
رقص الأحزاب ودبلوماسية الرئيس!

-
مي محمد المرسي
مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
لو فكرت يومًا في كتابة سيناريو لمسرحية كوميدية عن الأحزاب السياسة في مصر، لن تجد أفضل من الواقع ذاته ليكون مصدر الإلهام. مشهد يتكرر كل مرة، وأبطال ليسوا معروفين، بل يظهرون ويختفون وفقًا لرغبات “الملحن السياسي البوهيمي الذي لا نعرفه مطلقًا”. لكن كلما حاولنا أن نفهم القصة أو حتى نتوقع النهاية، وجدنا أنفسنا عالقين في مشهد لا يبدأ ولا ينتهي.
خذ على سبيل المثال “الحزب المصري الديمقراطي”، الذي قرر في لحظة من اللحظات أن يقدم لنا أجندة عمل جديدة، بناءً على المستجدات الإقليمية، في وقت زيارة الرئيس الفرنسي ماكرون للقاهرة. توقعنا أن يكون هذا الحزب في صدارة الأحداث، لكنه فاجأنا بمؤتمر لا يتعدى عدد الحضور فيه أصابع اليد الواحدة من قياداته.
ولا ننسى أن هذا المؤتمر كان في توقيت حساس جدًا، فلو كان الحزب له تأثير فعلي، لكان يجب أن تكون هناك استراتيجية واضحة لدفع الأجندة إلى الأمام، لكن لا، تركونا نبحث عن رؤية سياسية وسط لافتات مكتوبة بالإنجليزية عن التهجير! إذا كان هذا الحزب لا يستطيع مخاطبة شعبه بلغته الأم، فكيف له أن يخاطب العالم؟ أم أنه يظن أن اللغة الإنجليزية هي مفتاح النجاح السياسي؟!

وفي تلك اللحظة، بدأت أسمع في ذهني كلمات الفنان أمير عيد في أغنيته “في عواجيز وسيقنا ف الحيطة ملبسنا”. كنت أظن أن هذه الأغنية لم تكن إلا مجرد ذاكرة حدثت وانتهت، لكن الآن أصبحت أشعر أنها تنطبق تمامًا على حال السياسة في مصر.
مفارقة خان الخليلي..أبطال في الصور
ثم، لتزيد الطين بلة، جاءت المفارقة التي أثبتت أن الواقع السياسي في مصر يشبه لعبة “لعب في الرمل” في الوقت الذي كان فيه الرئيسان ماكرون والسيسي يتجولان في حي خان الخليلي، كانت الصور تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي بسرعة البرق، وكأنهم اكتشفوا سر جديد للعلاقات الدبلوماسية.
شكراً لفخامة الرئيس @AlsisiOfficial وللشعب المصري على هذا الاستقبال الحار. هذه الحماسة، وهذه الأعلام، وهذه الطاقة التي تليق بخان الخليلي: تحية نابضة للصداقة التي تجمع بين مصر وفرنسا pic.twitter.com/RxcfJAYTDY
— Emmanuel Macron (@EmmanuelMacron) April 6, 2025
وكان هذا المشهد بسيطًا، ولكنه صادق وحقيقي، فالشعب الحقيق الذي يمتلك وطنية حقيقية تفاعل مع القادة بصدق وتصدرت الصحف العالمية. أما من الجهة الأخرى، فتجد أن الأحزاب السياسية كانت تحاول أن ترفع لافتات “لا للتهجير”، “لا للإبادة”، بحفل رقص أو مهرجان حزين، كأنهم كانوا يرقصون في وقت الحداد الفلسطيني. ويبدو أن أحدهم.
هذا المشهد الذي هدم كل ما يحاول الريس السيسي فعله في يومين وقد نجح فعلًا، لكن المشهد قد يُخفي لصورة المثلى للزيارة الأهم في العالم خلال اليومين الماضيين.
أحزاب بلا رؤية
لنأخذ خطوة إلى الوراء، ونتذكر تاريخ الأحزاب في مصر، والتي كانت في البداية تهدف لمقاومة الاستعمار ورفع الصوت المصري في الساحة الدولية. الآن، بعد أن مر الزمن، باتت تلك الأحزاب مجرد أدوات لحصد المقاعد في البرلمان دون أن تقدم أي فكرة حقيقية. لو تساءلنا اليوم عن الأحزاب التي قدمت خطة واضحة للانتخابات المقررة منتصف العام، سنجد أن الإجابة ستكون بمثابة تحدٍ: هل نعتبر الأحزاب التي تصطف في الانتخابات دون تقديم أي أفكار جديدة على أنها “قوة سياسية”؟ أم أنهم مجرد “أدوات تزين الواجهة وبألوان سيريالية”؟ نحن في مسرحية لا نعرف من سيؤدي الدور التالي.
100 حزب بلا قاعدة جماهيرية.. الأرقام بلا معنى
وفقًا لهيئة الاستعلامات، يوجد في مصر حوالي 100 حزب سياسي. لكن السؤال هنا: كم منهم يعرف الناس حقيقة عنهم؟ وكم منهم يقدم شيئًا ذا قيمة للمجتمع؟ لن أجيب على السؤال، بل سأتركه لكم، لكنني متأكد أنكم لو حاولتم أن تسردوا اسم حزب واحد يقدم خطة حقيقية، ستحتاجون إلى إجازة طويلة للبحث. فكل حزب لا يملك قاعدة جماهيرية حقيقية، بل إن وجودهم في الساحة السياسية يشبه وجود نجوم سينما في فيلم لا يوجد له نص.

الحقيقة أن الأحزاب السياسية في مصر لا تحتاج فقط إلى تغيير، بل إلى إعادة تعريف لما تعنيه الأحزاب السياسية في الواقع. هل يمكن لهذه الأحزاب أن تخرج من دائرة “التمثيل السياسي” إلى دائرة “العمل الفعلي”؟ الإجابة، كما في معظم الأفلام المصرية القديمة، تبقى غامضة. فهل سيتغير الحال؟ سنرى، لكنني متأكدة أن الشعب المصري سيظل يشاهد المسرحية، حتى وإن كانت مملة جدًا!
الكاتب
-
مي محمد المرسي
مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
ما هو انطباعك؟







