الإمام الثالث عشر للأزهر.. هرب من منصب المشيخة وأجبره محمد علي عليها
-
مي محمد المرسي
مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
بعد وفاة الشيخ عبد الله الشرقاوي، ترك فراغًا في مشيخة الأزهر، إلا أن الأنظار جميعها اتجهت صوب واحد من علماء عصره الزاهدين في المناصب العارفين بعلوم الدين.. الشيخ محمد الشنواني، العالم الذي أسَرّ والي مصر “محمد عليّ” على توليه المشيخة عقب هروبه وتنصله من حمل لواء الأزهر.
مولده ونشأته
لم تذكر كتب التراجم تاريخ مولده ونشأته في الطفولة، والمرجح أنه بسبب الظروف السياسية والاجتماعية التي كانت تعيشها مصر حينها، وعلى الأغلب نشأته لن تختلف كثيرًا عن بقية من عاصروه، فورد في كتاب “شيوخ الأزهر” أن الشيخ محمد بن علي بن منصور الشنواني، ينسب إلى قرية من قرى المنوفية تسمى شنوان الغرب، وهذه هي كل المعلومات التي وردت في حياته قبل الأزهر الشريف.
الشنواني والأزهر
التحق الإمام الثالث عشر بالأزهر الشريف، وتلقى علومه من صرف ونحو ومنطق وبلاغة وسائر العلوم الشرعية والعقلية الأخرى على يد جماعة من الأجلاء أمثال الشيخ الفرماوي، والشيخ الدردير، والشيخ الصعيدي، لكن الذي ولاه عناية خاصة كان الشيخ ” عيسى البراوي” حيث رأى فيه التواضع وبعده عن المظاهر الدنيوية الزائلة، بالإضافة إلى التزامه بدروس الشيخ مع سرعة حفظه وفطنته.
قناعة وزهد
عرف الشيخ محمد الشنواني بالتواضع ـ كما قلنا ـ فلم يلهث وراء المناصب وظهر ذلك جليّا حينما لم يسع للتدريس في الأزهر رُغم كفائته، لكنه فضل أن يبتعد عن المشاحنات والغيرة بين المشايخ في الأزهر وقنع بالتدريس في مسجد الفكهاني القريب من منزله، ومن هذا المكان أفاد طلبة العلم و وضعنه في منزلة عظيمة فكان لهم المثل والقدوة، يقول عنه الجبرتي : “هو شيخ الإسلام، وعمدة الأنام، الفقيه العلامة، والنحرير الفهامة الشيخ محمد الشنواني الأزهري الفقيه النحوي المعقولي ـ أي الذي درس علوم المنطق والجدل والفلسفة والميقات والحساب وغيرها من العلوم العقلية ـ .
توليه مشيخة الأزهر
قصة تولي الشيخ” الشنواني” مشيخة الأزهر عجيبة فكيف لرجل يرفض المناصب ويرفض التدريس بالأزهر أن يتولى المشيخة، الحكاية بدأت بعد وفاة الشيخ عبد الله الشرقاوي، اتجهت الأنظار نحو الشيخ الشنواني ليحل مكانه بـ المشيخة كونه شافعي المذهب من ناحية ومن ناحية لأخرى أعلم أهل زمانه بالإضافة إلى طلابه الذين يملؤون ربوع المحروسة .
ولمّا علم الشيخ “الشنواني ” بأمر المشيخة فرّ هاربًا من منزله، وظل قاضي البلاد يبحث عنه إلا أن جاءه الرسول بخبر تركه للبيت مع وجود رسالة تخص أمر حضوره، ففتح القاضي الرسالة أمام الجمع من العلماء وجهن بقراءتها، وهي تقول:” بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم، إنما لنا من المشيخة للشيخ بدوى الهيثمي .. ”
حدث بين جمع المشايخ الموجودون في منزل قاضي القضاة لغط كبير قال بعضهم : فيتحدث الشيخ الشنواني عن المشيخة، وهي لم تثبت له ليتنازل عنها لغيره، وقال آخر : لا تكون مشيخة الأزهر من لم يدرس في الجامع الأزهر، والشيخ الشنواني يدرس بالأزهر، وأدلى كل من المشايخ بدلوه في هذا الأمر، فتدخل القاضي لينهي هذه معركة الكلامية، فهدأ من روعهم، وسألهم : من ترضونه شيخًا للجامع الأزهر؟ أجمعوا على الشيخ “المهدي”، فوافق القاضي، وقام الجميع وصافحوا الشيخ المهدي بمنصبه الجديد، وقرأوا الفاتحة على ذلك .
أرسل القاضي إلى والي مصر “محمد علي” أمر اختيار الشيخ” المهدي” مشيخة الأزهر فرفض “محمد علي” ذلك الأمر لأنه كان يريد الاستقرار في المحروسة وقتها، وكان الشيخ المهدي صاحب تاريخ حافل في الزعامة الشعبية، ورأى في الشيخ” الشنواني” حلم الاستقرار في ربوع البلاد، فأمر بالبحث عنه إلا أن وجده في أحد الأماكن في مصر .
حضر الشيخ الشنواني مقر القلعة، وأمر محمد علي بإحضار مشايخ الأزهر إلى هنا طرح عليهم اسم الشنواني” فوافقوا عليه وهتفوا للشيخ الشنواني الذي لم يحفل بهذا وعاد إلى بيته المتواضع الذي لم يسع المهنئين فاستضافه السيد المحروقي في دار بان الزليجي بحارة خوشقدم، وأرسل إليه الطباخين والفراشين والأغنام والأرز والحطب والسمن والعسل والسكر والقهوة، والشربات، وماء الورد والبخور، لإكرام الإمام الثالث عشر للأزهر مع الموكب الرسمي الذي جاء به.
مؤلفات الإمام الثالث عشر للأزهر
وكانت للشيخ الشنواني مؤلفات عظيمة أفاد بها طلابه منها :
۱ – حاشية الشنواني على مختصر البخاري لابن أبي جمرة
۲ – حاشية على شرح الجوهري ( جوهرة التوحيد ) .
3 – الجواهر السنية بمواد خير البرية .
وفاته
أصيب الشيخ محمد الشنواني بالأنفلونزا فلازم بیته شهورًا طويلة من جراء هذه الإصابة إلا أن رحل إلى جوار ربه يوم الأربعاء ١٤ من المحرم عام 1233هـ وصلى عليه بالجامع الأزهر في مشهد حافل عظيم، ودفن بقراقة المجاورين.
الكاتب
-
مي محمد المرسي
مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال