق على المرأة والعكس بالعكس، ثم اردف أن رجال الدين قد رأوا أن تلجأ المرأة للقاضي الشرعي ليؤدب لها زوجها حال خطأه بحقها لأنها كائن رقيق وأضعف بنيانًا الخ.

 

الآن أصل إلى ما أريد قوله أن هذا القاضي الشرعي هو الولي الذي إن لجأت إليه شاكية من تحرش يضع اللوم علي وعلى ما أرتديه، وهو أيضًا الضابط بالمباحث الذي قيد شكوتي من سرقة الزوج بكونها خلافات زوجية ثم ضُبط بعد ذلك متلبسًا بقضية سرقة وفساد وفصل من عمله، وهو أيضًا الأخ الذي شهد انتهاكًا بحق شقيقته التي لم تنل حقها في اختيار ما تتعلمه ولم يحرك ساكنًا لأنه أخذ حقه كاملًا، وهو أيضًا الجالس على منصة الحكم بالأحوال الشخصية يمنح الفرصة تلو الأخرى ليبرئ الأب المتهرب من دفع مصروفات مدارس أولاده للسنة الخامسة على التوالي ومع كل حكم جديد بمصروفات جديدة يعطي القاضي نفسه الفرص نفسها رغم ادمان الأب على التهرب والكذب يدمن القاضي أيضًا على التواطؤ، لا أقل من أن يوصف بهذا الصف!

 

كانت أول حادثة تحرش تعرضت لها وأنا صغيرة في الصف الخامس الابتدائي من مدرب السباحة الذي كان يعلمني وشقيقي العوم مع مدرب آخر لتعليم الغطس بينما يجلس والدي يراقب بحرص بمحاذاة حمام السباحة، ورغم ذلك لم يستطع كشف فعل المتحرش، لم أفهم تصرف المدرب حينها لذلك كرهت التمرين ولكنني لم أمتنع عن الذهاب بل حاولت وقاية نفسي من المدرب بشكل فطري لم أفهمه حينها وبالطبع مثل قصص أخريات لم أخبر لا أمي ولا أبي بما حدث لأنني ببساطة لم أكن أفهمه لأصيغه، أحببت السباحة والغوص وخفت من الناس لفترة طويلة وكنت قد تعلمت السباحة وأجدتها قبل شقيقي ربما لأتخلص من اقتراب المدرب مني، لم أعرف!

 

المرة الثانية كانت أثناء أدائي للعمرة مع أهلي كنت أسعى بين الصفا والمروة البس العباية السوداء الواسعة، لا مستحضرات تجميل ولا عطور كنت لازلت طفلة لم تكمل عامها الثاني عشر لكن ذلك لم يكن ليحميني من تحرش جسدي من قبل المعتمرين الذكور، لم أذكر شيئًا عن ذلك أيضًا لأمي بل أخذت أسرع في السعي وأرسل نظرات حادة مهددة كل من يحاول أن يقترب.

 

أدركت مبكرًا أن الذكور أقل شأنًا من النساء وأنهم يدركون نقصهم وضآلتهم لذلك عكفوا على مدار التاريخ أن يزيفوا الوعي ويشوهوا الدين، يأخذون عنه ما يخدم مصالحهم ويطمسون الباقي حتى ظهر الدين من خلالهم ظالمًا معتديًا كارهًا للمرأة، ولما كنت شديدة الإيمان بالله الواحد العدل لم يكن صعبًا أن أدرك مبكرًا أن العيب فيهم ولم يكن صعبًا أيضًا أن أعطي ظهري لكل قاض شرعي وأن أستبدل مقاعد القضاة بعقلي، لكن قوة المجتمع الضاربة كانت ولا تزال لها الكثير من الأثر على الطريقة التي أعيش بها حياتي في العلن ، إما وقاية من أذى قد الاقيه في الشارع إن سرت وحدي، أو ادخارًا لوقت وجهد محدود لا يقوى دائمًا على المناهدة.

 

لكن الكيل طفح من استنفار الذكور أمام تحرر المرأة الحقيقي واستقلالها الاقتصادي وإدراك كثيرات من جيلي لحقوقهن وأصبح صوت الهمج البغيض وتهديدهم يشكل خطرًا حقيقيًا على البنات الصغيرات اللاتي يبدأن طريقهن في عالم غير آمن وغير عادل حتى من قبل الأهل.

نحن النساء الواعيات للخطر نتحمل مسئولية كبيرة في التصدي لمناصري الهمجية بأن لا نتراجع عن فعل ما نريد أو نحب خوفًا من وصم المجتمع وحكمه فإذا كان المجتمع ظالمًا إلى هذا الحد فلما نسعى للتوافق والاندماج معه، لم يعد ذلك صحيًا لا من الناحية النفسية ولا الاجتماعية بل أصبح خذلانًا ثمنه حقنا في الحياة وهو ثمن غالي لا يجوز أن ندفعه ومقابل لإرضاء شوية همج!

إلى جانب ذلك علينا استثمار القوانين قدر استطاعتنا والإعلان عن ذلك لنشر الوعي، لدينا قانون يعاقب المتحرش فعلينا التكاتف لعدم إفلات أي متعدي بجرمه، لدينا أيضًا قانون لمعاقبة المتحرشين لفظيًا والشتامين والمهددين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بهدف تخويفنا وقهرنا لمجرد كوننا ستات نرفض سلطتهم.

إقرأ أيضا
غزة

 

الحقيقة أن المرأة وهي الكائن الأقوى بيولوجيًا التي يهب الله عبر رحمها الحياة والذرية للبشرية جميعها قادرة على كل شيء يقدر عليه أي إنسان حتى ضرب الزوج لتأديبه إن كان هو أيضًا يؤدبها بيده والحقيقة أيضًا أن القوة تنبع من الداخل فقط ، يكفي أن تصدق المرأة أنه لا حق لمخلوق بالاعتداء عليها وإن كان زوجًا أو أخًا أو غيرهما، هنا لا أدعو المرأة لضرب زوجها بل أدعوها لتصديق قدرتها على ذلك وحقها في ذلك أيضًا فهذا اليقين كافيًا لردعه إن كان من النوع الذكر الذي نقصده، وإن أراد أن يجرب فله ذلك.

يا عزيزتي أحدثك عن تجربة أنت قادرة على دفاعك عن نفسك أو عن كرامتك ولن يمنعك لا حجمك الأصغر ولا رقة كفيك، ولا حتى أنوثتك ستتأثر بل أظنها ستلمع أكثر.

ستدركين حين توجهين صفعة للمجتمع الظالم أن كل ما نُسج عن ضعفك وعدم قدرتكم كان وهمًا صنعوه لحمايتهم لي أكثر، لقد تخفوا في هيئة القضاة الشرعيين غالبيتهم ذكور يدافعون عن بقائهم، آخرهم كان أصدقاء متهم بالاغتصاب لا ينكرون تهمته بل قالوا مدافعين عنه “واحد من مليون واحد بيغتصبوا بنات في مصر مش حتقلبوا عليه يعني والاغتصاب بقى يختفي”

 

لذلك لكل الهمج أقول اتركوا الدين على جنب قبل أن تكفروا الناس به وكفاكم تشويهه واجهونا برؤوس غير معممة، فنحن النساء نتعرض لظلم كبير في العالم وليس في مصر فقط ولا يشعر بخطورة ما نعانيه غير كل ست حرة وراجل بمفهومنا الشعبي للكلمة.

اقرأ أيضا

المثلية في بلاط الخلافة

الكاتب

  • حادثة تحرش رشا الشامي

    إعلامية حرة، أسست شبكة مراسلي المحافظات في أون تي في إبان ثورة ٢٥ يناير وشاركت في تأسيس وكالة أونا الإخبارية.. عملت كرئيس تحرير ومدير لموقع دوت مصر ثم رئيس لمجلس إدارة موقع المولد والميزان.. صاحبة بودكاست يوميات واحدة ست المهموم بالحرية وإعادة تغيير مفاهيم خاطئة






ما هو انطباعك؟
أحببته
7
أحزنني
0
أعجبني
7
أغضبني
0
هاهاها
1
واااو
3


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان