البدري فرغلي .. الرجل الذي دافع عن أبي دائمًا

ببحة صوته المعروفة ، ولا مبالاته في الحق والحقيقة ، قال : “يا عم وائل .. فلوس المعاشات مسروقة ومش هنسيبها .. بقالهم 30 سنة بينهبوا في البلد..  كفاية .. حرام عليكم ” .. كان البدري فرغلي في لقاء تليفزيوني شهير مع الإعلامي وائل الإبراشي ، لقاء تابعه كل أصحاب قضايا المعاشات تقريبًا ،جلسوا يتابعون صديقهم الذي قرر أن يوهب نفسه للدفاع عنهم وعن قضاياهم وعن أحلامهم البسيطة ، والحقيقة أن هذا اللقاء لم يكن وليد يومًا أو لحظة ، بل عمرًا كاملًأ

 إذا قادتم قدميك لحزب التجمع ، ستلاحظ ملصق بالي “مخربش” على جدار المدخل الرئيسي لمبنى الحزب ،  يحتفل فيه الحزب بفوز أصحاب المعاشات بمعركة العلاوات الخمس ، معركة أشهر فيها البدري فرغلي سيف النضال السلمي ضد كل من وقف ضد أصحاب المعاشات ، واحدة من المعارك التي أشهر فيها البدري فرغلي سيفه ، معركة من المعارك التي كانت بمثابة حياة أو موت لفئة صامتة من فئات المجتمع ، فئة أكل الدهر عليها وشرب ، أصحاب المعاشات ، أبناء عبد الناصر الذين بنوا وأخطأوا وأصلحوا، أقاموا خير البلد الذي نسكن فيه ، قاوموا الصناعات الخارجية ، وناضلوا بسواعدهم من أجل رفعة الصناعة الوطنية ، ولم يكن صوت الحقيقة بالنسبة لهم متمثلًا إلا في البدري فرغلي .. البورسعيدي المناضل ، الفاجومي الذي قال كل ما في جوفه تحت مظلة الوطنية ، القوي الذي لم يهادن الفساد ولم تستطع الآلة الإعلامية المعادية اجتذابه ، الرجل الوطني الذي حافظ على سر البيت لكنه لم يرضى بتهميش فئة منه ، الذي سار على الدرب الصعيب لكنه أكمله حتى الرمق الأخير .. إنه البدري فرغلي .

وما نود أن ننقله حقيقة ، هو أن يعرف الجيل الجديد من هو البدري فرغلي حقًا ، ولم نجد توصيفًا أدق من أن هذا الرجل كان يدافع عن أباك ليل نهار تحت قبة البرلمان، وعلى الشاشات وأمام الميكرفونات ، وفي الخفاء وفي العلن ، وفي النقابات العمالية ، وفي الاعتصامات ، والوقفات الاحتجاجية الواضحة المعالم التي تطالب بطلب في صميم حق أصحاب المعاشات .. هذا الرجل دافع عن أبي وأبوك وأبائنا جميعًا ، كان حاملًا لهموم تلك الفئة عن قلب راض وسعي دؤوب .. رجل ترك المناصب لأصحابها ، ولم يأت نائبًا إلا لتحقيق ما تمنته العامل المكافح وصاحب مصلحة (أكل العيش) ، واحد ممن فهموا قضية الوطن جيدًا كوحيد حامد مثلًا في الدراما .. اشتبك مع مشكلات الوطن بلا خوف أو رضوخ لابتزاز ، بلا أقدام متأرجحة ، بلا ضبابية المشهد أو جهل الغاية أو خبث الوسيلة ، كان رجلًا أحبه أبوك أو قل كان الصديق الشهم للحاج ، بالأمس توفى البدري فرغلي ، وبكاه كل أصحاب الحقوق في هذا الوطن ، بكاه المكن الداير في المصانع الوطنية ، بكاه النضال الوطني الذي لم يقع بين الاختيارين الشهيرين : إدعاء الوطنية أو الوقوع تحت سيطة الإعلام المُعادِ .. توفى البدرى فرغلي .. لكن إرثه لم ينتقل معه .. أو إذا أردت توضيحًا بشكل أكبر لتعرف من توفى بالأمس .. اسأل عنه أباك .. ربما ستعرف سر نظرة حزنه بالأمس!

إقرأ أيضا

“فتح الأندلس” أخطاء أسطورية تحولت إلى “حقائق تاريخية”